الحَرّ يُنهك العمّال في دول الشرق الأوسط وفي السويد الطقس المعتدل يسبب الإحباط!
قد يكون من فوائد العيش في السويد هو الطقس البارد الذي لا يعرف حراً في الصيف ولاشمس مقارنتاً بما هو عليه الوضع في الدولة العربية ودول الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، فهذه هي المناطق التي تتعرض بشكل خاص للضرر الأكبر لتأثيرات التغيّر المناخي والذي ترتفع فيه موجات الحرّ لمستوى تاريخي غير مشهود.
وكونك من المتحدثين العربية وتعيش في السويد فهذا يعني إنك تخلصت من معاناة موجات الحر القاتلة التي تضرب منطقة الشرق الاوسط وشمال أفريقيا وتنعم حاليا بصيف بارد هادئ معتدل قد يكون محبط لك ! ولكن تذكر أن البديل في الدول الأخرى حّر لا يحتمل .
وفي دول هذه المنطقة، ومن بينها على سبيل المثال العراق وسوريا وتونس والسعودية،ومصر الكثير من السكّان لا يملكون ترف الاحتماء من الحرّ، إذ يتعيّن عليهم العمل تحت درجات حرارة حارقة. ليكسبوا قوت يومهم
حدّاد في سوريا: “نواجه الحرّ والنار معاً”
في مدينة إدلب في شمال غرب سوريا، يواجه مراد حدّاد (30 عاماً) ألسنة النيران التي يوقدها داخل ورشته المتواضعة من أجل صهر الحديد وتطويعه، محوّلاً إيّاه إلى أدوات تستخدم في الزراعة أو الصناعة وسواها.
ويقول لوكالة فرانس برس بينما يتصبّب العرق منه “نصنع كلّ شيء بأيدينا. نحن ستّة أشقّاء نعمل معاً. نستيقظ باكراً عند الصباح لنخفّف من الحرّ الذي نتعرّض له، لأنّنا نواجه الحرّ والنار في آن معاً. نحرق قلبنا لنسيّر أمورنا”.
مع أشقائه، يتناوب مراد على العمل في المهنة التي ورثوها أبّاً عن جدّ، متحدّين درجات الحرارة المرتفعة والتي يزيد اللهب من شدّتها.
يضرب مراد بكل ما أوتي من قوة بمطرقة على قطعة حديد باتت برتقالية اللون بعد صهرها، بينما يظهر على زنده وشم “حياتي عذاب” قرب قلب اخترقه سهم.
خلال أوقات استراحة قليلة، يخلع قميصه ليجفف العرق الذي ينهمر على وجهه ومن لحيته، ثم يحتسي كوباً من الشاي أو ينفث دخان سيجارته، فيما لا تنجح مروحة قديمة تتدلى من السقف في تبريد حرارة الورشة.
ويشرح “نعمل حتى الساعة الثانية أو الثالثة بعد الظهر ونغادر بعدها، نقف هنا أمام النار لخمس أو ستّ ساعات يومياً على الأقل”، مضيفاً “هذه الوقفة تذبحنا”.
ويتابع “على عاتقي ستة أولاد، وبالكاد نتمكّن من توفير مستلزمات عيشهم وعيشنا”، مؤكداً “إن لم نعمل، لا نتمكن من توفير لقمتنا”.
“اللياقة البدنية” أولوية لنساء الإنقاذ في السعودية
في شرق السعودية، توفّر المنتجعات على شاطئ الخليج متنفّساً للتغلّب على الطقس الحارّ، لكنّ النهار يظلّ طويلاً بالنسبة لنساء الإنقاذ المكلّفات الحفاظ على سلامة السباحين.
وتقول أماني الفلفل التي تعمل منذ أكثر من عقد في منتجع بمدينة الخُبر حيث يمكن أن تصل درجات الحرارة إلى 50 درجة مئوية “نولي الكثير من الاهتمام لمستوى لياقتنا البدنية حين نعمل خلال درجات حرارة الصيف المرتفعة”.
وتضيف “نتعاون، فإذا انتاب الإرهاق إحدانا تحلّ محلّها أخرى”.
تمضي الفلفل دوامات العمل، التي تستمر لثماني أو تسع ساعات، في القيام بدوريات في المياه على متن دراجة مائية نفاثة وعلى الشاطئ سيرًا على القدمين، وهي تنحني باستمرار تحت دشّ حمام السباحة لإزالة العرق وغسل وجهها بالماء البارد للمحافظة على حيويتها ويقظتها.
وتتابع “حينما أعود إلى المنزل، أطلب فقط أبرد ماء يمكنني الاستحمام به والاسترخاء، لأنّني أكون أخذت أكبر قسط من الحرارة” خلال اليوم.
ثقل الحرّ وقوارير الغاز في جنوب العراق
يجهد بائع الغاز الأربعيني، أثير جاسم، في الناصرية في جنوب العراق، حيث بلغت الحرارة 51، ليكمل يومه. يعود إلى بيته للاستراحة، ليجد الكهرباء مقطوعة.
يشكو هذا الأب لثمانية أطفال من لهيب الشمس، ومن التراب. ويقول “حينما أشعر بالتعب، أستريح خمس دقائق أو عشر دقائق، أغسل وجهي ورأسي لكي أستريح قليلاً وأستأنف نشاطي”.
مغطياً رأسه بقبّعة، يتنقل جاسم بشاحنته الصغيرة من بيت إلى بيت ليوصل قوارير الغاز، حاملاً إياها على ظهره في بعض الأحيان.
يتصبّب عرقاً، لكنّه يواصل العمل رغم ذلك لأنّه يريد أن يبقى أطفاله في المدرسة ويكملوا تعليمهم.
ويعود الرجل إلى بيته في الليل، ويقول “أكون متعباً، وممتلئاً بالعرق، أستحمّ ثم أذهب للنوم، فتنقطع الكهرباء”.
توصيل الطعام في بغداد تحت 50 درجة مئوية
يكافح مولى الطائي، يومياً، درجات الحرارة المرتفعة التي تغطّي شوارع بغداد، ليسلّم الفلافل والكباب والأطعمة المختلفة إلى السكّان على دراجته النارية الصغيرة.
وحينما تتجاوز درجات الحرارة الخمسين مئوية، كما كان الحال مطلع الأسبوع، يكون مولى من القلائل الذين يخاطرون تحت شمس بغداد الحارقة، ليسلّم الطعام.