
هل تشعر بالانتماء للسويد؟ لماذا يشعر المهاجر في أمريكا بالانتماء أكثر من المهاجر في السويد
نحو واحد من كل خمسة أشخاص من سكان يوتيبوري مولود في بلد آخر غير السويد، أي أنه مهاجر! هذا ما أظهره استطلاع أجرته صحيفة يوتيبوري بوستن خلال السنوات الخمس السابقة. وفي حقيقة الأمر، فإن كل 3 من 10 من سكان السويد أصولهم مهاجرة أجنبية، وكل 5 من أصل 10 سويديون لديهم أحد الآباء أو الجد الأول من أصول غير سويدية.
ورغم زيادة أعداد المهاجرين في السويد خلال السنوات الخمس السابقة، إلا أن لهم حصة صغيرة في سوق السكن وفرص أقل في العمل، ومستوى رواتب أقل، وبشكل عام هم مواطنون محدودو الدخل.
ولكن يوجد سؤال هام: لماذا قد يشعر مهاجر في الولايات المتحدة الأمريكية أنه أميركي بسرعة كبيرة مع الوقت، أما في السويد فيستغرق الأمر في كثير من الأحيان أجيالاً عدة ليشعر الشخص بأنه سويدي؟ هذا أمر مخيب للظن.
السويد قد فشلت في خلق شعور بالانتماء إلى المجتمع والهوية المشتركة، هذا ما كتبه ياسينكو سليموفيتش عضو البرلمان عن حزب الشعب في صحيفة الداكينزنيهيتر عام سنوات من الآن في ظل بداية تدفق المهاجرين الكبيرة للسويد. وكان سليموفيتش قد استأجر سيارة تاكسي للذهاب إلى مطار آرلاند ستوكهولم ، وكان سائق التاكسي من الصومال وسأله:
الكاتب: من أي بلد أنت؟
السائق: أنا صومالي الأصل، ولدي الجنسية السويدية.
الكاتب: أين وطنك؟ الصومال أم السويد؟ تكلم بصدق.
السائق: وطني الصومال.
الكاتب: كم عشتَ بالسويد؟
السائق: 18 عاماً أعيش في السويد.
الكاتب: هل تشعر أنك سويدي؟
السائق: لا، ليس في أقل تقدير، ! فالعملية تستغرق عدة أجيال لتصبح سويدي. لا أشعر بذلك، والسويديون لا يشعرون أني سويدي. إذا حاولت الشرطة السويدية البحث عن لص أجنبي أفريقي في ستوكهولم، سأكون من المشتبهين!!. عندما كانوا يبحثون عن مهاجرين غير شرعيين أوقفوني للتفتيش في محطة قطار، وعندما علموا أني سويدي كان يبدو الخجل عليهم! أبنائي بالمدرسة يطلقون عليهم الصوماليون لا أحد ينظر لهم كسويديين إلا في المعاملات الرسمية!
أنتهي الحوار ، وصعد ياسينكو سليموفيتش الطائرة ووصل إلى العاصمة الأمريكية واشنطن في مهمة لدراسة عملية الاندماج في أميركا، وعند خروجه من المطار الأمريكي بحث على سائق تاكسي ووجد تاكسي كان سائقه مهاجر أفغاني .. فسأل نفس الأسئلة إلى سائق التاكسي الأفغاني:
الكاتب: من أين أنت؟
السائق: أنا أمريكي، ولكني قادم من أفغانستان.
الكاتب: هل “الوطن” أفغانستان أم هنا في أمريكا؟ تكلم بصدق.
السائق: هنا، بطبيعة الحال. أنا أمريكي وأنتمي لهذا البلد، ولكني أيضاً أحب أفغانستان، وطن الآباء.
الكاتب: كم عشتَ في أمريكا؟
السائق: أنا هنا منذ 9 عاماً.
الكاتب: هل تشعر أنك أمريكي؟
السائق: بالطبع، وماذا أكون غير هذا؟ هذا ما أشعر به، وهذا ما يتم معاملتي به هنا.
الكاتب: هل تحب أن يقال عليك أمريكي أو أفغاني؟
السائق: شخصياً ليس الأمر مهماً، ولكني أعيش وأنتمي لأمريكا وأبناءي كذلك، فأنا أمريكي وهذا هو الصحيح والواقع.
وبعد إعداد الدراسة وإدخال هذه المشاهد في الدراسة ، تمت مناقشة الدراسة، وكانت النتائج النهائية أن تقبل المجتمع السويدي للمهاجرين يحتاج إلى وقت طويل، فالمجتمع السويدي لديه اختلافات في مفهوم *السويدي من جذور سويدية، **والسويدي من جذور أجنبية، وربما تتلاشى تدريجياً بعد الجيل الثاني من السويديين الأجانب. ولكن يظل مفهوم الشكل والأسم والدين واللون عامل مهم في المجتمع السويدي لتحديد الهوية! إنها درجة من التمييز في المجتمع، ربما ليست عدائية ولكنها تمييز مجتمعي – فالسويدي الرجل والسويدية المرأة .. والأطفال لديهم خلفية خاصة! تميزهم عن غيرهم!
وهذا أمر تؤكده منى أحمد، التي تعيش في السويد منذ 21 عاماً، وترى أن هناك اختلافاً في نظرة المجتمع السويدي إليها. وتقول فاطمة الحسيني، التي أمضت 8 سنوات ونصف في السويد، إن العادات والتقاليد لها تأثير كبير والشكل والأسم يضع الشخص في تمييز بين المهاجر والسويدي.
من جانب أخر أظهرت الدراسة أن المهاجرين حتى وهم حاملين للجنسية السويدية يشعرون بعدم الاندماج ونظرة المجتمع السويدي لهم كمهاجرين فقط ،فيظل المهاجر مرتبط بمجتمعه الأم بدرجة كبيرة فهو لا يملك غيره، وفكرة الانتماء للسويد تكون نظرية ، تشعر بالانتماء للسويد بالتقدير والامتنان والحب للسويد، ولكن تشعر دائماً أنك تنتمي لجنسيتك الأصلية. وغالباً المجتمع السويدي لا ينظر لك أنك سويدي. أنا لا أشعر بالتمييز أو العنصرية ولكن هذا هو واقع الحال.
لكن منصور العزاوي، الذي انتقل إلى السويد منذ 22 عاماً، يشعر أنه منسجم بشكل كامل بالمجتمع السويدي، ويقول إن الأساس هو هل أنت تريد ذلك؟ وتفعل ما يؤكد أنك مواطن سويدي؟ ويضيف: “السويديون أغلبهم لا يهتمون بالشكل أو الأصول، وإنما بشعورهم أنك مندمج في ثقافتهم، حتى لو لك ثقافة خاصة بك، ولكن الكثير يعيش في السويد وهو مرتبط بوطنه الأصلي منعزل بجالية وطنه”.
ويقول الباحث في الشؤون السياسية والاجتماعية من المعهد السويدي: فيما يتعلق بالمقارنة، فإن الشعور أنك مواطن سويدي يحتاج جهداً ووقتاً ورغبة، وبالفعل قد يحتاج أجيالاً لا تقل عن الجيل الثاني حتى تصل لمرحلة أنك مواطن سويدي في الانتماء، وتكون صلة الارتباط بالوطن الأم قد انقطعت مع الجيل الثالث بشكل كامل. وتظل بعض الجوانب الأخرى في مفهوم أنك سويدي، ونظرة السويديين للأجانب التي يؤثر عليها المزاج العام والخطاب اليميني المتطرف.
ولكن في أمريكا الوضع أفضل، فلا يوجد هناك مفهوم واسع أن يوجد مواطن أمريكي أصلي ومواطن مجنس من أصول مهاجرة، فهي دولة ومجتمع يقوم على تجنيس المهاجرين منذ مئات السنين، ولا يمكن تمييز الأمريكي الأصلي بالشكل أو اللغة، فثقافة وحضارة أمريكا أصبحت ترسم الأمريكي الأفريقي، والأمريكي الأشقر، والأمريكي اللاتيني، والآسيوي، وغيرهم… لا يوجد ملامح خاصة للإنسان الأمريكي.
بخلاف السويد، حيث يظل الشعور باختلاف التركيبة السكانية قائماً من خلال السويدي من أصول سويدية، والسويدي من أصول مهاجرة من خلال الملامح والثقافة، ويتلاشى تدريجياً، ولكن ليس بشكل كامل، حيث تظل عوامل الشكل الجسدي واللون لها تمييز في المجتمع.
هل تشعر بالانتماء للسويد كمواطن سويدي؟