ماذا يحمل العام الجديد 2019 من “مفاجآت” للاجئين في ألمانيا؟
ينظر العديد من اللاجئين السوريين في ألمانيا بقلق وخوف إلى ما سيحمله العام الجديد لهم بشأن مستقبلهم. ويعود هذا الخوف إلى تصاعد اليمين الشعبوي وتوالي الأحداث التي تعيد معها النقاش الحاد حول سياسة اللجوء المتبعة في ألمانيا.
ساهمت الأحداث الأخيرة، التي تزامنت مع حلول العام الجديد، والتي تورط في بعضها طالبو لجوء، في إعادة ملف اللاجئين في ألمانيا والنقاش الحاد حوله بقوة إلى الواجهة. آخرها كان حادث مدينة أمبيرغ حيث شهدت المدينة، هجوماً عشوائيا على المارة تورط فيه أربعة من طالبي اللجوء الشباب من أفغانستان وسوريا وإيران، ما أدى إلى جرح ما يقل عن 12 شخصاً.
وعلى إثر هذا الحادث أكد وزير الداخلية الألماني هورست زيهوفر، في حوار مع صحيفة “بيلد” الصادر اليوم (الأربعاء الثاني من يناير/ كانون الثاني 2019)، على عزمه تشديد قواعد الترحيل، وقال: “لقد أزعجتني الأحداث في أمبيرغ، لا يمكن أن نتسامح بشأن هذه التجاوزات العنيفة”. وأضاف الوزير أن طالبي اللجوء الذين يتورطون في أعمال عنف يجب أن يغادروا البلاد.
ألمانيا شهدت ليلة رأس السنة حادثاً من نوع آخر، يقف خلفه رجل ألماني (50 عاما) من مدينة إيسن قام بدهس مجموعات من الأشخاص بسيارته، غالبيتهم من الأجانب، في عدة محاولات بمدينتي بوتروب وإيسن، ما أسفر عن إصابة ثمانية أشخاص. وصنف الادعاء العام الحادث بأنه “هجوم متعمد”. كما قال وزير داخلية ولاية شمال الراين فيستفاليا إن منفذ الحادث “كانت لديه نية واضحة لقتل الأجانب”.
الحكومة الألمانية أدانت الاعتداءين (حادث الضرب من قبل طالبي لجوء في أمبيرغ وحادث الدهس بدافع العداء للأجانب) مؤكدة أنه ليس هناك مكان في ألمانيا للتطرف وعدم التسامح، بغض النظر عن الجانب الذي يصدر منه مثل هذا التصرف.
“سنة صعبة على اللاجئين”
هذه الأحداث وما خلفته أثرت على توقعات اللاجئين في ألمانيا من العام الجديد، وجعلتهم ينظرون إلى مستقبلهم في هذا البلد بنوع من التخوف والريبة، وبالأخص من العودة إلى سوريا. “ستكون سنة صعبة” بهذه الجملة استهل اللاجئ السوري حسن هلال، الذي يُقيم في ولاية ساكسونيا مع زوجته وأطفاله الثلاثة منذ ما يقرب من ثلاث سنوات، حديثه واصفاً سنة 2019 بالسنة الصعبة على اللاجئين السوريين في ألمانيا.
وذكر في حديثه لـDW عربية أن “العداء في تزايد وخاصة في الولايات الشرقية، ومنها ولاية ساكسونيا”. ويعتبر حسن أن النقاش الدائر حول إمكانية ترحيل اللاجئين السورين هو بمثابة الانتحار للاجئين المرحلين، خاصة بالنسبة للمعارضين للنظام السوري. حسن وزوجته من ضمن الأسماء المطلوبة لدى النظام السوري وذلك بسبب المشاركة في المظاهرات إبان اندلاع الثورة.
زوجة حسن، التي أنجبت أحد أطفالها في ألمانيا، تحدثت أيضأً عن أهم ما تتنماه في العام 2019: “لا نفكر في العودة إلى سوريا أبداً وأتمنى أن لا يكون هناك عودة قسرية لأن الوضع في سوريا سيء للغاية ونحن بشكل خاص من ضمن الأسماء المطلوبة لدى النظام السوري”. وترى اللاجئة السورية، التي كانت تعمل معلمة في سوريا، أن هناك تزايدا للعداء ضد اللاجئين في ألمانيا، خاصة في الولاية، التي يقطنون بها، ولاية ساكسونيا. وتتوقع أن يتزايد العداء ضد اللاجئين والأجانب خلال هذا العام، وتضيف في آخر حديثها:” لا يوجد مجال لنا للعودة”.
أما زهران العقيل، وهو فنان تشكيلي سوري وطالب بكلية الفنون الجميلة في مدينة بروانشفايغ فيرى أن الخوف من المجهول هو المسيطر على المزاج العام بين اللاجئين السوريين وتوقعاتهم من العام الجديد. ويضيف في حديثه لـDW عربية أن “هناك خوفا من المجهول بين اللاجئين، لأنه ليس لديهم خيارات أخرى غير ألمانيا، ولذلك فإن أي شيء يحدث هنا يسبب الخوف والريبة لديهم”.
ويرى زهران أنه يصعب ترحيل أي سوري في الوقت الراهن باعتبار أن سوريا بلد غير آمن، بالنظر إلى الظروف المشوشة وقد يمتد الوضع عشرات السنين، ويقول: “حتى لو عادت الأمور إلى طبيعتها بشكل كامل في سوريا، لا أعتقد بأن أي سوري سيرحل إلى بلاده لأن الغالبية العظمى، اندمجت وأثبتت جدارتها وتفوقها”.
“مخاوف واقعية”
من جهته ينظر الخبير والناشط الحقوقي الألماني، كارل كوب، من منظمة برو أزول الألمانية المدافعة عن اللاجئين، إلى مخاوف اللاجئين السوريين بشأن تصاعد العداء ضدهم والمخاوف من العودة إلى سوريا في الوقت الراهن، على أنها “مخاوف واقعية”. ويقول في حواره مع DW عربية: “المنظمة تحذر باستمرار من سوء تقدير الوضع في سوريا، وكذلك بالنسبة للوضع في العراق أيضاً. لا يزال تنظيم داعش قوياً عسكرياً وقادر على نشر الإرهاب. كما أن النظام الديكتاتوري السوري يتصرف بوحشية تجاه المعارضين له ولنظامه”.
كما يشير الخبير الألماني إلى أن “تقرير الوضع الحالي الصادر عن وزارة الخارجية يُوضح بأن سوريا ليست فقط غير آمنة على خلفية القتال الدائر هناك، بل يوضح أيضاً أنها غير آمنة من جانب نظام الأسد والاضطهاد السياسي”.
كذلك رحب الناشط الحقوقي بالخطوة المتمثلة في قرار وزراء داخلية الولايات الألمانية نهاية تشرين الثاني/ نوفمبر من العام الماضي، والمتمثل في تمديد العمل بقرار منع ترحيل السوريين المرفوضة طلبات لجوئهم أو المدانين من قبل المحاكم الألمانية أو المصنفين “خطرين” من جهات أمنية على بلدهم سوريا لمدة ستة أشهر أخرى تنتهي في حزيران/يونيو