السويد: من بلد آمن مُزْدَهِر إلى حاضنة لعنف العصابات الإجرامية
شهدت السويد التي لطالما اعتبرت بلادا آمنة خالية من العنف موجة غير مسبوقة من التفجيرات هذا العام 2019 ، إذ تستخدم العصابات الإجرامية القنابل اليدوية بشكل متزايد لتصفية الحسابات.
ويُعتبر هذا البلد الاسكندينافي من بين أغنى الدول وأكثرها ازدهارا في العالم، ويتمتع بمستوى منخفض من الجريمة والعنف مقارنة بالدول الغربية الأخرى.
إلا أنه أصبح اليوم يواجه مشكلة التفجيرات المتزايدة والتي استحالت أمرا منتظما.
وقال مفوض الشرطة السويدية أندرس ثورنبرغ الأربعاء في كلمة موجهة إلى العامة من المواطنين السويديين التي أصبح لديهم مخاوف من تصاعد العنف “لا نرى أمرا مماثلا في الدول الاخرى”.
وأضاف “أعلم أن الكثير من الأشخاص قلقون بشأن ما يحدث، وهناك شعور بأن تصفية حسابات المجرمين بين بعضهم البعض بدأت تطال الناس”.
وفي الأسبوع الماضي وحده، انفجرت قنبلة في درج مبنى سكني في مالمو، وعُثر على عبوة ناسفة خارج مركز للتسوق في بلدة كريستيانستاد، كما هز انفجار شرفة أحد التجمعات السكنية في هاسلهولم في جنوب السويد…وقتل طفل ، واصيب اخر ..بينما قتلت امراة وطبيبة الشهر الماضي ..!
وفي حين أن معظم الانفجار تتركز بمدن ثلاثة مالمو وستكهولم ..واخيرا يوتبوري بنسبة أقل ،و جرى استدعاء الفرقة الخاصة بتفكيك القنابل للتحقيق في 99 انفجارا حصلت في الأشهر العشرة لعام 2019 بمعدل عشر تفجيرات شهريا .
وهذا الرقم هو أكثر من ضعف العدد للفترة نفسها من العام الماضي 2018 . وبالإضافة إلى تلك المتفجرات، جرى التحقق أيضا في 76 قنبلة غير متفجرة.
وقالت ليندا ستاف رئيسة وحدة الاستخبارات الجنائية التابعة للشرطة الوطنية لوكالة فرانس برس “عليكم استنتاج أن هذا الأمر أصبح توجها متصاعدا”.
وقد تم استهداف المباني السكنية والشركات الصغيرة ومراكز الشرطة. وفي حزيران/يونيو، أدت قنابل إلى انفجار واجهة مبنيين سكنيين في مدينة لينكوبنغ.
أعمال عنف معزولة
الصورة الكاملة وراء التفجيرات معقدة لكن تبقى السويد عموما دولة ذات مستويات منخفضة من العنف ، ولكن لا تتناسب مع دولة وشعب مثل السويد يعتبر من اكثر الدول اذدهار واكثر الشعوب سلام وهدوء . وأوضحت ستاف أن التفجيرات هي إلى حد كبير نتيجة تصفية حسابات بين العصابات الإجرامية.
واضاف أن المجرمين يستخدمون بشكل متزايد المتفجرات خلال السنوات القليلة الماضية، لكن فيما كانوا يفضلون في السابق القنابل اليدوية وغيرها من المتفجرات المصنّعة في مصانع، فقد تحولوا أخيرا إلى أجهزة محلية الصنع وأكثر فتكا.
بين كانون الثاني/يناير وتشرين الأول/أكتوبر 2019 ، قتل 33 شخصا، معظمهم دون سن الثلاثين، في 268 عملية. وفي الوقت نفسه من العام الماضي، سجلت السويد 37 حالة وفاة في 248 حادثا.
تابعت ليندا ستاف “في بعض الأحيان يهمل النزاع لفترة طويلة ولا يعد هذا إلا ردا”.
ووفقا للسلطات، نشأ معظم المشاركين في عمليات إطلاق النار في مناطق تصفها الشرطة السويدية بأنها أكثر عرضة من غيرها لمثل هذه الأحداث.
ففي حزيران/يونيو، نشرت السلطات قائمة تضم حوالي 60 منطقة سكنية من هذا النوع، ظروفها الاجتماعية والاقتصادية سيئة حيث يمكن “للمجرمين أن يؤثروا على المجتمع المحلي”.
وبالنسبة إلى الشباب الذين يكبرون فيها بلا أمل أو طموح، يصبح العنف وسيلة لصنع اسم لهم.
وقال أندرس ثورنبرغ إن ارتفاع نسبة جرائم العنف يمثل “تحديا معقدا بشكل كبير”، لكنه شدد على أن القوى الأمنية تكثف جهودها لمحاربتها.
ولكن اللافت أن انفجارات قليلة تسببت بإصابات خطرة. وقالت ستاف “في معظم الحالات، ساهم حسن الحظ في عدم إصابة عدد كبير من الأشخاص أو مقتلهم”.
وأشارت ستاف إلى أن معظم أعمال العنف تستهدف المجرمين أو عائلاتهم بشكل متزايد، لكن هناك تفجيرات نفذت “للمتعة فقط”.
وفي ما يتعلق بأنواع أخرى من جرائم العنف، لا تزال السويد تتمتع بمستويات منخفضة منها.
فقد خلصت دراسة أجراها المجلس الوطني لمكافحة الجريمة في حزيران/يونيو إلى أنه في الوقت الذي ارتفعت فيه جرائم العنف في البلاد، ما زالت دون المستويات المسجلة في التسعينات ولكنها الاخطر والاكثر تعقيدا .