في أعياد الميلاد.. سوريا والعراق خسرت مواطنيها المسيحيين ولن يعودوا إليها..تفريغ الشرق من المسيحيين !
مصر سوريا والعراق ولبنان – دول الثقل المسيحي في الشرق العربي الإسلامي ، ذكر تقرير سويدي متزامن مع تقارير ألمانية وأوربية متخصص في الشؤون الدينية للشرق الأوسط ، أن الطوائف المسيحية في سوريا والعراق ، تتعرض للتدمير على نحو شامل ومستمر منذ اندلاع الحرب الأهلية في سوريا ، وسقوط نظام صدام حسين بالعراق ، وبرغم أن أنظمة سوريا والعراق تمثل أنظمة ديكتاتورية ، إلا إنها كانت تحقق الاستقرار للطوائف المسيحية كنسيج وطني .
ولكن بعد الفوضى التي انتشرت بالعراق وسوريا أصبح المسيحيين من الطوائف الدينية التي لديهم مخاوف من الاضطرار إلى العيش مع وسط متطرفين انتشروا في البلاد يمارسون القمع والاضطهاد ضد المسيحيين بل وضد المسلمين من طوائف أخرى .
فقد قال منسق حوار الأديان الدولي في مؤسسة “كونراد أديناور” الألمانية، أوتمار أورينغ، في تصريحات لوكالة الأنباء الألمانية ، إن التقديرات تشير إلى أن هناك أكثر من 700 ألف مسيحي في سوريا من إجمالي نحو 1.2مليون مسيحي فروا من سوريا باتجاه أوروبا وأمريكا في رحلة لجوء بلا عودة !
وأضاف: “هؤلاء خسرتهم سوريا، فهم لن يعودوا إليها”…بينما أضاف تقرير سويدي أن العراق خسر 65 بالمائة من مواطنيه المسيحيين اغلبهم هاجر لأمريكا وكندا وأوروبا منذ 2003 إلى 2019 . وهولاء أيضا لن يعودوا للعراق لا الآن ولا في المستقبل ، حيث يندمج الجيل الثاني من مسيحيين الشرق من سوريا والعراق بشكل سريع في المجتمعات الأوروبية وأمريكا ، لتقارب المفاهيم المسيحية بينهم . وارتباطهم بالكنائس الشرقية هناك التي توفر لهم بديل جيد للانتماء عوضا عن بديل العودة للعراق وسوريا .
من جانب أخر قال المطران بشار متى وردة، في خطاب عاطفي في لندن: “المسيحيون العراقيون على وشك الانقراض بعد 1400 عام من الاضطهاد”. وأضاف إنه “منذ الغزو الأمريكي للعراق الذي أطاح بنظام صدام حسين في عام 2003، تضاءل عدد المسيحيين بنسبة 83 في المئة، من حوالي 1.5 مليون إلى 250 ألف فقط، وإن الكنيسة العراقية واحدة من أقدم الكنائس في العالم إن لم تكن الأقدم، وتقترب من الانقراض بشكل متسارع، ويجب أن تكون البقية الباقية على استعداد لمواجهة الشهادة”.
كما أفاد تقرير المجلس الأوروبي لحقوق الإنسان 2019 ، أن مسحيين الشرق الأكثر استقرار في النسيج الوطني هم في مصر ولبنان ، وهم الأكثر ارتباط بالجذور والعودة أو التواصل مع مجتمعاتهم رغم أن هجرتهم أيضا تكون بلا عودة للجزء الأكبر منهم ، ولكن لديهم نسبة كبيرة يعودون لبلادهم الأصلية في مرحلة ما من العمر ، والنسبة الأكبر يكون لديهم مساكنهم ورحلاتهم السنوية للبنان ومصر .. ويعود ارتباطهم القوي ، كون أن الجزء الأكبر منهم خرج في رحلة هجرة وعمل واستثمار ولم شمل ولم يخرجوا في موجات نزوح للجوء ..
بجانب أن مسيحيين مصر ولبنان لديهم تكوين وتأثير قوي في المجتمع والاقتصاد والسياسة وداخل المؤسسة العسكرية في لبنان ومصر بل ويشاركون في الحكم بشكل رسمي معلن ومؤثر ، وهذا لم يتحقق لمسيحيين العراق وسوريا الذين يظلوا مهمشين في السياسة ككتلة مهمة من نسيج الشعبين …حيث الأنظمة الحزبية شديدة القمعية في العراق وسوريا كانت تهيمن على كل نواحي الحياة الاجتماعية والاقتصادية …
كما أن مسيحيين العراق وسوريا كانوا الحلقة ألأضعف في مجتمعاتهم . بينما في لبنان يوجد قواعد سياسية وعسكرية مسيحيه لها وزن وسيطرة على لبنان ، وفي مصر توجد الكنيسة القبطية التي تمثل كيان قائم بذاته بقوانينه ونفوذه الاجتماعي والمالي والاقتصادي ومؤثر في إدارة البلاد
وبحسب التقديرات، كانت تشكل الأقلية المسيحية في سوريا قبل اندلاع الحرب الأهلية في آذار/مارس عام 2011 ما يتراوح بين 4 و 7 بالمائة من إجمالي عدد السكان. يعتقد أن النسبة الآن اقل من 3 بالمائة أي أن سوريا فقدت ما يقارب نصف مواطنيها المسيحيين…وفي العراق فالنسبة حاليا لا تتجاوز 3 بالمائة من تعداد سكان العراق ، وكانوا في ظل نظام صدام حسين يقاربوا ال 7 بالمائة.
وذكر أورينغ أن العقبة الكبرى أمام عودة النازحين السوريين إلى بلادهم لا تزال غياب الأمن وعدم رغبة الأبناء بالعودة ..،
وقال: “من يرغب في العودة لن يجد المجتمع الذي كان تركه عند خروجه ، فقد تغيرت المجتمعات في العراق وتحولت لمجتمع ذات صبغة دينية طائفية ، وكذلك سوريا حدث بها تحول ديموغرافي جعل نسبة السكان تختلف في مدن سوريا مع تغير ترسخ الخلافات . لكن لا تزال فكرة العودة أمر غير ممكن في كثير من الأماكن”.
وأشار أورينغ إلى أن المسيحيين لديهم مخاوف من الاضطرار إلى العيش في المناطق التي سيطر عليها المتطرفون أو من يناصرهم ، أو مع مسلمين متطرفين قاموا بمطاردتهم أو مضايقتهم سابقا و لا يرتحون لوجودهم .
وبحسب أورينغ، ينظر قطاع كبير من المسيحيين في المقابل للعيش في المناطق التي تسيطر عليها الحكومة السورية على نحو إيجابي، لكن مسيحيين العراق لا يجدون أن العيش في ظل حكومة العراق أمر إيجابي ، ويجدون أن أربيل كردستان ربما الموقع الأفضل لهم أن أرادوا العودة للعراق .
وأكدت التقارير أن مسيحيين الشرق سكان أصليين في مصر والعراق ولبنان وسوريا ، بل كان قبائل العرب في العراق والشام تدين بالمسيحية قبل ظهور الإسلام ، فهم نسيج حضاري بتلك الدول ، كذلك بمصر …
ولكن مشكلة مسحيين الشرق ليست في التعايش مع المسلمين كنسيج وطني واحد ، وأنما التعايش مع الصراعات الطائفية التي تحدث بين المسلمين وانفسهم ، مما يجعلهم مجموعة سكانية مستهدفة في هذه الصراعات ، حيث ظهور التطرف والمتطرفين الذي يستهدف المسلمين المخالفين له وغير المسلمين ومنهم المسحيين أو الايزيديين …،
بجانب صراعات الدولة القمعية ومعارضيها وهم غالبا الإسلاميين ، يجعل من مسيحيين الشرق مستهدفين من الجميع ، وغير مرحب بهم أو دون حماية الأنظمة القمعية التي قد تستخدمهم في الصراعات الطائفية ، أو تفرض عليهم المشاركة في هذه الصراعات رغم رفضهم .
تجدر الإشارة إلى التقارير أشارت إلى أن تفريغ الشرق من المسيحيين يؤدي إلى فقدان مكون حضاري وثقافي مهم ، وفقدان توازن مهم طالما حققته الدول العربية الإسلامية خلال 1400 عام رغم الصراعات وفترات استهداف المسيحيين المتكررة.
إلا أن مسيحي الشرق شاركوا المسلمين كل وسائل القمع التي تعرضت لها الشعوب الشرق أوسيطة من الأنظمة الديكتاتورية ، وكانوا حلقة مهم في توازنات العالم الإسلامي مع الغرب المسيحي ، وكانوا أصحاب رؤوس أموال واستثمارات دعمت أواطناهم ، ونخب علمية مميزة ، وسياسيين واقتصاديين دعموا نهضت مسيرة الدولة الوطنية في الشرق الأوسط .
الجدير بالذكر أن أورينغ معد التقرير – عمل على مدار 30 عاما تقريبا لصالح منظمة “ميسيو” الكاثوليكية التبشيرية الدولية، وشغل خلال ذلك منصب مدير الوحدة المختصة بشؤون أفريقيا والشرق الأوسط. وبعد ذلك ترأس مكتب مؤسسة “كونراد أديناور” في الأردن. ومنذ عام 2016، يشغل أورينغ منصب منسق للحوار الديني الدولي في المؤسسة.
ع.ج.م/ح.ز (د ب أ)