مهاجر في السويد منذ ثلاثين عاماً : “منذ وصولي السويد وحتى اليوم لم يتغير شيء”
هل تغيرت خطوات رحلة اللجوء والحياة في السويد للمهاجرين القدماء والمهاجرين الجدد ؟ ، هل حققت ما جئت له في السويد ..هل تجد أن حياتك في السويد أفضل مما كانت عليه في بلدك الأم ..؟
مهاجر طلب اللجوء منذ ثلاثين عاماُ ويعيش في السويد إلى اليوم ، يقول : –
” وأنا أستقبل كل عام جديد ، ومنذ وصولي للسويد من ثلاثين عاماً وحتى اليوم لم يتغير شيء”
أنه مهاجر عراقي وصل إلى السويد منذ قرابة ثلاثين عاماً، يحكي قصة لجوئه ، و ما إذا كان قد تغير شيء منذ وصوله وحتى يومنا هذا.!
ثلاثين عاماً منذ وصولي السويد !
يقول في رسالته … مضى على وجودي في السويد قرابة ثلاثين عاماً. جئت كلاجئ سياسي. وعشت مرحلة الوصول ومرحلة ما بعد الوصول . وأقولها منذ ذلك الوقت إلى الآن لم يتغير شيء !…… أشاهد الأخبار، وألتقي بالأصدقاء وأتابع قصص عن اللاجئين. والدول العربية والعالم ، وأدخر الكرون أن استطعت ..
ربما لم يتغير كثيراً في حياتي إلا إنني تحولت من شاب مهاجر طموح ونشيط ،،،،، إلى رجل كبير بالعمر ، أتأمل ما حولى بصمت ..وأعيش على الذكريات ، فمن في عمري ليس لديه الكثير من العمر للتفكير بالمستقبل ! …
ما زال الجميع يهرب من بلده لسبب الصراع أو الخوف من النظام أو الحروب أو سوء المعيشة ، لكن الأعداد كبيرة ، والإعلام والأنترنيت وسياقات أخرى جعلت اللجوء ذات شهرة وهدف للكثير من الناس ، والجميع يرغب باللجوء كــ سبيل للهجرة . وباتت هناك موجات هجرة أكبر .
منذ ثلاثين عام لم يتغير شيئ ، نفس طرق التهريب ، والتأخير في متابعة الأوراق وإصدار القرارات ، ثم رحلة الاستقرار في الوطن الجديد السويد ، وتعلم اللغة ، و فوبيا الاندماج، وصعوبة العمل ، لا شيء جديد .
ربما نحن المهاجرين القدماء لدينا حظ افضل في الحصول على السكن بسهولة بالمدن الكبرى ، ولكن لم تكون فرص العمل سهلة كما يعتقد المهاجرين الجدد ، وقد دفعنا فاتورة الغربة في زمن يصعب فيه الاتصالات ، ولا وجود لأنترنيت ولا هواتف ذكية ، ولا صور ولا وسائل تواصل اجتماعي ، ولا اتصال فيديو .. ولا وسائل اتصال عبر الأنترنيت .
لم أرى صورة أو أسمع صوت لعائلتي الذين تركتهم بقرية نائية بمدينة بالعراق في عام 1989 ، إلا بعد عشر سنوات من وصولي للسويد ، وعندما رأيت أول صورة لهم في 1998 كنت ابكي فرحا ، كان الاتصال نادر جدا وفي المناسبات …..
لقد كانت غربة حقا فلا صحف عربية ولا قنوات عربية ، ولا متاجر وبضائع عربية ، ولا مطاعم وتسوق عربي والقليل جدا من التجمعات العربية..
اليوم الأمر يختلف كاملا ، اليوم الإنترنيت والفضائيات ، والمطاعم والصحف العربية ، وانتشار الجاليات العربية في السويد ، تجعلك لا تشعر بالفرق بين بلدك العربي ومحل سكنك في السويد !
الدوافع ذاتها على الرغم من الزمن!
في الثمانينيات .. الحياة كانت بسيطة في السويد لذلك كنا نكسب المال من عملنا وتوجد فوائض مناسبة ، فلا فواتير كثيرة .. ولا أجهزة إلكترونية ولا هواتف ذكية ، ولا شراء عبر الإنترنيت أون لاين ، واحتياجات الأطفال بسيطة ، والمعيشة بالمنزل لا تحتاج إلا جهاز تلفزيون بسيط ، وراديو تبحث فيه ليلا عن إذاعة عربية لبلدك أو bbc…!
أما عن اللجوء فـــ فور وصولي أخبرتهم بقصتي ، وأنني عراقي معارض للنظام ، وربما أنا أقل بكثير من أكون معارض لنظام ، ولكن هذا ضروري لأنه طريقك الوحيد والاسهل للحصول على إقامة اللجوء السياسي في السويد .
وبعد عام وشهور قليلة حصلت على الإقامة … كان هناك من يتم رفضه ، وكان هناك من ينتظر مدة طويلة ،وأيضا هناك من يحصل على اللجوء خلال شهور قليلة …
ولكن أعداد اللاجئين كانت قليلة جدا ، لم تكن السويد مقصد وواجهة للاجئين ..إلا مع الهجرة البوسنية والصومالية في منتصف التسعينيات ثم توقفت إلى ما بعد سقوط بغداد وثورات الربيع العربي..وكان اللاجئين قليل من كردستان والعراق ولبنان وفلسطين والصومال .
رحلة الهجرة واللجوء
اغلب المهاجرين القدماء وصلوا أما بجواز مزور وهو الأشهر أو فيزا أوروبية محلية ، فلم يكن يوجد فيزا شينجن أو نظام دبلن ، والحدود الأوروبية كانت مغلقة بين دول أوروبا ، ثم كان التهريب الداخلي في أوروبا أيضا منتشر ، ..لكن حاليا ركوب البحر ومراكب الموت منتشرة ، لكن في زمنا لم تكن هذه الطرق معروفة,
قصة لم الشمل بالنسبة لي لم تكن سهلة ، ولم يكن للسويد قوانين لم شمل سهلة ، واحتجت وقت طويل لم الشمل ، نتيجة تحضير أوراق والاعتماد على البريد الدولي ، والمراسلات البريدية والمواعيد الطويلة ، كانت تكنولوجيا الاتصالات معدومة ولا يوجد أنترنيت لعمل المعاملات ، كل شيئ باليد والورق وبالبريد ، انتظرت 3 سنوات إلى أن تم لم شمل عائلتي .
الرحلة الحقيقية تبدأ بعد الوصول
– الحياة كانت صعبة جدا في السويد للمهاجر في الثمانينات والتسعينيات على مستوى تحقيق حلمه ، الشعور بالغربة قوي ، تقنيات التعليم اللغة السويدية معقدة ، انت تعتمد على قاموس وترجمة ورقية ، وجهد شخصي للتعليم ، لا قاموس إلكتروني ولا جوجل للترجمة ، فرص العمل لم تكن متوفرة ، كان السويد بلد مكتفي ذاتيا بالموظفين ، ويبحث عن العمال في المتاجر والمطاعم والمهن اليدوية فقط ..
وكوني رجل درست قانون لم استطيع الحصول على عمل ، فلم تكن قضايا الهجرة واللجوء منتشرة لكي اعمل فيها ! ، لم أجد إلا العمل الحر ، أصبحت أتاجر بالسيارات ( وهي مهنة لمن لا مهنة له في السويد ) ثم ببيع المنازل .ولكن عندما تربح عليك دفع الضرائب فهي شريك لك فيما تربح مقابل خدمات الرفاهية والتقاعد المريح ..
– فرصة العمل للمهاجرين القدماء أصبحت أفضل بعد موجة وصول المهاجرين الجدد ، حيث بدأ الاعتماد علينا وتوظيفنا في مؤسسات حكومية ، نتيجة زيادة الطلب على الخدمات في مكتب العمل والمدارس والصحة والرعاية .. أيضا فرص انتشار المطاعم ومحلات المنتجات الغذائية الشرقية ،وتصليح السيارات كانت من نصيب المهاجرين القدماء ..
أؤمن بأن من يخرج من بلده لظروف معينة ويتجه إلى أوروبا ، عليه أن يعي بأنها ليست الحلم الوردي ، وربما تنقلب لكابوس لا يمكن التخلص منه ، لذلك يجب عليك كمهاجر في السويد ، أن تكون متيقظ لسنوات عمرك ، وأن لا تجعلها تضيع في انتظار فرص وأحلام ربما لن تأتي أبداً ..
-اعتقد أن مرحلة الوصول للسويد رغم صعوبتها إنما هي الأسهل ، ثم تبدأ مرحلة ما بعد الوصول وهى الأصعب ، لإنها الأطول في عمرك، وقد تدفع عمرك كله ولا تستفيد شيئ..! فعليك الانتباه كي لا يضيع عمرك بالغربة بلا ثمن !
الصعوبات التي واجهتها ، يعانيها جميع المهاجرين الذين أتحدث معهم اليوم . وأحاول إرشادهم بحسب تجربتي. فكلمة الاندماج ليست مختلقة أو موجودة فقط هذه الأيام، كثيراً ما سمعتها منذ أن وصلت للسويد في نهاية الثمانينيات .
كلمة الاندماج ربما كلمة غير ضرورية للمهاجر الجديد ، إن كانت لها معاني ثقافية أو حضارية ، ولكنها مهمة جداً لفهم البلد المضيف ودراسته جيداً … لذلك يجب أن تعي جيداً “أحببت السويد أو لم تحبها أنت تعيش فيها” ،،،، عليك أن تتعلم كيف تعيش في السويد لكي تستفيد ، السويد لا تنظر للمشاعر ولا الشعارات الوطنية ، السويد بلد قانون ، ومجتمع للعمل والمال والعلم والسلم والرخاء .
كلمة الاندماج ليس لها معنى إلا ” اللغة والعمل + قبول الآخر ” وقبول الآخر هي فهم ثقافة المجتمع والتعامل معه . أنا أؤمن بأن من يخرج لظروف معينة ويتجه إلى أوروبا عليه أن يعي بانها ليست الحلم. هناك فرص ولكنها تحتاج لذكاء ومثابرة و الكثير من الحظ أيضا .
أرغب في أن يعرف أي شاب أنني وضعت لنفسي هدفاً وحققته ، ولكن لا يجب تحقيقه 100 بالمائة . هذا أمر غير ممكن دائماً.
تذكر دائماً في السويد و أوروبا من الصعب تحقيق ثروة ، وأنما يمكنك تحقيق حياة كريمة هادئة ، ومن سيحاول عبور حياة الاستقرار دون جهد حقيقي سوف يتورط في فخ الديون والأقساط …
أنا سعيد بحياتي في السويد ، فربما كانت حياتي جيدة ، ولكن في النهاية ولو عاد بي الزمن ربما رفضت الهجرة واللجوء ولكني غير نادم ….!
أيضاً هناك عوائق يجب الابتعاد عنها لتحقيق الهدف والعيش الكريم. وهي:- العمل غير الشرعي الأسود ، والاعتماد على المساعدات ، واستغلال الدولة، هي أمور لن تنفع اللاجئ على المدى البعيد ، ومن المؤسف أن تترك بلدك ، ويضيع عمرك في الغربة من أجل هذا المستوى من المكاسب .
بل على العكس تماماً… تماماً… المساعدات والعمل الأسود تجعل حياتك كئيبة وتحت المراقبة والقلق النفسي والبدني ، ، و ربما ستهدد فرصة استقرارك في هذا البلد …
-اغلب اللاجئين لا يريدون مساعدات ولا عمل أسود ، يريدون عمل ودخل وحياة كريمة ، ولكن العمل صعب ، و مضطرون للاعتماد على المساعدات لإنها الأسهل ، و خوفا من ضياع مكاسب أو كما يعتقدون أموال مجانية دون مقابل ! ..ولكني أنصحك من تجربة ثلاثين عام ” عليك التفكير في اتجاه آخر”