العراق : المحاصصة بين الشيعة والسنة والكرد تعرقل تشكيل الحكومة ووقف ترشيح زيباري لرئاسة العراق
قررت المحكمة الاتحادية العليا في العراق، اليوم الأحد، إيقاف إجراءات ترشيح هوشيار زيباري من الحزب الديمقراطي الكردستاني بزعامة مسعود البارزاني لمنصب رئاسة الجمهورية، وهو ما يعتبر رفض رسمي قانوني لهذا الترشيح ، وكانت محكمة عراقية قد أصدرت في العام 2018 طالبا يقضي بمثول زيباري أمامها على خلفية إقالته من قبل البرلمان في العام 2016 بتهم تتعلق بفساد إداري ومالي في فترة عمله وزيرا للخارجية.
في وقت يستعد فيه البرلمان لعقد جلسته الثانية غدا التي ستكون مخصصة لانتخاب رئيس الجمهورية من بين 25 مرشحا، أغلبهم من القومية الكردية وفقا لنظام المحاصصة في عراق ما بعد 2003 ، حيث يتم توزيع المناصب الحكومية الرئيسة كما يلي
رئيس الوزراء من المكون الشيعي حصرياً (وهو منصب السلطة الحاكمة رسميا في العراق)
رئيس البرلمان من المكون السني حصرياً ( وهو منصب إداري للسلطة التشريعية التي يتحكم فيها الأغلبية)
رئيس الدولة العراقية من المكون الكردي حصرياً . ( وهو منصب رمزي ليس لديه سلطة)
بجانب توزيع المناصب الوزارية وفقا للمحاصصة بين الطوائف الثلاثة كما يلي
المكون الشيعي 13 وزارة : – لخارجية، الداخلية، الثقافة، الموارد المائية، النفط، النقل، الاتصالات، الكهرباء، الصحة، العمل والشؤون الاجتماعية، الزراعة، التعليم العالي”
المكون السنّي 6 وزارات وهي: “الدفاع، التخطيط، الصناعة، التجارة، التربية، الشباب والرياضة”
المكون الكردي 4 وزارات: “المالية ، العدل، الإعمار والإسكان، * بجانب وزارة كوتا الهجرة والمهجرين (مسيحي)”.
وفي سياق متصل ذكرت مصادر من داخل المحكمة الاتحادية، أنها تنظر حاليا في دعوى أخرى تطعن بشرعية ودستورية ترشيح زيباري والرئيس الحالي برهم صالح لمنصب الرئيس.
وقال المراسل إن هذه الدعوى المقدمة، عرضت أدلة على مشاركة كل من زيباري وصالح في استفتاء الانفصال الذي أجري في إقليم كردستان العراق في 2017، وهو ما يثبت، بحسب الدعوى المقدمة، أن المرشحين خالفا المادة 67 من الدستور العراقي التي تفرض أن يحافظ رئيس الجمهورية على وحدة العراق.
وكان زعيم الكتلة الصدرية مقتدى الصدر قد دعا يوم الجمعة الماضي تحالفه السياسي داخل البرلمان إلى عدم التصويت لزيباري، في حال عدم استيفائه الشروط.
مرشح تسوية
وفي سياق متصل، توقع المرشح لمنصب الرئاسة القاضي رزكار محمد أمين أن يتم اختياره “مرشح تسوية” لمنصب رئيس الجمهورية.
وقال أمين -خلال مؤتمر صحفي عقده في محافظة السليمانية بإقليم كردستان أمس- إن ترشيحه يمكن أن يصبح سببا لتوحيد البيت الكردي، مشيرا إلى أنه في حال عدم توافق الجهات على مرشح ما فإنه سيصبح مرشحا للحزبين الرئيسيين بالإقليم الاتحاد الوطني والديمقراطي الكردستانيين.
وأمين (65 عاما) من القومية الكردية، وكان كبير القضاة السابع في محاكمة الرئيس الراحل صدام حسين التي جرت تحت إشراف المحكمة الجنائية العليا، وكان القاضي الوحيد الذي كُشف عن اسمه بافتتاح المحاكمة يوم 19 أكتوبر/تشرين الأول 2005، ولم يُسمح بإظهار أسماء القضاة الأربعة الآخرين وجميع وجوه زملائه باستثناء اثنين خلال المقاطع المتلفزة من المحاكمة، إلا أنه تنحى عن رئاسة المحاكمة بعد ترؤسه 7 جلسات علنية وواحدة سرية حيث كان هناك انتقاد له بأنه تعامل باحترام وتقدير كبير مع الرئيس العراقي صدام حسين خلال المحاكمة.
وتمكّن هذا القاضي من لفت الأنظار خلال محاكمة صدام من خلال حياديته في إدارة الجلسات، وقوة حضوره. وأكد أمين في تصريحات سابقة أنه استقال من المحاكمة بسبب “الضغوط والأجواء المشحونة في المحاكمة بسبب أطراف سياسية وحاكمة”.
ووفق العرف السياسي المتبع منذ أول انتخابات برلمانية عقدت بالبلاد عام 2005، فإن منصب رئيس الجمهورية من حصة المكون الكردي، ورئاسة البرلمان للسنّة، ورئاسة الحكومة من نصيب الشيعة. وغالبا ما تكون رئاسة الجمهورية من حصة حزب الاتحاد الوطني الكردستاني، إذ تقلدها الراحل جلال الطالباني على مدى دورتين، ثم فؤاد معصوم، فالرئيس الحالي.
ووفق الدستور، يتوجب انتخاب رئيس للبلاد خلال فترة 30 يوما من انعقاد أول جلسة للبرلمان، التي كانت قد عقدت في التاسع من يناير/كانون الثاني الماضي، وانتخب فيها الحلبوسي رئيسا للبرلمان، أي بموعد أقصاه نهاية الثامن من فبراير/شباط الجاري، وكذلك ترشيح رئيس للوزراء وبخلافه تدخل البلاد في فراغ دستوري.
وكانت المحكمة الاتحادية العليا أشعلت التنافس الشيعي بشأن الكتلة الأكبر في البرلمان عندما ردت قبل أيام دعوى قدمها نواب في تحالف ما يسمى “الإطار التنسيقي” الذي يضم قوى سياسية شيعية بارزة باستثناء الكتلة الصدرية بوصفهم الكتلة البرلمانية الأكثر عددا.
وقالت في قرارها إن تسمية الكتلة الأكثر عددا لا يشترط أن تكون بالجلسة الأولى التي يُنتخب فيها رئيس البرلمان ونائباه، وإن مهمة هيئة رئاسة البرلمان تنحصر في تدقيق القوائم التي قدمتها الكتل البرلمانية بهذا الخصوص.
وسيكون على هيئة رئاسة البرلمان إرسال القوائم إلى رئيس الجمهورية، ليعلن الكتلة الأكثر عددا. وقالت المحكمة الاتحادية إن النصاب القانوني لجلسة انتخاب الرئيس هو ثلثا أعضاء البرلمان وليس الأغلبية المطلقة.
وتصدرت الكتلة الصدرية الانتخابات التي أجريت في العاشر من أكتوبر/تشرين الأول الماضي بـ 73 مقعدا، تلاها تحالف “تقدم” بـ 37، وائتلاف “دولة القانون” بـ 33، ثم الحزب “الديمقراطي الكردستاني” بـ 31.
ويسعى الصدر إلى تشكيل حكومة أغلبية وطنية، بخلاف بقية القوى الشيعية ضمن “الإطار التنسيقي” الذي يطالب بحكومة توافقية تشارك فيها جميع القوى السياسية داخل البرلمان مثل الدورات السابقة.
وكان هذا الزعيم الشيعي أبدى استعداده مرارا للدخول في تحالف مع بقية القوى الشيعية ضمن “الإطار التنسيقي” باستثناء زعيم ائتلاف “دولة القانون” نوري المالكي، وهو ما ترفضه قوى “الإطار التنسيقي”.