تقرير : هل استقبلت السويد المهاجرين من منطلق الإنسانية أو لاعتبارات سكانية واقتصادية!
قبل أكثر من ستة سنوات من الآن وتحديدا في صيف 2015، شاهد العالم جحافل اللاجئين التي تهرب عبر الحدود الأوروبية التركية إلى السويد و ألمانيا، ولم يكن يعرف هؤلاء اللاجئون أن السويد وألمانيا سوف ترحب بهم على طريقتهم الخاصة في 2015 ، بينما في 2022 تضيق السويد باستقبال لاجئين جدد، ، لقد كان وما زال اللاجئين مندفعين للوصول للسويد للسمعة الحسنة ، والإنسانية في التعامل والاستقبال السويدي للاجئين، ومزايا المساعدات وسوق العمل والجنسية والاقتصاد المتطور. وجميعها حقائق …
أولا – ننظر نظرة عميقة للسويد قبل 2015 ….
السويد من أقل 3 دول سكاناً في أوروبا وفقا لمساحتها ، فـــ معدل الخصوبة فيها من أدنى النسب في العالم، وتعاني من تراجع في عدد السكان بسبب تناقص الولادات الطبيعية، إذ تمثل فئة الأعمار الأقل من 15 سنة 19% من مجموع السكان!
وإذا سارت الأمور على هذا المنوال سيعجّل بشيخوخة مجتمعها، وبالتالي قد تتضرر سوق العمل المزدهرة الآن ، وتتوقف منظومة التطور والرفاهية في السويد، وسوف تفرغ اكثر من ربع بلديات السويد من سكانها أو ينخفضوا لأقل من النصف.!!
ووفقا للمكتب الإحصائي السويدي في 2012 ، هناك إشارة مؤكدة أن انكماش لــ سكان السويد سوف يحدث، ويجعل السكان في السويد إلى اقل من 8 مليون نسمة بحلول العام 2060 في حال كان عدد المهاجرين السنوي إلي السويد اقل من 15 ألف مهاجر ، علما أن عدد سكان السويد ارتفع إلى 10.2 مليون نسمة هذا العام 2020.
لتفادي هذا المصير انتهجت السويد سياسة الباب المفتوح ،واستقبلت نصف مليون لاجئ من السوريين والصوماليين و الارتريين والأفغان ودول أخرى. ،…خلال الفترة من 2013 إلى 2016 من خلال برنامج اللجوء ولم شمل العوائل .
هذا العدد الجيد من المهاجرين ينبغي أن يغذي المدن صاحبة الكثافة السكانية الأقل، والقري السويدية والضواحي النائية التي وصل بعضها إلى فراغ السكان من بعض القري والبلديات النائية ، والتي تصل إلى أقل من 10 ألف ساكن للبلدية ، موزعين علي قري ونواحي يتوزع فيها السكان ما بين 200 إلى 1000 مواطن سويدي فقط اكثر من 70% منهم كبار السن .
لكن مدناً سويدية كبيرة تحتاج أيضاً إلى دماء جديدة في ستوكهولم ويوتبوري واوبسالا ..وغيرها …حيث التطوير والتوسع يحتاج عمالة ونخب مهنية …فخلال 10 سنوات من الآن سيخرج من الخدمة ويتحول للتقاعد اكثر من 780 ألف مواطن سويدي ، انهم جيل النهضة والنمو السويدي في ستينيات وسبعينات القرن الماضي ، ..فمن سيحل محلهم مع انخفاض المواليد والخصوبة بالسويد !
قد يكفل ذلك العدد الجيد من المهاجرين الذي تستقبلهم السويد دوران “الروبوت السويدي ” الشرهة للعمل والإنتاج ، واستمرار الرفاهية الاقتصادية، لكن ذلك لن يكون بدون ثمن !….فالثمن هو المزيد من الهجرة والمهاجرين ..و لا يمكن للسويد أن تجذب المهاجرين إلا عبر برامج اللجوء السخية والمنظمة، حيث لا إمكانية لرفع نسبة الخصوبة في السويد لزيادة المواليد في الوقت الحالي .
يقول رئيس كتلة الحزب الاشتراكي السويدي ” الأكثرية لا تدرك حجم التغيير الديموغرافي الذي سيحصل خلال العشرين سنة المقبلة في السويد ، عندما نقول أو نسمع أن أوروبا تعاني من الشيخوخة ، فالمقصود دول مثل السويد ،لدينا خصوبة هي الأدنى في أوروبا وعدد السكان يتجه للانخفاض ..نحن نتجه إلى مرحلة التلاشي السكاني للمجتمع والاقتصاد ، والهجرة احد البدائل الأسهل والأفضل والأسرع والأقل كلفة “.
لكن كما يقول بعض من المراقبين ورافضي الهجرة مثل سفاريا ديمقراط ، فإن هناك خيار آخر…وهو العمل علي رفع نسبة الخصوبة، وتشجيع الإنجاب ودعم العوائل التي تنجب الطفل الثالث ، بالمكافآت والمال ، بجانب الاعتماد علي الهجرة الأوروبية المنقحة من بعض دول الاتحاد الأوروبي إلى السويد وليس الهجرة القادمة من خارج أوروبا أو أوروبا الشرقية .
وحسب معطيات أرقام التقارير الأوربية والأممية ، ومراكز الإحصاء السويدية، سوف تنخفض نسبة المواطنين السويديين القادرين على العمل (أي من عمرهم بين 20 و65 عاماً) من 61% إلى 50%. خلال عام 2030 …
استناداً إلى ذلك يقول أحد الخبراء في علم الاجتماع ” هانس اوسكار: “هذه هي إحدى المشكلات الرئيسية التي تواجه السويد ، لأن بعد عشر سنوات سيزداد عدد المتقاعدين بمليون متقاعد ، وتنخفض الأيدي العاملة بمقدار 500 ألف “…نحتاج إلى جيش من العاملين من المهاجرين والأجانب ، حتي لو ظلوا في بطالة لسنوات ،فسوف يكونوا جيش عاملين احتياطي جاهز للدخول لسوق العمل , وتنشيط المجتمع .
وبالتالي فأن خيار الهجرة كان هو الخيار الأساسي والأفضل والأسرع ، فرحبت السويد باستقبال المهاجرين بين 2012 إلى 2017 بسياسة الباب المفتوح ،علما أن السويد كانت من الدول المرحبة باستقبال المهاجرين قبل ذلك .
لكن منظومة الاقتصاد السويدي والاجتماعي والمنظومة الخدمية لم تستطيع أن تستوعب مئات الآلاف من المهاجرين يصلون السويد في وقت واحد ، وصعوبة دمج هذا العدد مرة واحدة في المجتمع السويدي ، وبالتالي انتقد الكثير من الخبراء سياسة الهجرة السويدية ، وأشاروا أن رغبة السويد في استقبال نصف مليون مهاجر أو اكثر ،يجب أن يتم توزيعها علي 20 عام وليس خلال 3 أعوام !
أخيرا يشير التقرير ، أن لا شك فيه أن السويد بلد انساني واستقبل ورحب بالمهاجرين ، ولكن تحت دوافع اقتصادية اجتماعية مستقبلية ، وبمجرد أن السويد استشعرت بالخطر ، قامت بتشديد إجراءات الهجرة ولم الشمل ، وعدم الخضوع للاعتبارات الإنسانية إلا بمقياس الضروريات التي توافق القانون ورغبة المجتمع .