
تقرير : سحب الأطفال في السويد نتيجة معرفة السوسيال بالقوانين مقابل “ضعف” العائلة أمام المحكمة
“بعدما ضربت ابنتي – بالطريقة التربوية المتعارف عليها بدولنا العربية الشرقية – كان الأمر طبيعاً حيث أكملنا يومنا، وفي اليوم الثاني ذهبت الطفلة إلى المدرسة وأبلغتهم بشكل عفوي عند ما حدث ، عندما سألوها في المدرسة ماذا فعلتي في عطلة نهاية الأسبوع …
وما كان من المدرسة إلا أنها فورا وبدون أي مراجعة معنا أبلغت السوسيال، ليتطور ما أدى إلى أن ابنتي في اليوم التالي ذهبت للمدرسة ولم تعود للبيت ! حيث اتصلوا بنا في الساعة الثانية عشر ظهرا وابلغونا أن قرار سريع من السوسيال صدر بسحب الفتاة” ..لتكون صاعقة وقعت فوق رؤسنا أنا وزوجتي !.
في ضاحية قرب مدينة يونشوبينغ وسط السويد، وصل عدد من موظفي مكتب الخدمات الاجتماعي أو ما يعرف بـ”السوسيال” إلى مدرسة الطفلة سارة (10 سنة)، وعلى الفور طلب أحد الموظفين منها مرافقته في أمر مهم وتحدثوا معها انهم هنا لحمايتها لبعض الوقت ،،، وستقضي وقت ممتع معهم ، ومنذ ذلك اليوم لم تعد الطفلة سارة إلى منزلها أو مدرستها .
بعد ساعات من الحادثة علمت والدتها أنها نقلت إلى منزل عائلة مسجّلة لدى دائرة الخدمات الاجتماعية، بصفة عائلة مضيفة، في مدينة ثانية لكي تعيش معها، بدلاً من أسرتها الأصلية، كما تروي الأم.
سارة التي لجأت من ريف إدلب شمال سوريا مع عائلتها إلى السويد هرباً من ويلات الحرب، قضيتها تخضع لنفس أسباب أغلب القضايا التي تم سحب أطفال من عوائلهم ، مثل :- العنف الجسدي والنفسي والإهمال والمنع من العلاقات الخاصة أو التسلط الاجتماعي أو التمييز ذد النساء (الفتيات) ، وعدم أهلية الأهالي.
ولكن السوسيال وهو مصطلح للمؤسسة التي من حقها سحب (حماية الطفل) من عائلته ، ليست الجهة الرسمية التي تصدر قرار السحب النهائي ، وإنما المحكمة ـ والسوسيال هي بمثابة (شرطة الأطفال) ، حيث تقوم برصد الجريمة الاجتماعية وحماية الطفل ، وتحويل القضية للمحكمة السويدية لإصدار الحكم ،
ولكن كون أن ” السوسيال ” مؤسسة حكومية فهي تملك جيش من الخبراء ، وتلال من الموارد المالية والقانونية ، تجعلها قادرة على عرض قضية راسخة كاملة بدلائل قانونية ، بدون ثغرات قانونية أمام المحكمة ، وكسب القضية بدون صعوبة .
في المقابل يكون أولياء الطفل المسحوب الحلقة الأضعف ..حيث ضعف اللغة وضعف الخبرة بالقانون ، وعدم فهم ما يحدث ، والوقوع في أخطاء قانونية في لقاءتهم مع مسئولي السوسيال ، والضغط النفسي والعاطفي – ومستوى المحاميين المتواضع دائما ، وعدم توفر الموارد لهم ولا الخبرة – لتتم محكمة قانونية تكون اغلب نتائجها تأييد سحب الطفل من عائلته … وهو قرار محكمة ذات قوة قانونية لتنفيذه ..
بمعنى آخر، تنتقل الحالة القانونية وبموجب قرار صادر عن المحكمة الإدارية في كل بلدية، من الوالدين إلى دائرة الخدمات الاجتماعية لتقرر ما يريده (السوسيال) ، وفق القانون.
تشير الفقرة الثانية، من قواعد القانون رقم 1990:52 الخاصة المتعلقة برعاية القُصر (تحت الـ18 سنة)، إلى أنه يتم فرض الرعاية (على الطفل) بناء على سوء المعاملة النفسية أو الجسدية، والاستغلال غير المناسب، وغياب الرعاية الصحية أو أي ظرف آخر في منزل الحاضنين، يمكن أن ينعكس على سلامة الطفل وصحته.
وبحسب الفقرة الثالثة، يتم اتخاذ القرار بشأن الرعاية “إذا تعرضت صحة الطفل إلى خطر أو إيذاء، بسبب تعاطي مواد الإدمان أو الأنشطة الإجرامية أو أي سلوك اجتماعي مهين آخر”.
وعند أخذ الطفل، ينتقل من وصاية والديه ليكون نزيلاً لدى أحد المؤسسات الاجتماعية التي يشرف عليها موظفون، حتى يختاروا له عائلة تقبله، ويتم نقله من بلدية إلى أخرى يجهلها الأهل، ومن دون التصريح عن مكان إقامته ومع من يعيش.
وفق الناشطة الاجتماعية، إليزابيت بروم، تحصل العائلة المُستضيفة على راتب ما بين 20 ألف كرون (2000 دولار) و40 ألف كرون (4000 دولار) شهرياً مخصوصة الضرائب.
نعتمد في هذا التحقيق على مقابلات مع أشخاص من عائلات سوريّة غيّرنا أسماءهم الحقيقية، ويقيمون في مدن سويدية مختلفة، وكانوا يشعرون بالخوف والقلق على مصير ينتظر أطفالهم، وكان من الصعب إقناعهم بالتحدث إلينا.
ونهاية قضية الطفلة سارة لا تختلف كثير عن نهايات أغلب قضايا سحب الأطفال في السويد .. إن سبب وضع اليد على الفتاة، هو تعرضها للضرب ، بعد شهور قليلة من الحادثة، صدر قرار نهائي من محكمة غوتينبرع (يوتبرىوي) باحتفاظ “السوسيال” بحق رعاية الفتاة، بسبب وجود شكّ كبير حول أهلية الأب و الأم وقدرتها على توفير الرعاية الكافية للفتاة.