أحمد الشرع قائد سوريا الجديد من هو؟ هل سجن بالعراق؟ وكيف وصل لزعامة سوريا!
أحمد الشرع من مواليد الرياض، السعودية، عام 1982. والده حسين الشرع أكاديمي سوري ومؤلف قومي عربي، من أصول من هضبة الجولان ، كان متأثرًا بأفكار الفرع العراقي لحزب البعث العربي الاشتراكي وجمال عبد الناصر. وهو من عائلة من سكان الجولان وتم تهجيرهم مع الحرب الإسرائيلية ونكسة 1967. كان والده حسين الشرع له نشاط وتاريخ ملموس في العمل القومي من سوريا للقاهرة في شبابه ،ولكنه أنهى كل نشاطه السياسيوسافر حسين الشرع والد أحمد الشرع إلى السعودية عام 1979م بعد تعاقده مع وزارة البترول السعودية بوظيفة باحث اقتصادي، ألَّف فيها عدة كتب تخصصية، كما كتب مقالات سياسية واقتصادية في جريدتي الرياض والجزيرة السعودية حتى استقال من عمله عام 1988م. وهناك أنجب ابنه أحمد الشرع في عام 1982.
وُلد أحمد الشرع عندما كان والده موظفًا في وزارة البترول في الرياض. وعندما استقال والده وقرر العودة لسوريا، انتقل أحمد الشرع من السعودية وعمره بين 8 سنوات مع عائلته منذ عام 1989م إلى دمشق، وسكنوا في حي المزة غربي دمشق. عمل أحمد الشرع جزئيًا في طفولته في متجر مواد غذائية يملكه والده. وتردد على جامع الشافعي الكائن في حيه. وفي عمر السابعة عشرة، أصبح متدينًا ملتزماً رغم أن والده لم يكن كذلك.
كان يختلف مع كثير من أفكار والده؛ فوالده كان بفكر سياسي قومي وأحمد الشرع بفكر سياسي إسلامي، إلا أنه كان يتفق معه بشأن فلسطين، التي أثرت به إلى جانب حكاية نزوح جده وأسرته من هضبة الجولان. ذكر الشرع أن الانتفاضة الفلسطينية عام 2000 كانت لها تأثير على توجهاته التي اختارها في حياته.
درس أحمد الشرع والطب و الإعلام في جامعة دمشق، وكان خلال تلك الفترة يسافر يوم الجمعة من دمشق إلى حلب ليحضر خطب محمود قول آغاسي (أبو القعقاع) هناك. لم يكمل دراسته؛ حيث غادر إلى العراق عام 2003م تزامنًا مع الغزو الأمريكي، لكي يشارك في مقاومة الاحتلال الأمريكي للعراق وانضم إلى تنظيم القاعدة تحت قيادة أبو مصعب الزرقاوي. ولا يوجد أي معلومات هل تزوج أحمد الشرع أو أنجب أطفال يوجد تكتم كبير ربما بسبب خلفيته الجهادية وزواجه ربما بشكل سري في فترة انضمام للفكر الجهادي
بدأ التحول الدرامي الفعلي لأحمد الشرع عندما انضم إلى تنظيم القاعدة في العراق مع غزو القوات الأمريكية للعراق عام 2003، وقاتل لمدة ثلاث سنوات في التمرد العراقي السني بقيادة أبومصعب الزرقاوي الأردني. ألقت القوات الأميركية القبض عليه وسجنته من عام 2006 إلى عام 2011، وتزامن إطلاق سراحه مع سيطرة واقتحام تنظيمات سنية عراقية وتنظيم القاعدة للسجون العراقية والأمريكية في العراق مع بدء الثورة السورية. فخرج من السجن وأسّس جبهة النصرة (الفرع السوري لتنظيم القاعدة).
في عام 2012، وبدعم من تنظيم القاعدة ومن أجل المشاركة في الحرب الأهلية السورية ضد حكومة بشار الأسد البعثية، وبصفته أميرًا لجبهة النصرة، بنى الشرع معقلًا له في محافظة إدلب الشمالية الغربية. في هذا الوقت، حاول تنظيم القاعدة في العراق بقيادة أبو بكر البغدادي السيطرة ودمج تنظيم النصرة مع تنظيم العراق وإخضاعه له. أدى هذا الخلاف إلى صراع مفتوح بين أحمد الشرع قائد النصرة وأبو بكر البغدادي زعيم تنظيم الدولة الإسلامية، وانتهى بانفصال وعداء واشتباكات بين التنظيمين.
أصبح أحمد الشرع معروفًا كإرهابي كبير في تنظيم القاعدة باسم أبو محمد الجولاني بعد أن شارك تنظيمه في معارك كبيرة، ولكنها كانت بمعزل عن تنظيم داعش الذي سيطر على الرقة وأجزاء من سوريا. عرضت واشنطن ملايين الدولارات للقبض على أحمد الشرع.
لاحقًا، قام أحمد الشرع بتغيير اسم جبهة النصرة وباتت “هيئة تحرير الشام” وهو قائدها بعد اتصالات مع الجانب التركي ومساعدة تركيا في محاربة تنظيم داعش وأكراد سوريا المسلحين. وبعد سقوط دمشق، غير اسمه من الجولاني إلى أحمد الشرع الحقيقي بعدما وصلت قواته إلى دمشق وهرب الأسد، ليصبح على الأقل بحكم الأمر الواقع الآن قائدًا لنحو 23 مليون سوري، في أعقاب رحلة استمرت نحو عقدين في الجماعات المسلحة.
خلال تلك الفترة، تحول تدريجًا من قائد إسلامي متشدد يرتدي العباءة التقليدية التي تفوح منها رائحة “المجد الإسلامي والخلافة الإسلامية”، إلى قائد مدني عسكري لا يزال محتفظًا بلحيته لكنه يرتدي ملابس غربية نوعًا ما، وبزة عسكرية تشبه تلك التي يرتديها الرئيس الأوكراني الذي تخوض بلاده حربًا مع روسيا.
هذا المظهر المتطور يلخص رحلة الشرع من كنف الجماعات الإسلامية المتطرفة المتشددة التي تعمل في الخفاء، إلى السلطة الفعلية في العلن، وإجراء المقابلات الإعلامية، وآخرها مع “سي أن أن”، التي تحدث خلالها عن رؤيته لسوريا الجديدة المعتدلة “التي تستوعب الجميع تحت مظلة واحدة”.
أجرى الجولاني أول مقابلة إعلامية له في 2013، وكانت مع قناة “الجزيرة”، لكن ظهر وجهه ملفوفًا بوشاح ولم يظهر للكاميرا سوى ظهره. وفي حديثه وقتها، دعا إلى إدارة سوريا وفقًا للشريعة الإسلامية.
وفي عام 2016، ظهر بالعباءة التقليدية، وألقى خطابًا من مكان غير معلوم، للإعلان عن فك ارتباطه بالقاعدة، وكانت تلك أول مرة يظهر فيها وجهه.
تحولت “جبهة النصرة” إلى “هيئة تحرير الشام” وتغيرت مهمتها إلى حكم السوريين في محافظة إدلب في شمال غرب سوريا.
و ظهر الجولاني، الذي بدا ساعيا لتغيير صورته، في مقابلة مع برنامج “فرونت لاين” على محطة “بي بي أس” الأميركية، في 2021، مرتديا قميصا تقليديا على الطريقة الغربية، ووصف تصنيفه إرهابيا بأنه “غير عادل” وشرح بالتفصيل كيف توسعت جماعته من ستة رجال رافقوه من العراق إلى 5 آلاف في غضون عام، إلى 30 ألف في وقت اللقاء لكنه اعتبر أن جماعته لم تشكل أبدا تهديدا للغرب.
دخل الجولاني بلحيته التقليدية وبزي عسكري أخضر المسجد الأموي في دمشق، ليعلن أن سقوط الأسد “انتصار للأمة الإسلامية” ويدعو إلى مرحلة جديدة.
فيما تم تكليف رئيس حكومة الإنقاذ في إدلب، محمد البشير، لتولي رئاسة حكومة انتقالية في سوريا. أصبحت “هيئة تحرير الشام”، في صدارة المشهد السوري، طرحت تساؤلات ملحة عن كيفية تعامل الولايات المتحدة مع الحركة، التي تصنفها واشنطن “إرهابية”، وكذلك زعيمها الذي وضعته من قبل على لائحة الإرهاب.
وبعدما أن بات الجولاني أو أحمد الشرع في الحكم، يبدو أن المواقف بدأت تتغير في العواصم الغربية إزاء “إرهابي” عرضت الملايين للقبض عليه، لكنه أيضا الزعيم الفعلي لسوريا.
وقال الرئيس الأميركي، جو بايدن، في تصريحات، الأحد، “سنبقى يقظين”، في إشارة إلى أن “بعض جماعات التمرد لديها سجل في الإرهاب”. وأضاف: “نتابع تصريحات القادة السوريين الجدد، وهي تبدو جيدة حتى الساعة ونراقب أفعالهم أيضا”. و أكد مسؤولان من فرنسا وألمانيا، أن معاملة “هيئة تحرير الشام للأقليات في سوريا ستحدد موقف باريس وبرلين منها. وكشف وزير شؤون مجلس الوزراء البريطاني، بات مكفادن، أن بلاده قد تدرس رفع الحظر عن الجماعة.
ولم يستبعد مسؤول أميركي، تحدث مع صحيفة واشنطن بوست أن تقدم واشنطن على إزالة هذا التصنيف. وقال المسؤول الذي لم تكشف الصحيفة عن هويته ردا على سؤال ما إذا كانت الإدارة الأميركية ستزيل التصنيف: “يتعين علينا أن نكون أذكياء.. وأن نكون أيضا واعين جدا وعمليين بشأن الحقائق على الأرض وكسب أصدقاء ولا نزيد من الأعداء”.
الجولاني، الذي أصبح الآن أحمد الشرع رؤية مختلفة لبلد مزقته الحرب، محاولا في الوقت ذاته إبعاد نفسه عن وصم الجماعات الإرهابية، وقال: “الناس الذين يخشون الحكم الإسلامي إما أنهم رأوا تطبيقاً غير صحيح له أو لا يفهمونه بشكل صحيح”،
وحاول طمأنة الأقليتين العلوية والمسيحية في سوريا قائلا: “لقد تعايشت هذه الطوائف في هذه المنطقة لمئات السنين، ولا يحق لأحد القضاء عليها”.
وقال ملمحا إلى وصوله إلى مرحلة من النضج السياسي: “الشخص في العشرينيات من عمره له شخصية مختلفة عن شخص في الثلاثينيات أو الأربعينيات، وبالتأكيد شخص في الخمسينيات من عمره”.