لاجيء لا مأوى له الا الشارع “السويد رفضت لجوئي وقررت ترحيلي” ولكن إلى أين؟
فارس لاجئ فلسطيني من حملة الوثيقة المصرية ومواليد ليبيا. قرر عام 2014 الهجرة إلى أوروبا بحثا عن الحياة السعيدة، إلا أن لجوءه رفض وصدر قرار بترحيله. المشكلة التي واجهتها السلطات السويدية كانت في رفض ليبيا ومصر استقباله. فارس تواصل مه مهاجر نيوز ليشارك قصته ويجد حلا.
اسمي فارس*، من مواليد مدينة بنغازي الليبية عام 1980. أنا فلسطيني لاجئ من حملة الوثيقة المصرية. أهلي لجأوا إلى مصر بعد النكبة عام 1948 ولاحقا لظروف متعددة غادروها إلى ليبيا. طبعا نحن كوننا لاجئين فلسطينيين لا يمكننا العودة إلى مصر مع أننا من حملة وثيقة السفر المصرية.
عام 2014، ومع تدهور الأوضاع الأمنية والاقتصادية في ليبيا، قررت الهجرة والسعي وراء مستقبل أفضل. كل ما كنت أحلم به هو تأسيس عائلة والعيش بسلام.
خضت البحر، وصلت إلى إيطاليا ومنها قطعت المسافة كاملة حتى وصلت السويد. قصة عبوري البحر والحدود البرية لا تختلف كثيرا عن قصص سائر اللاجئين والمهاجرين ممن خاضوا هذه الرحلة من قبل، ولكن ما يحصل معي حاليا هو المختلف.
ما إن وطئت الأراضي السويدية حت طلبت مباشرة اللجوء. مع الطلب قدمت كافة الوثائق المطلوبة، جواز سفري وثيقة ولادتي حتى أوراق ثبوتية تخص أفراد عائلتي في ليبيا.
وثيقة سفرخاصة باللاجئين الفلسطينيين تصدرها السلطات المصرية. الصورة أرسلها لنا فارس
رفض طلب لجوئي في السويد وفي هولندا
رفض طلب لجوئي أول مرة أواخر 2014 بحجة أنه ليس هناك خطر داهم على حياتي يستوجب منحي الحماية. فاستأنفت ورفضت، وأعدت الاستئناف لأرفض مرة ثالثة. لم أعرف ما الذي يجب علي القيام به فقررت الانتظار، إلا أن الوقت لم يكن بصالحي.
نهاية 2015 أصدرت السلطات السويدية قرارا بضرورة مغادرة كافة من رفضت طلبات لجوئهم الأراضي السويدية، وبالتالي إخراجهم الفوري من مراكز الإيواء ووقف المساعدات المالية المعطاة لهم.
الخبر وقع علي كالصاعقة. طبعا لم يكن أمامي الكثير من الخيارات، توجهت إلى الشرطة وطلبت إعادتي إلى ليبيا، هذا كان الحل الوحيد المطروح أمامي، فلن أذهب إلى بلد آخر لأمر بنفس التجربة. المفاجأة هذه المرة جاءتني من السلطات السويدية، التي رفضت إعادتي إلى ليبيا كونها مصنفة ضمن المناطق الخطرة، كما أن السلطات الليبية رفضت استقبال أي مهاجر يعاد ترحيله إذا لم يكن من حملة الجنسية الليبية.
بطبيعة الحال حاولت السويد ترحيلي إلى مصر، إلا أنهم فوجئوا برد مصري حازم برفض استقبالي، حتى ولو أني حامل لوثيقة سفر صادرة عن السلطات المصرية.
قلت سأجرب حظي في بلد آخر فذهبت إلى هولندا. هناك لم ألق معاملة مختلفة، سلطات الهجرة رفضت منحي فرصة ثانية لتقديم طلب لجوء، ,وظهرت مشكلة دبلن والبصمة الاولي ، ولم هولندا ترض بترحيلي إلى ليبيا أيضا. استمر الحال على ما هو عليه في هولندا حتى 2017، عندما صدر قرار بإعادتي للسويد.
وصلت السويد مرحل من هولندا ، أخذوني حينها إلى سجن الترحيل ، بقيت فيه 40 يوما، وسلطات الهجرة السويدية تحاول بشتى الطرق إيجاد بلد يستقبلني، وبعد أن يئسوا واستسلموا للواقع رموني في الشارع في السويد بلا هوية لجوء ولا مال ولا سكن ولا اي حقوق !.
حاليا أنا في مدينة يوتوبوري، أبات في محطات القطارات ومداخل الأبنية. البارحة اقتادتني الشرطة من أحد مداخل الأبنية التي ألجأ إليها في الليل للمبيت والاخباء من الشتاء القارص والبرد ، أحد السكان رآني وأنا أتحضر للنوم هناك فاتصل بالشرطة.
مدخل أحد المباني التي يبيت فيها فارس. الصورة أرسلها لنا فارس
في مركز الشرطة قالوا لي إنه لا يحق لي المبيت في أماكن كهذه، أطلقوا سراحي بعدما تأكدوا من قصتي دون أن يجيبوا عن أسئلتي حول ما يمكنني فعله في هذه الحالات.
أقتصد باستخدام ملابسي والطعام ليس متوفرا بشكل دائم ..حيث اعيش علي مساعدة الاخرون بالشارع وبالمنطقة التي اتجول فيها من مساجد المنطقة او الكنائس .
لدي بعض الملابس التي حصلت عليها من الصليب الأحمر، وضعتها في أحد مساجد المنطقة. طبعا ليست كثيرة لذا أحاول أن أقتصد باستخدامها كوني ليس لدي طريقة لغسل الملابس بشكل دائم. أما الطعام فغالبا ما أحصل عليه إما من المسجد أو من الكنيسة فهم الملجاء الاخير لي للمساعدة والا لكنت مت بالشارع ، أو من تبرعات أشخاص تعرفوا علي وسمعوا قصتي وتعاطفوا معي. تمر علي أيام لا أحظى فيها سوى بوجبة واحدة.
بالنسبة للهاتف، مثلا إذا فرغت البطارية، أتوجه إلى أحد المساجد او الكنائس اذا توفر الوقت للدخول ، او من عمال يعملون بكطاعم بيتزا يساعدوني ، وبنفس الوقت لأستفيد من WIFI لديهم. أحاول أن أقتصد باستخدام الهاتف كي لا تفرغ بطاريته وأضطر للذهاب للمقهى والتذلل للمساعدة .
هاتفي لا يكلف كثيرا، فمما أستطيع توفيره من التبرعات التي تأتيني من بعض المتضامنين أدفع كارت شحن لاستخدام النت فهو وسيلتي لمراسلة المنظمات وارسال الرسائل عبر البريد ومراسلة عائلتي في ليبيا . هاتفي يستقبل المكالمات فقط، لا يمكنني الاتصال من خلاله، لاني احول الرصيد لانترنيت .
أكثر ما يؤلمني هو عدم قدرتي على التواصل مع عائلتي في ليبيا بشكل دائم. فالإنترنت لديهم سيء جدا، وظروفهم بليبيا سيئة ، جعلت من الصعب تعقب أماكن إقامتهم المتنقلة ومعرفة أحوالهم.
“أريد حياة طبيعية”
أنا في الشارع منذ 15/08/2018، أي منذ أربعة أشهر. حتى الآن تمكنت من تدبر أموري، إلا أنني لا أعرف ما الذي علي القيام به عند مجيء الشتاء، الحرارة هنا تصل 10 تحت الصفر، لا أعرف ما الذي يجب علي القيام به.
تواصلت مع مفوضية اللاجئين في ستوكهولم، ذهبت إليهم، قالوا لي إن السويد دولة حقوق إنسان وإنها تستقبل اللاجئين وعلي الانتظار قليلا. وأكدوا لي أنهم حاليا لا يمكنهم مساعدتي بشيء بتاتا، حتى أنهم رفضوا إعادتي إلى ليبيا.
الصليب الأحمر قالوا لي إن مهمتهم تقتصر على الإغاثة، وأنهم لا يستطيعون القيام بشيء من أجلي.
ذهبت للسفارة الليبية والمصرية وحتى الأردنية، وجميعهم رفضوا حتى الاستماع لقصتي. في السفارتين المصرية والأردنية كنت عل وشك أن أطرد فتم معاملتي بكل اهانة واذلال .
حتى سفارة السلطة الفلسطينية لم تستطع مساعدتي، فكوني من حملة الوثائق هذا يعني أنني لست مقيما في أراضي السلطة، وبالتالي لا صلاحية قانونية أو إدارية للسلطة علي.
حلمي أن أعيش، أنا في السويد منذ 5 سنوات تقريبا، أريد أن أحظى بحياة طبيعية، أريد أن أستقر وأؤسس عائلة، لا مستقبل أمامي حتى في السويد.