ذكرى سقوط بغداد بعد 20 عاما ماذا حدث! وماذا يتذكر العراقيون؟
يوم أحزن الكثير .. وفرح به البعض ، هو صباح يوم التاسع من أبريل 2003 ، حيث استيقظ العالم العربي والعالم شرقاً وغرباً على أخبار سقوط بغداد … كان خبر صادم .. في مثل هذا اليوم شاهد العالم قبل العراقيين دخول القوات الأميركية إلى قلب العاصمة العراقية بغداد بعد نحو 3 أسابيع من القصف العنيف والمعارك غير المتكافئة، لتبدأ دوامة من الفوضى والنهب والدمار سُميت “بالحواسم”.
وبدأت الحرب بحملة قصف عنيفة أطلقت عليها الولايات المتحدة “الصدمة والرعب”، حيث تلقت بغداد وحدها ألف غارة جوية في ليلة واحدة.
ويبين العميد الركن المتقاعد الدكتور صبحي ناظم أن استراتيجية الصدمة والرعب تمثلت بحجم المقذوفات التي طالت أرجاء العراق وبشكل مركز على بغداد، وسببت الفوضى ودمرت مراكز القيادة وجميع القواعد العسكرية وأنهت 80 بالمائة من قدرات العراق العسكرية التي هي في الأساس ضعيفة بسبب حصار 13 عاما، ما تسبب بصدمة كبيرة لدى بعض القيادات وأفراد القوات المسلحة العراقية التي فقدت السيطرة والاتصالات .
ويضيف …، أن استخدام القوة التدميرية المفرطة رغم ضعف القدرات العراقية، يكشف أن الهدف الاستراتيجي هو تدمير العراق كاملاً وإرجاعه 100 عام للخلف وهو ما حدث فعلاً وسط سكون عربي مهين وتخاذل دولي.
أسباب نجاح الغزو
ويعزو ناظم أسباب نجاح الغزو إلى السيطرة الجوية للقوات الأميركية وحلفائها، إضافة إلى خطة الهجوم الجريئة المتمثلة بتخطي المدن والوصول مباشرة إلى بغداد، بينما اعتمدت الخطة العراقية على الانطواء في داخل المدن بانتظار أن تأتي القوات المهاجمة والتصدي لها بأسلحة خفيفة ومتوسطة.
ويشير إلى أن وصول القوات الأميركية البرية إلى أطراف بغداد بعد 5 أيام قطعت خلالها صحراء النجف أدى إلى انهيار معنويات القوات العراقية، وهناك أسباب نفسية تتعلق بآمال وردية وعد بها الأميركان العراقيين جعلت الكثير من العراقيين يرغبون في التخلص من النظام.
وفي السياق ذاته، يقول الخبير العسكري عبدالخالق الشاهر، إن استخدام الصدمة والترويع والأرض المحروقة لم يكن مبررا إلا أن القوات الأميركية حرصت عليها حتى لتتكبد خسائر بشرية في صفوفها فتتعرض لضغوط شعبية أميركية تطالبها بالانسحاب من الحرب.
ويضيف …، “إذا أردنا أن نكون منصفين وواقعيين علينا ألا نعد الـ20 يوما التي استغرقها غزو العراق وإنما نحسب الـ12 سنة من حصار خانق وحرب اقتصادية شاملة تقريبا، سبقتها حرب عالمية من 33 دولة، وتخللتها اعتداءات دمرت الدفاعات الجوية والأسلحة العراقية”.
ويرجّح الشاهر أن سبب سرعة دخول بغداد وحسم معركتها يعود لعدم إعداد العدة للدفاع عن بغداد، وحتى فرق الحرس الجمهوري كانت ملحقة بفيالق الجيش في الشمال والجنوب.
ويلفت إلى حصول معارك مهمة في بغداد ومنها معركة المطار إلا أن القوات الغازية استخدمت سلاح فوسفور متطورا وتمكنت من احتلال بغداد، تحت وطأة القصف العنيف واستخدام النار المفرطة ضد أي شيء يتحرك، وذهب ضحية هذا التوجس الأميركي الكثير من السكان.
خسائر فادحة
وحول خسائر الغزو تقول أستاذة تاريخ آسيا الحديث والمعاصر الدكتورة خولة طالب لفتة، إن هناك تضاربا في أعداد القتلى من العراقيين، إذ أفادت دراسة أعدها معهد الاستطلاع البريطاني بسقوط نحو مليون عراقي خلال الفترة من عام 2003-2007.
https://www.youtube.com/watch?v=rs2DOuSr6Js&ab_channel=TareqQarArchive
فيديو ظهور الرئيس العراقي صدام حسين صباح يوم 9 أبريل 2003 في شوارع بغداد لتحية المواطنين العراقيين …
وتضيف …، أن تقرير المجلة العلمية البريطانية “ذا لانسيت” الذي صدر عام 2006، قدر عدد القتلى العراقيين بنحو 655 ألف قتيل منذ الغزو، في حين أشارت منظمة الصحة العالمية إلى مقتل 140-230 ألف عراقي وهو عدد قريب من تقديرات وثائق ويكيليكس المسربة في عام 2010 والتي أشارت إلى مقتل حوالي 109 آلاف عراقي، بينما اعترف الجيش الأميركي بمقتل 77 ألف عراقي بينهم 63 ألف مدني.
وفي ما يخص الخسائر المادية تذكر لفتة أنها كانت ضخمة، ابتداء بتدمير البنى التحتية، وما رافق الغزو من عمليات سلب ونهب وحرق طال أغلب الوزارات والمؤسسات الحكومية، إضافة إلى نهب المتاحف.
وتشير إلى أن الخسائر النفسية التي تعرض لها العراقيون لا يمكن قياسها، فقد تحطمت نفسية المواطن الذي يؤرقه ضياع الوطن، وغموض المستقبل… كما شهدت بغداد صفحة مؤلمة عندما تعرضت للنهب ابتداءً من القصور الرئاسية لمؤسسات الدولة للأملاك العامة للمواطنين. وسرقة المتحف الوطني العراقي ذاكرة وحضارة العراق .