من بريطانيا إلى فرنسا.. هجرة عكسية في تزايد مستمر “لاجئين بريطانيا يهربون لأوروبا”

 أوروبا شرقًا إلى غربًا وشمالًا إلى جنوبًا أصبحت تسعى لخنق المهاجرين ومنعهم من الوصول إليها. ربما يأتي هذا التطور مع تصاعد كبير في شعبية اليمين المتطرف المعادي للهجرة ووصوله إلى شراكة في الحكومات الأوروبية. السبب الآخر هو الحالة الاقتصادية الصعبة لكثير من دول أوروبا، والتي جعلت المواطنين الأوروبيين والسياسيين ينظرون إلى المهاجرين بنظرة سلبية.




حاليًا، كانت بريطانيا محط أنظار الكثير من اللاجئين القادمين إلى أوروبا. ولكن ظاهرة جديدة بدأت تظهر، فبدلاً من تدفق الآلاف من المهاجرين من أوروبا عبر فرنسا لدخول بريطانيا، تظهر حاليًا “التدفقات العكسية”. هذه التدفقات تتكون من الأشخاص الذين خاب أملهم في المملكة المتحدة، ويعادون في رحلة عكسية إلى أوروبا.





فبريطانيا أصبحت متشدد في التعامل مع اللاجئين واصبحت تضعهم في ظروف سيئة وكذلك تحرمهم من الوصول للخدمات ، بجانب التأخير لسنوات في انتظار قرار غالباً يكون رفض وترحيل فالشعور بالفشل يجعل اللاجئ حبيس بريطانيا، بينما في دول الاتحاد الأوروبي فإن الفشل في دولة يعني الانتقال إلى دولة ثانية وثالثة ورابعة وخامسة!





. فأغلب هؤلاء العائدين من بريطانيا لفرنسا لدخول الاتحاد الاوروبي تم رفض طلبات لجوئهم ووجدوا أنفسهم مرة أخرى في وضع غير قانوني وبالتالي عرضة للترحيل.

في أيار/مايو الماضي، التقى صحفي بريطاني من قناة “سكاي نيوز” في مدينة دونكيرك بعمر، وهو كردي يبلغ من العمر 52 عاما، كان قد أنفق 14,000 يورو للذهاب من كردستان إلى المملكة المتحدة، قبل أن يدفع لمهرب 600 جنيه إسترليني إضافية للعودة إلى فرنسا بعد فشل محاولته لتسوية أوضاعه.




يقول عمر في حديثه لقناة سكاي نيوز: “أُبلغت أن طلبي للجوء قد تم رفضه. لم أعد أستطيع تحمل العيش في بريطانيا (…) كان من الممكن أن يعتقلوني ويرسلوني إلى رواندا أو العراق (…) إنه شعور فظيع أن أعود إلى هنا، ولكن ماذا يمكنني أن أفعل؟”.



2,000 يورو للعودة في شاحنة!
بالنسبة للآخرين، مثل محمد بومطة، كان نقص المال والظروف المعيشية الصعبة السبب في إنهاء حلمهم البريطاني. ففي آذار/مارس، التقت صحيفة “ديلي ميل” بهذا الشاب المغربي وهو يتجول على شواطئ دوفر (المدينة القريبة من سواحل فرنسا)، باحثًا بشكل يائس عن شاحنة ليعبر بها المانش في الاتجاه المعاكس.




فوفقًا للصحيفة البريطانية، يطلب المهربون حوالي 2,000 يورو لهذه الرحلة العكسية. يقول محمد: “كنت على وشك الموت الليلة الماضية. كنت على شاحنة لم تتوقف لمدة ثماني ساعات. كنت متشبثًا بها وأخشو من السقوط على وجهي. كان الضجيج رهيبًا”. لسوء حظه، اتضح أن الشاحنة لم تكن متجهة نحو محطة العبارات، بل إلى المطار. في تقرير لقناة “آرتي”، التقى الصحفي الفرنسي جوليان جوديشو أيضًا بعدة مهاجرين على الأراضي البريطانية يرغبون في العودة إلى فرنسا.




على الجانب الفرنسي، لم تصادف الجمعيات الناشطة في الميدان مثل هذه الحالات خلال عملها. يقول أكسل غودينا، منسق جمعية “Utopia 56” في كاليه: “أعتقد أن هؤلاء الأشخاص يعرفون بالفعل كاليه والخدمات المتاحة هنا، ولا يتواصلون معنا مرة أخرى. وأفترض أنهم لا يبقون في كاليه بعد عبورهم بالاتجاه المعاكس”.




هل تسبب مشروع ترحيل طالبي اللجوء إلى رواندا في تخويف البعض؟
يوضح بيتر والش، محاضر في دراسات الهجرة بجامعة أكسفورد، لموقع مهاجر نيوز أن “الأرقام المتعلقة بالعبور باستخدام القوارب الصغيرة تظهر أن هذا لم يكن له تأثير كبير على حافزهم للقدوم، والسبب الرئيسي في ذلك هو أنهم لم يكن لديهم سوى القليل من التفاصيل حول تنفيذ هذا القانون، الذي تم التخلي عنه في نهاية المطاف”.




على الرغم من تزايد عدد المهاجرين، تسعى المملكة المتحدة منذ عشر سنوات تقريبًا للحد من الهجرة غير النظامية. فعندما كانت تيريزا ماي وزيرة للداخلية في عام 2012، أطلقت برنامج “البيئة العدائية”، الذي كان يهدف إلى “جعل بقاء المهاجرين غير النظاميين في المملكة المتحدة أكثر صعوبة” وذلك من خلال تقييد الوصول إلى الخدمات الصحية، وسوق الإسكان، وحتى فتح حساب مصرفي. ومع ذلك، من الصعب تقييم ما إذا كانت هذه الاستراتيجية قد حققت نجاحًا.



مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى