هكذا تنظر السويد والغرب ذو الخلفية المسيحية للإسلام والنبي محمد ﷺ
ليست أوروبا ولا السويد دول مسيحية من حيث العقيدة ، فهي دول علمانية في 75% من انتماء شعوبها و100% علمانية في دساتيرها وقوانينها ، ولكنها لديها إرث ثقافي حضاري بالمسيحية ، ولدى المجتمعات في السويد وأوروبا جذور مسيحية لا زالت تعمل حتى الآن ولكن خارج نطاق العبادات المسيحية التقليدية .
ولا تختلف النظرة السويدية الرسمية للديانة الإسلامية عن النظرة الغربية للإسلام ، فهي دين مثل عشرات الأديان السماوية والوضعية ، ولكن يوجد تطرف وتصادم حضاري تاريخي بين الإسلام ولغرب بخلفيته التاريخية المسيحية وبعلمانيته المعاصرة ، ولكن فيما يتعلق بالنظرة المجتمعية السويدية والغربية للإسلام فهي مختلفة باختلاف التجمعات الأفراد .
ولكن ما موقف المسيحية الغربية من الإسلام ؟ يقول الكاتب السويدي روبرت دانيل ،ـ الأمر يتعلق أولاً من اين جاء الإسلام .. وهنا يظهر اسم نبي المسلمين ؟ تاريخيًا لا يوجد أي وثيقة رسميّة صادرة عن المؤسسات الكنسيّة أو سواه، تتناول الحديث عن محمد بن عبد الله الرسول عند المسلمين، ومن الناحية التاريخية لم يذكر اسم محمد ﷺ في سجلات الإمبراطوريات الأوروبية المعاصرة للنبي محمد ﷺ لا في مراسلات ولا معارك ولا في سجلات تاريخية ، !!؟
السابقة الوحيدة في هذا الإطار كانت المجمع الفاتيكاني الثاني المنعقد عام 1962 والذي تكلّم عن الإسلام بوجه عام وليس عن النبي فأشاد بكثير من الأمور المشتركة بين الدينيين، وبالتالي فإن المؤسسات الرسميّة المسيحية لم تتطرق إلى النبي محمد لا من قريب ولا من بعيد.
أما بالنسبة لآراء المؤلفين والكتاب المسيحيين فهي متنوعة وتتراوح بين السلبيّة خصوصًا التي تعود خلال مرحلة القرون الوسطى، فحينها كانت الحروب تتواصل بين العالم المسيحي والإسلامي خصوصًا في إسبانيا وتركيا، وبالتالي لم يختبر مسيحيو أوروبا الإسلام كدين بقدر ما اختبروه كقوة عالمية عظمي مهيمنة تهدد وجود الدول الأوروبية وتحاصرها ، ولكن تم التطرق للنبي محمد ﷺ بين آراء سلبية و متوازية، وأخرى أكثر إيجابية حيث أن هناك أصوات لمثقفين مسيحيين في أوروبا وفي السويد خصوصاً تدعو للاعتراف بنبوة محمد في ظل التقاليد المسيحية الجديدة – وذلك لخلق فرصة أكبر للحوار مع الإسلام.
غير أن النظرة المشرقية لمحمّد اتسمت بانفتاح أكبر، فعندما سأل بطريرك كنيسة المشرق طيماثيوس الأول عن رأيه في محمد ﷺ ، أجاب:«كان يمشي على خُطى الأنبياء». كما أثنى طيماثيوس على محمد لكونه «أعدل شعبه عن عبادة الأوثان إلى معرفة الله الواحد». غير أن الصدامات اللاحقة مع المسلمين في الأندلس وفلسطين والعثمانيون أدت إلى ظهور تيار مغالى في كراهية و انتقاد الإسلام ونبيه ، واشتد هذا التيار بعد حروب الأوروبيين مع العثمانيين خاصة لدى المصلحين البروتستانت؛ فقارن مارتن لوثر الذي اتخذ من السويد مركز لنشر أفكاره محمدًا ﷺ ببابا روما من حيث السوء ووصفه «بالابن البكر للشيطان».
بينما وصف الكاثوليك المعتدلين محمدًا ﷺ في مطلع القرن العشرين على أنه مصلح اجتماعي، غير أن رسالته انطلقت من فهم خاطئ لليهودية والمسيحية. وأشاد «هيلير بيلوك» أحد أبرز الدفاعيين الكاثوليك في مطلع القرن العشرين برسالة الرسول التي وضعت مكانة خاصة للمسيح وأمه مريم، غير أنه اعتبر أنه لم يأت بديانة جديدة بل رأى أن الإسلام هرطقة يهودية/مسيحية دمجت بها بعض من ديانات العرب.
ومنذ انعقاد المجمع الفاتيكاني الثاني ظهرت أصوات داخل الكنيسة الكاثوليكية تدعو للاعتراف بنبوة محمد ﷺ في ظل التقاليد المسيحية وذلك لخلق فرصة أكبر للحوار مع الإسلام. ويشبه مونتغمري وات محمد بأنبياء العبرانيين في كتابه «حقيقة دينية لعصرنا»:
«كان محمد نبيًا يمكن مشابهته بأنبياء العهد القديم، على أن وظيفته اختلفت قليلًا. فبينما انتقد هؤلاء حياد العبرانيين عن ديانتهم، كان على محمد أن يجلب معرفة الله لأشخاص لم يكن لهم سابقًا علم بها. فبهذا المنطلق تشبه وظيفته وظيفة موسى حيث تم بواسطتهما نقل شريعة إلهية لشعبيهما.»