بعد تجربة الهجرة للسويد.. مهاجرين يجدون مصر ودول الشرق أفضل للحياة لولا غياب الدعم المالي
يبدوا من الوهلة الأولى إذا سألت مهاجر عربي في مصر أو بلد شرقي أخر إلى أين تفضل السفر والحياة سوف يقول إلى أوروبا والولايات المتحدة ، ولكن قد يكون هذا الاختيار عكسي إذا سألت مهاجرين عرب وصلوا السويد فالعديد منهم قد يجد أن العودة إلى بلداً مثل تركيا أو مصر أو بلد شرقي أخر هو الأفضل لهم من السويد . ولكن لولا صعوبة تدبير المال في تلك الدول ،وعدم وجود فرص عمل وضمان اجتماعي ومدارس ورعاية صحية للأبناء فهم مضطرون للبقاء في السويد
في إحصائية أجرتها جامعة أكسفورد سابقاً أشارت أن التراجع في أعداد المهاجرين العوائل المتوجّهين إلى أوروبا بدأ يظهر تدريجيا رغم استمرار موجات الهجرة واللجوء للشباب العازبين ، والقاعدة الأساسية أن الشباب والأطفال يجدوا دول أوروبية مثل السويد وألمانيا وطن بديل يلبي طموحهم ويلبي احتياجاتهم ، بينما يجد البالغين في منتصف أعمارهم وكبار العمر أن البقاء في بلد شرقي مثل مصر أو تركيا أو بلادهم الأم كان أفضل لهم اجتماعيا ونفسيا بكثير من وجودهم في أوروبا ..
وتؤكّد سلسلة من المقابلات مع لاجئين سوريين في الاربعينيات والخمسينيات من أعمارهم من المتواجدين في السويد وألمانيا ، رغبتهم في البقاء في تركيا التي عاشوا فيها سابقا .. كبديل أفضل لهم أن كانت عودتهم لسوريا غير ممكنة ، ويؤكد هؤلاء المهاجرين إن لولا استنزاف مواردهم الاقتصادية ومستقبل أبنائهم ما فكروا في الهجرة للسويد أو ألمانيا , .. إن هذا الرأي ظهر لهم بوضوح بعد سنوات من إقامتهم في السويد ، حيث ذهب انبهارهم الأول بالحياة في السويد ، واصبحوا على يقين إنها ليست نعيماً كما كانوا يتوقعون،
المهاجرون في السويد والكثير منهم تواصلوا في حالات كثيرة، مع أقاربهم ومعارفهم وأصدقائهم في تركيا ودول أخرى شرق أوسيطة لإبلاغهم أن النتيجة لا تستحق عناء المجازفة ومواجهة المخاطر التي يمكن أن يتعرضوا لها خلال الرحلة ، وإن الحياة والعائد الاقتصادي في السويد ليس بالشكل الذي يطمح له البعض خصوصا أن كان المهاجر يمتلك المال والعمل في البلد الذي يعيش فيه مثل تركيا .
ويشير التقرير أن اللاجئون المقتدرون مالياً في تركيا ومصر ودبي وغيرها لديهم حياة اجتماعية واقتصادية ورفاهية الاختيار ربما أفضل بكثير من المهاجرين في السويد أو ألمانيا ، فالكثير من المهاجرين السوريين والعراقيين في تركيا ومصر ودبي على سبيل المثال قاموا بشراء المنازل وتأسيس أعمال، والتحاق أبنائهم بالمدارس، وتشكيل تكتلات اجتماعية نشيطة. ، ولكن هذا الامر ربما للمهاجر المقتدر مالياً فقط ، .
تُظهر هذه المقابلات أن هناك تضخيماً في الحديث عن رفاهية الحياة في السويد وألمانيا وهي أهم دول اللجوء للسوريين والعراقيين الذين يمثلون الفئة الأكبر من اللاجئين القادمين من منطقة الشرق العربي ، كما تظهر المقابلات أن الهجرة واللجوء حتى لو بسبب الصراعات والحروب فهي تخضع لاختيار العامل الاقتصادية.
فالعوامل التي تدفع بالسوريين والعراقيين نحو أوروبا تخضع للتقييم الاقتصادي أولا حيث لا تمثل البلد الأمنة الأولى في أوروبا أي أهمية للمهاجرين ،ولكن تمثل الدول ذات الرفاهية في أقصي الغرب الأوروبي الهدف الأساسي للاجئين الذين لا يتوقفون في إيطاليا ولا التشيك ولا اليونان ولا المجر ولأغيرها إلا مجبرين ..فهم يستهدفون دول اسكندنافيا وألمانيا وهولندا .
إن واقع الدراسات يشير إلى أن مشكلة الهجرة تختلف بين المهاجرين ، فالمهاجرين السوريين ليسوا من دعاة اللجوء في الأساس ، ولكنهم خرجوا مجبرين لأسباب أمنية وسياسية واضحة .. بينما اللاجئين العراقيين خرجوا هم من أكثر الجاليات ذات تاريخ طويل طلب اللجوء من تسعينيات القرن الماضي ، وهي لأسباب اجتماعية سابقا واقتصاديا حاليا .
إن الأدلة حول بلدان الهجرة الأفضل للمهاجرين تحددها التجارب النهائية التي يعيشها اللاجئون والسلوكيات التي يختبرونها من إزمير للقاهرة ودبي إلى فرانكفورت، حتى مالمو وستوكهولم وأمستردام وباريس، التجارب بعد سنوات طويلة هي التي تحدد التقييم النهائي … وليس الافتراضات التي قد تطلقها التقارير السياسية في بروكسل أو أنقرة، وبرلين وستوكهولم .
فما ترى وتسمع إنه الأفضل لك الآن قد يكون ليس كذلك بعد التجربة .. ويبدا التفكير العكسي