المهاجرين في الدنمارك “كرهنا الكراهية والقوانين والسياسات التي تستهدف وجودنا في الدنمارك”
من السويد للدنمارك .. تفرض نتائج الانتخابات الجديدة نفسها على مجتمع المهاجرين ، فبعد فوز الدنماركية اليسارية المخضرمة ميته فريدريكسن وحزبها بالانتخابات البرلمانية و برئاسة حكومة الدنمارك ، تبدأ صاحبة سياسية “صفر لاجئين”، عهد جديد بحكومة جديدة محملةً بتاريخٍ من القوانين المناهضة للهجرة والمهاجرين في الدنمارك وتتوعد المهاجرين في الدنمارك بقوانين جديدة تجعل بقاءهم في الدنمارك أمر صعب إن لم يكن مستحيلاً … وقد يسأل القارئ كيف لحزب اشتراكي يساري أن يكون معادي للمهاجرين ! ، ولكن هذا هو الواقع في الدنمارك !
الواقع الجديد في الدنمارك أصبح مشدد جدا فاليسار الاشتراكي الحاكم والذي من المفترض أن يكون داعم لقضايا المهاجرين .. هو من يقود سياسة التشدد ضد المهاجرين ! ..أما اليمين واليمين المتطرف فهو أكثر تطرف وقسوة .. وهكذا أصبح مهاجري الدنمارك بين أنياب السندان والمطرقة .
مهاجري الدنمارك يشعرون بالضيق واليأس من استمرار سياسات التشدد والغضب الحكومية تجاههم .. والأمر لا يتعلق فقط بحاملي الإقامة الدنماركية ولكن أيضا بحاملي الجنسية الدنماركية من الأصول المهاجرة .
ومن يريد يعرف ماذا فعلت حكومة الاشتراكيين الدنماركية بقيادة المخضرمة ميته فريدريكسن في حكومتها السابقة من ،2019-2022، ورغم انها وحزبها من يسار الوسط، وتحالفها مع أقصى اليسار، لكنهم اتبعوا سياسة صفر مهاجرين ، وسياسية سحب الإقامات من السوريين ،وأصدروا تشريعات مناهضة للهجرة وهي الأكثر قسوة في تاريخ الدنمارك.
وتحت قيادة الاشتراكية ورئيسة الوزراء السابقة والحالية ، دعا هذا التكتل الاشتراكي إلى وضع حد أقصى “للمهاجرين غير الغربيين الأوروبيين”، واتباع النموذج البريطاني، لإرسال طالبي اللجوء إلى رواندا، وإجبار جميع المهاجرين على العمل 37 ساعة في الأسبوع مقابل الحصول على مزايا المساعدات للأمومة والأطفال ومساعدات السكن . وتجريد اللاجئين من المجوهرات والمال واي مقتنيات شخصية ثمينة ، وحظر البرقع والنقاب، وفي فبراير/شباط 2021، دعمت فريدريكسن ما وصفه حزبها بأنه “نقلة نوعية”، للتشجيع على عودة المهاجرين في الدنمارك إلى وطنهم ، بدلاً من الاندماج، كهدف لسياسة اللجوء.
الشابة المهاجرة السورية دانة، 29 عامًا، التي تعيش بالدنمارك منذ 8 سنوات، وتدرس بالجامعة هناك. تقول : “منذ وصولي لم أعلق لوحة بمنزلي أو حتى صورة لي، لأني أشعر بأني سأغادر بأي لحظة، ليس لدي شعور بالأمان أو الاستقرار في الدنمارك .. كل يوم في الأخبار أو الصحافة في وسائل التواصل الاجتماعي نسمع ونرى العداء للمهاجرين في المجتمع وفي الحكومة والقوانين ، لا أشعر أن حياتي على أرضٍ صلبة ومستقرة في الدنمارك، كل يوم هناك قانون جديد قد يقلب حياتي رأسًا على عقب والسبب إني مهاجرة ”.
وتتابع دانة: “رغم إقامتي لـ8 سنوات، لم أتمكن من الحصول على جنسية أو حتى إقامة دائمة، أنا أدرس هنا، لكن هذا لم يغير شيء بوضعي القانوني، لكن أسوء ما حصل لي كان إصابتي بالاكتئاب منذ ثلاث سنوات، ولا زلت أتعالج حتى اليوم، وكلما اعتقدت أن وضعي بدأ يتحسن، يصدر قانون جديد، يعيدني للقاع مجددًا، أعيش خوفًا دائمًا، لا شعور بالأمان، ولا أمتلك شعور المنزل”.
وصلت دانة إلى الدنمارك بتأشيرة لم شمل، حيث تعيش والدتها وأختها مع زوجها ا ، لكن وضع أختها القانوني جعل دانة تشعر بالإحباط أكثر، فبالرغم من زواج اختها من سوري لديه جنسية دنماركية وعيشها بالدنمارك وعملها ودفعها الضرائب منذ أكثر من 11 عامًا، ولديها ابنة دنماركية، لم تتمكن من الحصول على إقامة دائمة بعد…! فكيف بالشابة دائنة التي لا زوج دنماركي لها ولا ابنة دنماركية ولا عمل ولا تدفع الضرائب ؟
عندما وصلت دانة إلى الدنمارك هربًا من الحرب في سوريا، حاولت تغيير مكان إقامتها، لكن الأمر لم يكن سهلًا، لكنها اليوم ترى أنها لو كانت ببلدٍ أوروبي مثل ألمانيا أو السويد أو فرنسا وبريطانيا بالتأكيد كان وضعها سيكون أفضل، وتقول: “أعيش من سنين دون استقرار، لا أشعر أن هنا بلدي ولا سوريا بلدي، . وتضيف: “للأسف، لا أرى مستقبل لي بالدنمارك، الشيء الوحيد الذي يبقيني هنا هو عائلتي، لكني أبحث عن فرصة بأي دولة أوروبية أخرى”.
من جهته يؤكد عضو إدارة منظمة فنجان الاجتماعية بالدنمارك عاصم سويك أن حالة دانة ليست فردية، فالكثير من المهاجرين هم بقلق دائم وخوف، لذلك ومنذ وصول فريدريكسن غادر العديد من السوريين الدنمارك، حتى دون تبليغهم بالمغادرة، لكنهم “كرهوا الكراهية ضدهم”. وبرأي ع عاصم سويك فإن المشكلة ليست بفوز فريدريكسن وحزبها، أو عودتها للحكومة، بل تكمن المشكلة بتراجع رغبة الشعب الدنماركي بوجود المهاجرين والأجانب ، فالأحزاب اليسارية التي تدعم الهجرة فقدت نصف مقاعدها بالبرلمان وكل حزب يريد الفوز او الحصول على مقاعد أكثر عليه أن يعلن رفضه وعداءه للهجرة .