وضع اللاجئين في أيرلندا فرصة الاستقرار للمهاجر “مرهونة بالحظ تماما”
إيرلندا تلك الدولة الناطقة بالإنجليزية والتي تعتبر بوابة لبريطانيا فيتدفق لها اللاجئين الباحثين عن بلداً انجليزي يفتح لهم أفاق أكبر للمستقبل والاتصال بالعالم الغربي ،أصبحت إيرلندا بلدا صعب للاجئين ليس فقط في الحصول علة الإقامة ولكن في ظروف الاستقرار والبقاء ـ
حيث يشتكي مهاجرون من أن السلطات الإيرلندية تطلب منهم الذهاب إلى مركز “كروكسلينغ” للإيواء المتواجد على رأس جبل وضمن غابة على بعد أكثر من أربعين كيلومترا من مركز العاصمة دبلن، وأنهم لم يتحملوا العيش فيه نظرا للبرد الشديد في خيامه والخدمات السيئة. كما يرى بعضهم أن هناك شواغر في أماكن أخرى، ويفضلون البقاء في الشارع بانتظار “حظ أوفر” في السكن. تقرير حول بعض مراكز الإيواء في دبلن ومحيطها.
ويرى المهاجرين المتضررين أن السلطات الإيرلندية غير منصفة بإرسالهم إلى مخيم كروكسلينغ (Crookseling)، كونه معزول وبارد جدا وخدماته سيئة، في حين أن مراكز أخرى تحوي شواغر من الأسرّة وخدماتها أفضل لا يتم إرسالهم إليها، والأمر مرهون “بالحظ تماما”، وفقا لشهاداتهم.
وحسب مكتب وزارة الداخلية ، في الأسابيع الـ25 الأولى من عام 2024، وصل أكثر من 9,700 شخص إلى أيرلندا، بمتوسط 389 شخصا في الأسبوع. وهذا أكثر من خمسة أضعاف المتوسط من 2017 إلى 2019. وأعلى الطلبات الأسبوعية في عام 2024، تجاوزت 610 أشخاص.
ووفقا لإحصائيات شبه أسبوعية وشهرية تنشرها الوزارة، أكبر معدل للواصلين من بين العرب هم الأردنيون والفلسطينيون والجزائريون، والعدد الأكبر إجمالا هو من النيجيريين. وفي عموم إيرلندا، هناك 307 مراكز بعض منها مؤقت، تستوعب 31,375 طالب لجوء، بينهم 7,994 طفلا.
وتقر الحكومة بوجود مشكلة كبيرة في تأمين أماكن للسكن للمهاجرين واضعة استراتيجية تسعى إلى “معالجة النقص الحالي في أماكن الإقامة، مع إصلاح النظام على المدى الطويل لضمان قدرة الدولة على الوفاء بالتزاماتها الدولية”، حسبما أفادت الوزارة.
وتضيف أن النهج المتعدد المجالات المعتمد “يسعى لزيادة القدرة الدائمة المملوكة للدولة (…) لبناء نظام فعال لمواجهة الواقع الجديد للاحتياجات المتزايدة مع تمكين الدولة من أداء واجبها في تلبية الاحتياجات وشروط الاستقبال لطالبي الحماية الدولية”.
وواقع الحال، بعض المهاجرين يقضون شهورا طويلة دون أن يُقترح عليهم أي مخيم عدا عن “كروكسلينغ” الذي يشتكون منه، وبعضهم الآخر أوفر حظا، ويقترح عليهم بعد شهر أو أقل أحيانا العيش في مخيمات مقبولة أكثر وخدماتها أفضل.
تقول الناشطة غريان جونز لمهاجر نيوز إن “زمن بقاء المهاجرين في الشارع يعتمد على سياسة الدولة، بعضهم يجدون سكنا أسرع من غيرهم، وحتى من يعطونهم سكنا يكون في شروط ليست جيدة، خصوصا أن هناك خيام قد تخلعها الرياح، إضافة إلى مشاكل النظافة في الوقت الذي يقال فيه إن السكن جاهز”.
نستعرض فيما يلي أحوال بعض هذه المراكز التي نقلها مهاجرون في أماكن مختلفة من دبلن.
“مكان غير صالح للحياة”، “كروكسلينغ” Crookseling
مركز “الجبل” حسبما ينعته طالبو اللجوء، ويبعد أكثر من أربعين كلم إلى الجنوب الغربي عن مركز العاصمة. ذهب فريق مهاجر نيوز إلى المركز الذي أغلق أحد الموظفين الباب في وجهه وهو يضع قماشا يغطي نصف وجهه موصيا المهاجرين الداخلين أو الخارجين بعدم التحدث.
ويرفض مهاجرون كثر المكوث به خصوصا بسبب البرد حيث إن الخيام فيه لا تقي من البرد الشديد حتى في فصل الصيف، إضافة إلى سوء الخدمات والنظافة. ويقول مهاجرون إنهم بعد أن جربوا البقاء فيه أيام قليلة آثروا العودة إلى الشارع في الخيام الصغيرة في دبلن والتي يرون أنها تقي أكثر من البرد.
يشرح *قدورة الرجل الفلسطيني ذي 37 عاما والذي قد وصل إلى دبلن قبل أسبوعين تاركا عائلته في الأردن، لماذا يفضل المهاجرون البقاء عند قناة “غراند كانال” جنوب دبلن بدلا من الذهاب إلى مخيم كروكسلينغ الذي تقترحه السلطات، ويشتكي من قلة النظافة خصوصا ويقول إنه مرض بعد محاولته العيش فيه لأيام قليلة وإنه لم يجد سوى الشارع بديلا.
يقول *داوود (25 عاما) وهو مهاجر أفغاني وصل إلى دبلن منذ أسبوع بعد رحلة طويلة بدأت قبل نحو ثلاثة أعوام ورفض طلب لجوئه في فرنسا بعد أن أقام فيها عاما وثمانية أشهر، “نحن 16 شخصا في الخيمة الواحدة، وهذا كثير، هناك الكثير من الضجيج ولا أستطيع النوم. الوجبات غير كافية وغير مطبوخة بشكل جيد وليس لديها طعم”.
ويضيف “المشكلة أننا في وسط العدم. هذا الصباح، كان لدي موعد إداري، ورغم أنني تقريبا لم أنم، نهضت الساعة الخامسة من أجل الذهاب إلى المركز، أعتقد أن الحياة قرب القناة أفضل، على الأقل التنقل أسهل هناك”. ويكمل “لا أردي كم سيستغرق كل هذا من الوقت، أخاف أن يستمر كثيرا، أخاف من المستقبل”.
ويظهر *مجيد الشاب الأفغاني ذي 22 عاما ظروف الحياة داخل هذا المخيم، وهو الذي وصل قبل يومين فقط إلى دبلن.
ويقدر مهاجرون وناشطون أن في المركز حاليا حوالي 250 إلى 300 شخص.
“فندق في الاسم لكنه مهجع”، “سيتي ويست” Citywest
يقع على بعد كيلومترات قليلة من مركز “كروكسلينغ”، وهو”فندق في التسمية لكن في الواقع عبارة عن مهجع ضخم، كل غرفة تتسع لنحو أربعين شخصا، تفصل بين الأسرّة حواجز بلاستيكية لا تعطي أي نوع من الخصوصية”، حسب *حازم الشاب الفلسطيني ذي الـ29 عاما والذي يعيش فيه منذ أكثر من شهر وبعد أن قضى مدة مماثلة في الشارع لدى وصوله بعد رحلة تهريب طويلة انطلقت من بيت لحم.
يضيف حازم “نأكل كل يوم الوجبات نفسها، سرقوا هاتفي الشخصي، وتقع حوادث سرقات في الكثير من الأحيان، حتى الشواحن تسرق أو أي شيء، سوف نبقى هنا مدة ستة أشهر كحد أقصى، لكن بعد ذلك يتم نقلنا، وربما إلى أماكن أسوأ وأبعد”. ينظر إليه صديقه الأردني ذي الـ34 عاما، والذي وصل قبل ستة أشهر ويبيت في الشارع، ويعلق على كلامه “أنت هنا على الأقل لديك سقف يؤويك”.
يضيف صديقاه، وهما شقيقان فسطينيان في أوائل العشرينات من العمر من طول كرم “لم نستلم الإيميل الذي يفيد بنقلنا إلى هنا، نود كثيرا لو نعيش في هذا المخيم لأنه أفضل بكثير من ذاك الآخر (كروكسلينغ)، وهو أفضل بالطبع من البقاء في شوارع دبلن حيث يتم إزالة الخيام بشكل دوري وفي كل مرة نعيد تأمين خيام أخرى ونتدبر أمرنا”.