شاب مهاجر في السويد وبعد 9 سنوات من العمل الدائم ودفع الضرائب مهدد بالترحيل
قد تصل إلى السويد بعد رحلة محفوفة بالمخاطر، تخاطر فيها بحياتك وتخسر الكثير من المال، على أمل بناء حياة جديدة ومستقبل مشرق. ولكن، قد يتحول هذا الحلم إلى وهم بالنسبة للعديد من المهاجرين واللاجئين، حيث يواجهون قوانين صارمة تجعلهم ينتظرون سنوات طويلة، تضيع خلالها سنوات شبابهم، دون أن يحصلوا على الإقامة القانونية.
هذه هي قصة نور (اسم مستعار)، شاب أفغاني هارب من الحرب بحثًا عن الأمان والاستقرار في السويد. بعد تسع سنوات قضاها هناك، تحول حلمه بالفردوس السويدي إلى كابوس قانوني، حيث أصبح مهددًا بالترحيل والتشرد في شوارع العاصمة ستوكهولم.
ولد نور في أفغانستان ونشأ في بيئة محفوفة بالمخاطر. عندما بلغ السادسة عشرة من عمره، أجبرته الظروف السياسية على الهروب، بعد أن أصبحت عائلته هدفًا لجماعة طالبان إثر نزاع سياسي. كان الهروب محفوفًا بالمخاطر، مرورًا بدول عديدة مثل باكستان، إيران، تركيا، حتى وصل إلى السويد عام 2015، خلال موجة الهجرة الكبرى.
طلب اللجوء: سلسلة من الرفض
عند وصوله إلى السويد، قدم نور طلبًا للجوء، لكنه قوبل بالرفض ثلاث مرات متتالية من مصلحة الهجرة السويدية، التي بررت قرارها بعدم كفاية التهديدات الموجهة إليه، مشيرة إلى إمكانية انتقاله للعيش في مدينة أخرى داخل أفغانستان. بعد سنوات من الانتظار، وجد نور نفسه بلا أمل في الحصول على اللجوء.
بناء المستقبل بطريقة أخرى: العمل بدلًا من اللجوء
أثناء معاناته مع النظام القانوني، وجد نور فرصة للعمل مع شركة سويدية صغيرة يديرها أندرس أولسون. وبدعم من الشركة، قرر تغيير مساره القانوني والتقدم للحصول على تصريح عمل بدلًا من طلب اللجوء. حصل على تصريح عمل مؤقت لمدة عامين في عام 2019، ثم جرى تجديده في عام 2020. خلال هذه الفترة، أصبح نور جزءًا أساسيًا من فريق العمل، حيث تلقى تدريبات كمساعد بحار، وأثبت كفاءته في الشركة التي تعمل في تسيير رحلات بحرية على الساحل الغربي.
رغم نجاح نور المهني، كانت العقبات القانونية تعترض طريقه. فعدم حصوله على تصريح إقامة دائم حال دون مشاركته في أنشطة الشركة خارج السويد، مثل العمل في النرويج. ورغم ذلك، واصل نور تطوير مهاراته، حيث تنقل بين عدة مناصب داخل الشركة، وصولًا إلى منصب مساعد مدير مطعم.
في عام 2022، انتهت صلاحية تصريح العمل المؤقت، فتقدم نور بطلب للتجديد. استمر الانتظار لمدة عامين دون رد من مصلحة الهجرة، حتى جاء القرار في أكتوبر 2024. ورغم أنه كان إيجابيًا، إلا أنه لم يمنحه تصريح إقامة دائم، بل تصريح بقاء مؤقت لفترة أقل من عام بسبب احتساب فترة الانتظار. هذا القرار جعله عرضة للترحيل في أي لحظة. هذا الوضع غير إنساني. يوم نشعر بالأمل، وفي اليوم التالي يسيطر علينا اليأس. لا أعرف ماذا أفعل. أوروبا كلها مغلقة أمامي، والعودة إلى أفغانستان تعني الموت بالنسبة لي”.
تعليق مصلحة الهجرة
رفضت مصلحة الهجرة التعليق على حالة نور بشكل خاص بسبب مخاوفه من أن تؤثر القضية سلبًا إذا كُشف عن هويته. لكنها أكدت عبر بيان رسمي أن معالجة الطلبات تتم وفقًا للقوانين، وأن التأخير في بعض الحالات يعود إلى تعقيد الملفات. كما أشارت إلى أن القرارات تُتخذ بناءً على معايير تشمل التأكد من حاجة السوق لوجود الشخص، ودخله الشهري، ومدى تأثير غيابه على الوظيفة التي يشغلها.
يقول أندرس أولسون، صاحب العمل:
“هذه القضايا لا تؤثر فقط على الأفراد، بل تطال الشركات الصغيرة التي تعتمد على كفاءات مثل نور. إذا تم ترحيل نور، فسيكون ذلك مأساة شخصية له، ومشكلة كبيرة لشركتنا التي تعتمد على خبرته ومهاراته”.
بينما ينتظر نور القرار النهائي، يبقى مستقبله معلقًا بخيط رفيع. رغم دعمه من صاحب العمل والمحامين، فإن مصيره قد يتحدد بقرار إداري واحد، يضع إما نهاية لحلمه أو بداية جديدة له.