التاريخ المنسي .. هكذا صام المسلمون الأفارقة الأوائل كــ “عبيد” في أميركا والعالم الجديد
لا يعلم ولا يهتم الكثير من الأمريكان وكذلك المسلمين ، بأن ما بين ربع أو نصف عدد العبــ…ـيد الذين جلبوا من أفريقيا للولايات المتحدة وكندا للعمل كانوا “مسلمين” !
فــ في الفترة بين بدايات القرن 17 وحتى منتصف القرن 19 كان وجود الإسلام في أميركا الشمالية “كندا والولايات المتحدة الأمريكية” مرتبطا بالعبــ…ـيد الأفارقة الذين جلبوا من بلدان غرب أفريقيا، ليعملوا في الأراضي الزراعية والمناجم الأمريكية .
وفي حين أن وجود عدد كبير من العبــ…ـيد المسلمين الأفارقة قديما قد لا يكون معروفًا لمعظم الأميركيين اليوم، يعتقد باحثون أنهم تركوا بصماتهم على الثقافة الأميركية ، إذ كان بعض المهاجرين الأوائل إلى هذه الأرض مهاجرين مسلمين نُقلوا قسرا كعبيد في التجارة غير الشرعية التي انتشرت عبر المحيط الأطلسي في ذلك الوقت.
ورغم أن هذه الحقبة التاريخية المهمة لا تحظى باهتمام المؤرخين الأميركيين والمسلمين على حد سواء، فقد قدر علماء اجتماع أميركيون أن ما بين 15% و40%، أو ما يصل إلى ستمئة ألف إلى 1.2 مليون من العبــ…ـيد في أميركا كانوا من المسلمين، بحسب دراسة “المسلمون وصنع أميركا” للأكاديمية الأميركية برشيوس رشيدة محمد المختصة بتاريخ العبــ…ـيد المسلمين في أميركا.
وتم اختطاف 46% من العبــ…ـيد في جنوب أميركا من مناطق غرب أفريقيا التي كانت تضم أعدادا كبيرة من المسلمين، بحسب مقال خالد بيضون الأكاديمي المختص بالأعراق في كلية الحقوق بجامعة كاليفورنيا لموقع الجزيرة الإنجليزية.
وعرف عن المسلمين الأفارقة المستــ عبدين في العالم الجديد رغبتهم القوية في اتباع تعاليم دينهم وتلبية مطالب إيمانهم، وخاصة صيام رمضان الذي كان معاناة شاقة وأيضا أداء الصلوات والطعام الحلال والواجبات الاجتماعية، وسجلت المصادر التاريخية ذلك بوضوح، سواء في الولايات المتحدة الأميركية أو أميركا الجنوبية ومنطقة الكاريبي.
حظر التجمع والنشاط الديني
وسعى العاملون المسلمون في المزارع وفي مناطق مثل الولايات الجنوبية لأميركا لاتباع الفروض الدينية، للاحتفاظ بالاستقلالية الثقافية والذاتية في مواجهة قوانين العبودية الشاملة التي تغيّب شخصياتهم تماما وتربط النشاط الديني بالتمرد وتسن تشريعات تحد من ممارستهم لتعاليم دينهم.
وحظرت القوانين الأميركية في هذه الحقبة تجمع العبــ…ـيد بالولايات الجنوبية وفرجينيا، ووضعت عقوبات على التجمع جرى تطبيقها بوحشية، وأثر ذلك في احتفال المسلمين الأفارقة المستــ عبدين بمقدم شهر رمضان وتناولهم الإفطار وأدائهم التراويح في جماعات.
ورغم أن القرآن يسمح للمسلمين بالامتناع عن الصيام في حال السفر والمشقة، فإن العديد من المسلمين المستــ عبدين اختاروا أداء الصوم رغم الظروف القاسية، كنوع من تأكيد هويتهم الخاصة في ذلك الوقت.
وأقام كثير من المسلمين المستــ عبدين الصلوات والعبادات الرمضانية في أماكن العبــ…ـيد الخاصة، وكانوا يجتمعون على الإفطار رغم أن ذلك يعد انتهاكا لقوانين الرقيق التعسفية التي تقيد التجمع من أي نوع.
وتعرض المسلمون الأميركيون الأوائل لتحديات وعواقب عند ممارسة عقيدتهم. مثل أيوبا سليمان ديالو الذي خطف من بلده الأفريقي وبيع كعبد ليعمل في مزارع تبغ، وتعرض فيها للإساءة أثناء أدائه الصلاة فهرب ثم قبض عليه.
واضطر كثيرون لعدم الصوم في رمضان بينما تحول كثيرون للمسيحية ظاهريا، لحماية أنفسهم وعائلاتهم من بطش السادة مثل لامين كيبي الذي تحول إلى المسيحية من أجل تأمين العودة إلى أفريقيا عبر “جمعية الاستعمار الأميركية” كما ظهر الجيل الثاني من العبيد الامريكيين كمسيحيين .
ورفض آخرون -مثل أيوبا سليمان ديالو- التزحزح عن عقيدتهم. مما أثار إعجاب صاحب الرقيق لدرجة أنه تم إطلاق سراحه وأعيد إلى أفريقيا، بحسب المتحف الوطني للتاريخ والثقافة الأميركي الأفريقي.
وفي كتابات حديثة مثل عمل سيلفيان ضيوف “عبيد الله: المسلمون الأفارقة المستعبدون في الأميركتين” الصادر عن مطبعة جامعة نيويورك، 2013، وكتاب ألن أوستن “المسلمون الأفارقة في أميركا ما قبل الحرب: قصص ونضال روحي عبر الأطلسي” الصادر عن مطبعة روتليدج، 2011، يوجد العديد من القصص حول معاناة العبــ…ـيد المسلمين الأفارقة لصيام رمضان في العالم الجديد.
يقدر علماء اجتماع مختصون أن ما يصل إلى 30% من العبــ…ـيد الأفارقة الذين أحضروا إلى الولايات المتحدة، من دول غرب ووسط أفريقيا مثل غامبيا والكاميرون، كانوا مسلمين. ومن بين الصعوبات التي واجهوها كانت تلك المتعلقة بإيمانهم، بحسب سعيد أحمد خان، الأكاديمي بجامعة واين ستيت.
ويضيف خان أن العبــ…ـيد الأفارقة أجبروا على التخلي عن عقيدتهم وممارساتهم الإسلامية، لفصلهم عن ثقافتهم وجذورهم الدينية وكذلك تحضيرهم وتحويلهم إلى المسيحية، بحسب مقاله لموقع كونفيرذيشن.