ارتفاع خيالي للأسعار في سوريا مع انهيار لليرة مقابل الدولار.. شبح المجاعة يلاحق السوريين
رغم أن الغلاء في سوريا لا يميّز بين منطقة وأخرى بغض النظر عن الجهات المسيطرة إلا أنه تسبب في جنوب البلاد بتظاهرات احتجاجية تطالب بإسقاط الأسد بينما خرجت مظاهرات في مدن سويدية تأييد ودعم للاسد . انهيار الليرة لتصل لما يقارب 3000 ألف ليرة مقابل الدولار بعد تسع سنوات من الحرب له أسباب عدة.
بقيت أم أحمد وعائلتها بمنأى عن المعارك والقصف، لكنها اليوم تخشى على أطفالها الخمسة من الجوع مع تآكل قدرتها الشرائية جراء الهبوط الحاد في قيمة الليرة السورية. وتقول أم أحمد (39 عاماً) المقيمة في بلدة بنش في شمال غرب سوريا لوكالة فرانس برس “منذ أن بدأت الحرب، ذقنا كل أنواع الألم والعذاب، وأعتقد أنّ المجاعة هي التي سنذوقها” في الفترة المقبلة.
وتسبّب انهيار قيمة الليرة السورية بارتفاع جنوني في أسعار المواد الغذائية والسلع في أرجاء سوريا كافة ودفع بعض المتاجر إلى إغلاق أبوابها وسط امتعاض واسع في صفوف السكان.
ومع ارتفاع الأسعار، تفكّر أم أحمد بشراء كيس من الطحين وإعداد المؤونة تحسّباً للمرحلة المقبلة. وتقول “إذا استمر انهيار العملة، فنحن أمام مجاعة كبرى في سوريا ولن يستطيع أحد شراء حاجاته”. وتضيف بأسى “هذه أمور كنا نسمع عنها في التلفاز في بعض دول إفريقيا”.
وتتابع أم أحمد، مشيرة الى أن زوجها يعمل بشكل متقطع، “نعيش الآن على بعض المدّخرات.. وقمنا كذلك ببيع أرض ورثناها، لكن لا أعتقد أن المال سيدوم كثيراً في ظل الغلاء الفاحش”.
ويعيش الجزء الأكبر من السوريين تحت خط الفقر، وفق الأمم المتحدة، بينما ارتفعت أسعار المواد الغذائية بمعدل 133 في المئة منذ أيار/ مايو 2019، بحسب برنامج الأغذية العالمي.
وفي دمشق، بدأت لميس الشيخ (52 عاماً) رويداً رويداً الاقتصاد بمشترياتها الغذائية. وتقول “الأسعار نار.. ونشهد كل يوم قائمة أسعار جديدة أكثر ارتفاعاً من اليوم السابق”. وتضيف “نغيّر طعامنا اليومي بحسب الأسعار (…). يقولون إننا لا زلنا في البداية، فليساعدنا الله”، مبدية خشيتها من أن “يأتي يوم أنزلُ فيه إلى السوق وأعود دون أن أشتري شيئاً بسبب الغلاء”.
الغلاء لا يميز بين منطقة وأخرى
ولا يميّز الغلاء بين منطقة وأخرى بغض النظر عن الجهات المسيطرة. ففي القامشلي، أبرز المدن في المنطقة الواقعة تحت سيطرة الإدارة الذاتية الكردية (شمال شرق)، أقفلت بعض المحال وتراجع عدد الزبائن في أسواق اعتادت ان تكتظ شوارعها ومحالها ومقاهيها بالزوّار.
داخل متجره للمواد الغذائية، يدقّق راشد أومري (50 عاماً) في فواتير، مبدياً امتعاضه من وجود “سعر صباحاً وآخر بعد الظهر”. ويضيف “عندما نبيع البضائع نخسر وعندما نشتريها نخسر”، معتبراً أن “كل ما يحصل خسارة بخسارة”.
ويطغى الارتفاع السريع والمتواصل لسعر صرف الدولار على أحاديث الناس في الشارع. في سوق القامشلي، تبحث أم علاء (55 عاماً) عما يمكنها شرائه بأقل سعر ممكن. وتقول الأم لثلاثة أولاد، أحدهم لا يزال يعيش معها، إن تكلفة الوجبات باتت مرتفعة جداً، “أليس حراماً أن يصل سعر زجاجة الزيت إلى 3500 ليرة بعدما كان 500 ليرة فقط؟”. وتضيف “هذا الانخفاض (في سعر الصرف) يقتلنا”.