تقرير STV: سكان غرينلاند الأصليون يفضلون الانضمام لأمريكا بدلاً من عنصرية الدنماركيين
المركز السويدي للمعلومات SCI - يناير 2025
تقرير جديد للتلفزيون السويدي STV يشير إلى أن سكان غرينلاند يميلون للانضمام إلى الولايات المتحدة الأمريكية بسبب التمييز العنصري من قبل الدنماركيين. حيث أثارت تصريحات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب وابنه حول ضم غرينلاند للولايات المتحدة، وما تطرقوا إليه من معاملة سكان غرينلاند بعنصرية من قبل الدنماركيين، موجة جدل واسعة. كما بدأت تظهر ردود فعل مختلفة حول هذه التصريحات وطبيعة العلاقة بين الدنمارك وجزيرة غرينلاند.
التلفزيون السويدي أشار في تقريره أن ترامب وابنه الذي ارسله لغرينلاند ،أكدا أن الغرينلانديين يتعرضون للتمييز ويُعاملون كمواطنين من الدرجة الثانية. وهذه التصريحات وجدت صداها بين العديد من سكان غرينلاند الذين أيدوا هذه التصريحات ، مثل هانا ناجاياجا أولسن، وهي طالبة غرينلاندية تدرس في كوبنهاغن منذ أربع سنوات.
العنصرية ضد سكان غرينلاند في الدنمارك
تقرير التلفزيون السويدي استشهد بتقرير دنماركي أخر حديث، أكد أن أربعة من كل خمسة غرينلانديين يشعرون بالتهميش والتمييز. من بين هؤلاء الطالبة الغرينلاندينة هانا التي أكدت هذه الظاهرة، مشيرة إلى أنها تعرضت شخصيًا لمواقف عنصرية، مثل سلوكيات استهزائية من الدنماركيين ، أو محاولتهم الابتعاد عنها، بل وصل الأمر إلى أن يتم الإشارة إليها بسبب أصولها الغرينلاندية. وتقول للتلفزيون السويدي..
“لم أكن أتوقع أن يكون الأمر بهذه الصعوبة،” تقول هانا، مضيفة أنها عانت من فترات نفسية سيئة، وصلت إلى حد شعورها بالقلق عند التحدث في الفصل الدراسي وعند إعلان إنها من غرينلاند.
دعم ترامب الابن وموقفه
وفي زيارة إلى غرينلاند، صرح دونالد ترامب الابن أن الدنماركيين يعاملون الغرينلانديين كـ”مواطنين من الدرجة الثانية”، وهو ما أيده العديد من سكان الجزيرة، بما في ذلك هانا. حتى الحكومة الدنماركية اعترفت بوجود مشكلة في معاملة سكان غرينلاند، حيث أعلن وزير الاندماج الدنماركي، كاره نيبفاد بيك، عن تخصيص ميزانية إضافيةبملايين الكرونات لتحسين وضع الغرينلانديين.
غرينلاند وأمريكا: مستقبل مختلف؟
وما قد يشجع و يدفع سكان غرينلاند للتفكير في خيار الانضمام إلى أمريكا هو الإحساس بالتمييز في الدنمارك، حيث يعتبرهم الدنماركيين”مختلفين” عن عرقهم الاسكندنافي ذوي البشرة والشعر الأشقر والمواصفات العرقية الأخرى. ولكن الولايات المتحدة، من ناحية أخرى، هي الأقضل في تنوعها الثقافي والعرقي وقبول الجميع كــ أمريكيين. مثال على ذلك هو سكان ألاسكا، الذين ينتمون إلى أصول محلية ويعيشون كجزء من النسيج الأمريكي دون تمييز. ويرى سكان غرينلاند في ذلك نموذجًا يمكن أن يضمن لهم الاحترام والمساواة إذا انضموا إلى أمريكا.
التشاؤم حول المستقبل
ورغم الجهود المعلنة من قبل الحكومة الدنماركية، تشعر هانا والكثير من سكان غرينلاند بالتشاؤم حول إمكانية تحسين الوضع. وتقول :-
“آمل فقط أن يحترمنا الدنماركيون أكثر ويعترفوا بوجود العنصرية في البلاد،” تقول هانا.
سكان غرينلاند الأصليون: أصولهم وعددهم
1. الأصل العرقي والهوية
سكان غرينلاند الأصليون يُعرفون باسم الإسكيمو (Inuit) وهم بذلك امتداد عرقي وثقافي لسكان الإسكيمو الأمريكي، وهم سكان ولاية ألاسكا الأمريكية . وينحدرون من شعوب تسمى ” الإسكيمو-أليوت” الذين انتقلوا إلى مناطق القطب الشمالي قبل آلاف السنين.
- أصولهم تعود إلى شمال شرق آسيا، حيث هاجر أجدادهم عبر مضيق بيرينغ قبل حوالي 4,500 عام.
- يعتبرون من الشعوب الأصلية في القطب الشمالي ولهم ثقافة فريدة، بما في ذلك لغتهم الأم وهي لغة الكالاليست (Kalaallisut)، وهي إحدى اللغات الرسمية في غرينلاند إلى جانب الدنماركية.
2. عدد السكان الأصليين
يبلغ إجمالي سكان غرينلاند حوالي 56 ألف نسمة، وأكثر من 90% منهم من الإسكيمو الأصليين. البقية هم أوروبيون، غالبيتهم دنماركيون انتقلوا للعيش والعمل هناك.
انتماء غرينلاند ولماذا تحت سيطرة الدنمارك؟
1. التاريخ والسيطرة الدنماركية
الاتصال الأول بالدنمارك: في القرن الـ18، بدأ المبشرون المسيحيين الدنماركيون بالوصول إلى غرينلاند بهدف نشر المسيحية. ثم بدأت السيطرة الكاملة: في عام 1814، حيث أصبحت غرينلاند رسميًا جزءًا من مملكة الدنمارك وفقًا لمعاهدة كيل بعد انتهاء الاتحاد بين الدنمارك والنرويج. وظلت غرينلاند مستعمرة دنماركية حتى عام 1953، عندما أُعلن أنها أصبحت جزءًا لا يتجزأ من الدنمارك وإنها أرض دنماركية! وحصلت على حقوق المواطنين الدنماركيين.
2. الاستقلال الذاتي
في عام 1979، حصلت غرينلاند على حكم ذاتي، مما منحها سيطرة أكبر على شؤونها الداخلية، لكن السياسة الخارجية والدفاع ما زالا تحت إدارة الدنمارك ويسيطر على الحكم الذاتي إدارة دنماركية أوروبية. في عام 2009، توسع الحكم الذاتي بشكل أكبر، وأصبحت اللغة الغرينلاندية هي اللغة الرسمية. وهذا ما جعل الدنماركيين يعتبرون الغرينلاديين شعوب أخرى مختلفة عنهم !
3. لماذا ما زالت تحت الدنمارك؟
الاقتصاد: غرينلاند تعتمد بشكل كبير على الدعم المالي من الدنمارك، الذي يمثل حوالي ثلث ميزانيتها السنوية.
الجغرافيا والسكان: مع تعداد سكاني صغير وانتشار السكان في منطقة واسعة قاسية المناخ، تواجه غرينلاند تحديات اقتصادية كبيرة تجعلها تعتمد على الدنمارك.
هل هناك توجه للاستقلال؟
سكان غرينلاند يشعرون بفجوة ثقافية كبيرة بينهم وبين الدنماركيين، حيث يرون أنهم يُعاملون كمواطنين من الدرجة الثانية.
كثير من الغرينلانديين يدعمون فكرة الاستقلال الكامل، لكنهم يدركون أن ذلك يتطلب بناء اقتصاد قوي ومستدام أولًا. ولكن عدد السكان القليل وضعف القدرات لمفهوم الدولة تجعلهم يبحثون عن تلاصق بدولة مثل أمريكا والدنمارك
الطموح نحو أمريكا: بعض الأصوات ترى أن الانضمام إلى أمريكا قد يكون خيارًا أفضل لسكان غرينلاند، نظرًا للتنوع الثقافي والقبول الأكبر للعرقيات المختلفة في الولايات المتحدة مقارنة بالدنمارك.
ثروات غرينلاند وموقعها الاستراتيجي كمصدر للسيلكون والمعادن النادرة
غرينلاند، أكبر جزيرة في العالم، ليست فقط موطنًا لثقافة فريدة وسكان أصليين، بل تُعد أيضًا منجمًا غنيًا بالثروات الطبيعية، خاصة تلك المطلوبة في الصناعات التكنولوجية الحديثة. أحد أبرز هذه الموارد هو السيلكون والمعادن الأرضية النادرة، التي تلعب دورًا أساسيًا في الصناعات المتقدمة، والتي تسيطر الصين على إنتاجها عالميًا.
1. السيلكون والمعادن الأرضية النادرة في غرينلاند
السيلكون: يُعتبر من المعادن الأساسية في صناعة الإلكترونيات، الألواح الشمسية، والرقائق الدقيقة. مع نمو الطلب العالمي، أصبحت غرينلاند مركز اهتمام للدول الكبرى نظرًا لاحتوائها على رواسب ضخمة.
العناصر الأرضية النادرة (Rare Earth Elements): غرينلاند تحتوي على احتياطيات كبيرة من هذه المعادن التي تُستخدم في إنتاج الهواتف الذكية، البطاريات، السيارات الكهربائية، والمعدات العسكرية المتطورة.
ثروات أخرى:
اليورانيوم: يُستخدم في الصناعات النووية.
الذهب والماس: يتم استخراجها في بعض المناطق.
النفط والغاز الطبيعي: تشير الدراسات إلى احتمالية وجود كميات ضخمة من هذه الموارد تحت الجليد الغرينلاندي.
2. السيطرة الصينية على السوق العالمي
الهيمنة الصينية: الصين تسيطر على حوالي 90% من إنتاج المعادن الأرضية النادرة عالميًا. وقد استخدمت هذه السيطرة كأداة ضغط اقتصادي وسياسي في السنوات الأخيرة.
غرينلاند كبديل: إذا طُوِّرت موارد غرينلاند بشكل صحيح، يمكن أن تكسر احتكار الصين لهذه المعادن، مما يجعلها شريكًا استراتيجيًا للدول الغربية.
3. لماذا تهتم الدول الكبرى بغرينلاند؟
أ. الولايات المتحدة:
أمريكا ترى في غرينلاند فرصة استراتيجية لتأمين مواردها من المعادن المهمة دون الاعتماد على الصين.
في عام 2019، أبدى الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب اهتمامًا بشراء غرينلاند بسبب موقعها الجيوسياسي وثرواتها.
ب. الدنمارك وأوروبا:
غرينلاند جزء من مملكة الدنمارك، لكنها تمتلك حكمًا ذاتيًا. الدنمارك تدرك أن فقدان غرينلاند يعني خسارة السيطرة على مواردها الهائلة.
ج. الصين:
الصين استثمرت بالفعل في مشاريع التعدين في غرينلاند. تحاول بكين تأمين موطئ قدم في المنطقة لمواصلة هيمنتها على المعادن الأرضية النادرة.
5. غرينلاند كمفتاح لتوازن القوى
إذا طورت غرينلاند مواردها واستغلتها بالتعاون مع أمريكا وأوروبا، يمكن أن تصبح الجزيرة لاعبًا رئيسيًا في كسر الهيمنة الصينية على المعادن النادرة.
في نفس الوقت، يمكن أن تستفيد غرينلاند اقتصاديًا بشكل كبير، مما يساعدها في تحقيق استقلال اقتصادي وسياسي عن الدنمارك.