كاتب سويدي : السويد واللاجئين.. من بلد سخي لبلد متشدد منغلق بعد انتخابات 2022
لم تطل فترة الكرم والسخاء السويدي التي منحت اللجوء للاجئين في 2012 -2015 ، وأن كان السخاء لم يطال إلا اللاجئين من دول محددة مثل سوريا ـ
فــ سرعان ما تراجعت السويد عن سخاءها وكرمها ، وعطلت العمل بقانون الهجرة الذي يرحب ويمنح الإقامة الدائمة للجميع ، ووضعت السويد قانونا مؤقتا متشدّدا يعتبر الأسوأ في أوروبا . هذا ما جاء في مقال للكاتب السويدي ” يولن أندرسون” نشر على صحيفة se24
ويقول الكاتب :- ألغى القانون الجديد الإقامات الدائمة للاجئين، واقتصر على منح الإقامات المؤقتة، ثلاث سنوات للجوء السياسي، وثلاثة عشر شهرًا للحماية الإنسانية، واشترطت على من يريد أن يلمّ شمل عائلته الإعالة، أي أن يستطيع أن ينفق على أسرته من عمله، وبالمبالغ التي تحدّدها السلطات السويدية، ما جعل لمّ الشمل مستحيلاً ، وفرقت العوائل وتباعد الأطفال عن آبائهم والأزواج عن بعضهم البعض.
ويضيف الكاتب ..لم تتراجع السويد عن قراراه القاسي تجاه اللاجئين ,, وجدّدت السويد قانون هجرة جديد هو الأسوأ أيضا من ذي قبل .. ليدخل عام 2021 حاملاً كابوساً جديد ..هو قانون الهجرة واللجوء المتشدد الدائم ,,
يقول الكاتب السويدي ” يولن أندرسون ” الغريب أن في السويد لا يوجد صوت قوى للدفاع عن حقوق المهاجرين ، في الوقت الذي تصاعدت قوة الاتجاهات اليمينية في الحزب الاشتراكي الديمقراطي بقيادة لوفين ، الذي يترأس الحكومة السويدية ، والذي أعترف أن سياسات الهجرة المتساهلة ليس لها قبول في الشارع السويدي ؟
أمل اللاجئون أن يتم تسهيل الشروط في القانون الجديد، ولكنها آمال لا واقع لها ,, واعتبر المهاجرين في السويد أن الحكومة التي يقودها الحزب الاشتراكي الديمقراطي، بزعامة ستيفان لوفين، ستعمل على دعمهم ومساعدتهم ، وأن مطالب التشديد تأتي من الأحزاب اليمينية، ناسين أن الحكومة التي منحت اللاجئين من سوريا وغيرها حق الإقامة الدائمة كانت حكومة يمين، يقودها حزب مدراتنا “المحافظين ” اليميني بزعامة فريدريك رينفلت بين 2010 -2014 .
والآن ما تبين أن ما تقدّم به الحزب الاشتراكي الديمقراطي بقيادة ” لوفين ” إلغاء قوانين الإقامة الدائمة في 2015 بعد عام من استلام الحكم في السويد ، والآن لوفين وحزبه هو “عراب” اقتراح متشدّد لسياسة هجرة متشددة ،ليس لإرضاء الأحزاب اليمينية، وفي مقدمها ديمقراطيو السويد العنصري، بل هو سياسة الحزب ذاتها التي تتجه نحو اليمين. حيث تسيطر القيادات اليمينية داخل الحزب الاشتراكي على القرارات حالياً..
وجاء الاعتراض من حزب البيئة ، الذي هدّد بإسقاط الحكومة إذا استمر شرط تحديد سقف عدد طالبي اللجوء، معتبرًا أن هذا غير إنساني، لا يمكن تحديد سقف للاجئين في السويد ، أن هؤلاء يعانون من أوضاع تستحق اللجوء والحماية، ولا يمكن تقسيم البشر بهذه الطريقة اللاإنسانية.
ولكن كانت النتيجة أن قيادة حزب البيئة فشلت وتم الضغط على رئيسة الحزب للتراجع ، فلم تجد إلا الاستقالة كرئيسة لحزب البيئة في نهاية الأمر ,,, كما أن حزب اليسار المناصر لقضايا اللاجئين استقال وأنهى حياته السياسية أيضا ، بعد ضغوط داخل حزب اليسار تطالبه بالتراجع عن دعم قضايا الهجرة ، التي بات يرفضها الشارع السويدي .. في أشارة أن اليمين المتشدد أصبح متصاعد ويسيطر داخل جميع أحزاب السويد ..
ويقول الكاتب السويدي ” يولن أندرسون ” شكل اللاجئون الشمّاعة التي علق أغلب الأحزاب السويدية عليها مشكلاتهم المستعصية، ولأنهم الطرف الأضعف في المعادلة الداخلية السويدية والمجتمع السويدي ، فيمكن تحميلهم كل خطايا فشل الحكومة والسياسيين .. ودون أن يكون لهم نصير أو صوت يدافع عن حقوقهم .
فالمهاجرين سبب الجرائم والاغتصاب والحرق والتفجيرات .. وهم سبب ضعف فرص العمل وضعف رفاهية السويد ، وهم سبب مشكلة السكن و ازدحام الرعاية الصحية والمدارس … بل وهم سبب انتشار عدوى كورونا كما قال تنيغيل مؤخراً
ويبدو أن هذا يرجع إلى تصاعد قوة الاتجاهات اليمينية في السويد وليس المقصود جيمي ايكيسون وحزبه ..ولكن كل الأحزاب السويدية ، المحسوبة على اليسار واليمين ،..
لقد بات يقدّر أن سياسات الهجرة المتساهلة ليس لها قبول في الشارع السويدي، والمواطن السويد لم يعد مرحب بالمهاجرين وعوائلهم … وهذا هو شعار الانتخابات القادمة في العام 2022،
اللاجئون المهاجرون .. الشمّاعة التي علق أغلب الأحزاب السويدية عليها مشكلاتهم المستعصية، ، نجد الجميع يهاجم اللاجئين في السويد كما في أوروبا ، ولكن في السويد لا يجد المهاجرين واللاجئين من يدافع عنهم مثلما يحصل في بلدان أوروبية أخرى، مثل بريطانيا وفرنسا، وحتى ألمانيا.
لقد تنبهت الأحزاب السويدية أن تأييد سياسات متساهلة مع اللاجئين سيجعلها تخسر ناخبيها، فهي سياساتٌ غير شعبية، وجيمي ايكيسون وحزبه أصبح ثاني أكبر حزب في السويد بشعارات طرد المهاجرين … فمن الذي جعله حزب كبير في السويد ؟؟؟ الإجابة :- الناخب السويدي …
خصوصا وأن نموذج حزب ديمقراطيو السويد العنصري، والذي بنى شعبيته على عداء اللاجئين، ولم يتجاوز نسبة الحسم 4% في انتخابات العام 2010، استطاع أن يحصل في انتخابات العام 2018 على حوالي 18% من أصوات الناخبين، والذي تعطيه استطلاعات الرأي اليوم حوالي 24% من أصوات الناخبين، والذي يسبب رعبًا للأحزاب السويدية الأخرى، ويؤشر إلى عنصرية واسعة كامنة في المجتمع السويدي الذي كان يعدّ الأقل عنصرية في أوروبا، والتي سرعان ما عبرت عن نفسها بتأييد الحزب العنصري المعادي للاجئين.
حصل حزب ديمقراطيو السويد، العنصري، في انتخابات 2018 على 18% من أصوات الناخبين، وتعطيه استطلاعات الرأي اليوم 24% من الأصوات .. وقد يصل لــ 30 بالمائة في انتخابات 2022 لتعلن السويد أن من يحكمها حزب عنصري ؟؟
ولم تغير جائحة كورونا من توجهات السياسة السويدية تجاه اللاجئين، وهم الفئة الأكثر تضرّرًا من ناحية الإصابات بالمرض ، ولكن تم إتهام اللاجئين إنهم سبب نقل العدوى .. كم تم تحميل اللاجئين سبب زيادة البطالة بينهم ..
وقال القادة السويديون أن البطالة بين المهاجرين في السويد بسبب جهل هؤلاء اللاجئين وضعف تعليمهم وعدم اتقان اللغة السويدية ، وهو ما عبر عن عنصرية مبطنة وغير مفهومة ،و لم تجد هذه الادّعاءات من يردّ عليها، مثلما تم الرد عليها في بريطانيا وأميركا، من أن هؤلاء المهاجرين الأضعف اقتصاديًا في البلد..
رغم أن اللاجئين هم الأكثر رغبة بالعمل تحت كل الضغوطات ، وبأقل راتب وأجر ويمارسون الأعمال الخدمية التي على صلة أكثر بالتعامل مع البشر، ما يعرّضهم أكثر من غيرهم لكل أنواع الخطر، لم يرى القادة السويديين أن المهاجرين في السويد هم سائقون للحافلات، والعاملون في منازل سكن المسنين هم من اللاجئين، المطاعم والخدمات يعمل بها المهاجرين وهم من أسسوا 30 بالمائة من الشركات بالسويد … ، والأمر لا يتعلق بالجهل والوعي، كما ادّعى خبير أوبئة سويدي وقادة سويديين .
من الواضح أن قانون الهجرة الجديد الذي سيقرّ خلال عام 2021 سيكون تحولًا في سياسة اللجوء السويدية، وستتحول السويد من بلد جالب للاجئين إلى بلد طارد لهم، لأن القانون سيكون من أسوأ قوانين اللجوء في أوروبا.
ولذلك استحق نقد رئيس مفوضية شؤون اللاجئين في الأمم المتحدة (UNHCR)، فيلبو غراندي، الذي قال لوكالة الأنباء السويدية إن “تشديد شروط اللجوء طريق محفوف بالمخاطر”، وطالب السويد بوقف منح الإقامات المؤقتة، وطالب بمنحهم الإقامات الدائمة.
وأضاف رئيس مفوضية شؤون اللاجئين “إن تجربة المفوضية تفيد بأن الإقامات الدائمة هي السبيل الصحيح لإدماج اللاجئين واستقرارهم وتوطينهم في دول اللجوء”. لكن السويد اليوم تريد عكس ذلك، هذا ما تقول سياساتها الجديدة التي تريد خلق مجتمعين وليس مجتمع واحد يضمن الحياة والعدالة للجميع.