مهاجرة سورية تبدأ حياة جديدة في ألمانيا بالزواج من ألماني بعد الانفصال من زوجها السوري..
في الشرق قد تتوقف الحياة عند تجربة طلاق للمرأة ، ولكن في دول المهجر مثل ألمانيا والسويد ، لا تنتهي الحياة بتجربة واحدة للمرأة ..هكذا تقول المهاجرة السورية “عهد” .
من جانب أخر كثيرا ما تشكل تربية الأبناء في ظل ثقافتين مختلفتين العربية الشرقية والأوروبية الغربية تحديا للآباء المهاجرين.
وفيما يخفق البعض في تحقيق التوازن بين الثقافتين، ينجح آخرون مثل المهاجرة السورية عهد وزوجها الألماني، فما سر هذا النجاح؟
“كوني صديقتهم المقربة”
هذه هي الوصفة السحرية التي تتبعها المهاجرة السورية عهد رايمر في تربية أبنائها في ألمانيا ومع زوجها فهي صديقة وزوجة وحبيبة ، ولم تبخل عهد عن أعطاء تجربتها للأمهات في المهجر والمطلقات ، خاصة من يعشن في بلاد المهجر مثل ألمانيا والسويد وهولندا .
عهد أم لطفلين، خالد (14عاما) ودينيز التي لم تكمل عامها الأول. وصلت عهد إلى ألمانيا هربا من الحرب في سوريا بنهاية عام 2015 مع فتح الحدود الأوروبية ، وبرفقة ابنها خالد من زوجها السوري الأول ، الذي انفصلت عنه بعد صعوبة الحياة معه ، ورفضه مغادرة سوريا والاشتراك بالصراعات في سوريا.
وبعد وصولها لألمانيا بفترة تعرفت على زوجها الألماني، الذي أحب ثقافتها وتعرف على دينها الإسلامي عن قرب واعتنق الإسلام عن قناعة قبل زواجهما. ثم تزوجت عهد منه في 2017 وأنجبت فيما بعد طفلتها دينيز .
تحاول عهد نقل تجربتها في حياة جديدة في ألمانيا ، والتعايش مع زوج يختلف عنها في الثقافة واللغة ، وكذلك تربية الأبناء في ظل ثقافة ومجتمع مختلفين ، وتنقل تجربتها إلى الأمهات المهاجرات للاستفادة منها عبر صفحتها الخاصة على موقع التواصل الاجتماعي “انستغرام”. تتقاسم أفكارها وأساليبها التربوية مع متابعاتها من الأمهات.
وعن فكرة مشاركتها تقول : “فتحت صفحتي لنقل تجربتي بالأخص إلى الفتيات اللاتي قد يتخوفن من الزواج من أجنبي بسبب الاختلافات الثقافية والدينية وتأثيرها على تربية الأبناء مستقبلا”.
.
وتضيف أنها تعرضت “للكثير من الانتقادات بسبب زواجي من ألماني وأردت من خلال صفحتي على انستغرام كسر الأحكام المسبقة وتسليط الضوء على تجربتي من خلال نقلها لفتيات أخريات”. ترى عهد أنه في زمن “السوشيل ميديا” قد كثر التزييف والكذب وهي أرادت أن تنقل تجربتها كما تعيشها في الواقع.
السر يكمن في التفاهم بين الزوجين
باختلاف تجربتها الأولى بالزواج وعدم التفاهم مع زوجها بسوريا منذ أول عام من زواجها ، استطاعت عهد التأقلم بسرعة مع نمط حياة زوجها الألماني ، الهادئ والبسيط، وهو بدوره “استطاع التأقلم مع عاداتي وتقاليدي العربية والإسلامية بسرعة، وأنا تأقلمت مع طباعه وحياته الهادئة والبسيطة. والسر في ذلك هو تقبل محيطه لي من جيرانه وأصدقائه واحتضانهم لي وكأني فرد من عائلتهم. لهذا لم أواجه يوماً صعوبة مع زوجي ومحيطه المختلف عني”، تقول عهد مثنية على زوجها وتجربتها.
وعن الصعوبات التي تواجهها في تربية أبنائها في ظل الاختلافات الثقافية الموجودة بينها وبين زوجها الألماني، تقول لابد من مواجهة بعض الصعوبات.
.
لكن ليس من ناحية الاختلاف الثقافي وإنما لأن ابنها البكر يمر حاليا بمرحلة المراهقة، وتكشف عن طبيعة بعض النقاشات التي تحدث بينها وبين زوجها حول تربية الأبناء وتقول “النقاشات التي تحدث بيننا غالبا ما تخص نوعية العقاب للأبناء وكيف نعلهم احترام كلامنا وتنفيذه، وخاصة فيما يتعلق باستخدام الهواتف الذكية والأجهزة الإلكترونية والوقت المسموح به.
وتضيف : – أحيانا تحدث بيننا نقاشات مزعجة لكنها غالبا ما تكون بسبب ضغط العمل ولا تستمر أكثر من دقائق ليعود الوضع لطبيعته”. أما فيما يخص التربية فهي وزوجها متفاهمان على ذلك ولزوجها الدور الأساسي فيها، وتضيف: “زوجي إنسان متفهم للغاية وحنون ويحترم طريقتي في تربية أبنائي وله الدور الرئيسي في ذلك”.
وتحكي عهد عن أول أسلوب اتبعه زوجها مع الأبناء وهو عدم التحدث باللغة العربية أثناء تواجده بالبيت وتقول إنه كان تحديا بالنسبة لها لأن مستواها في اللغة الألمانية حينها كان ضعيفا، لكن باتباعها هذا الأسلوب استطاعت تعلم اللغة الألمانية في وقت قصير نسبيا.
العائلة
بسبب حفاظها وزوجها على التوازن في تربية أبنائهما وحرصهما على اللجوء إلى الحوار مع بعضهما البعض، والاستفادة من ثقافتهما المختلفة لتحقيق أفضل النتائج في تنشئة طفليهما التنشئة السليمة، فإن ابنها خالد يتكلم أربع لغات، كما أن ابنتها الصغرى دينيز تتجاوب مع اللغتين العربية والألمانية وهي ولم تكمل عامها الأول بعد.
الصداقة مع الأبناء
بعد العادات والتقاليد الإيجابية من الثقافتين العربية والألمانية، التي تحرص عهد وزوجها على ترسيخها في نفوس أبنائهما، تأتي مسألة المعتقد والدين، التي تقول عهد إنها وزوجها لا يختلفان عليهما مطلقا ولم تواجه أي صعوبة من هذه الناحية، لأن زوجها مسلم ويحترم جميع الأديان. بل حتى أنه حريص على ذلك، وتقول لمهاجر نيوز “حتى ابني عندما ينسى موعد صلاة هو من يذكره به”.
ورغم رضى عهد وزوجها عن أسلوبهما في التربية، إلا أنهما يقرآن باستمرار الكثير عن طرق تربية الأطفال وعن احتياجاتهم ونفسيتهم. كما يفضلون اتباع أسلوب الصداقة مع الأبناء، لأنه حسب رأيهما الأسلوب الأنجح في الوقت الحالي.
وتقول عن ذلك “كل أسبوعين على الأقل نصطحب الأطفال إلى أحد المطاعم أو المنتزهات وبالأخص ابني، ونحاول التحدث معه في كل شيء كأنه صديق لنا ونجعله يشعر أنه صديقنا بالفعل حتى لا يضطر لإخفاء أمر عنا في يوم من الأيام وأحيانا يتولى زوجي وحده مهمة مرافقته ومعاملته كصديق”.