تقارير

مكتب العمل لمهاجر في الترسيخ.. عمرك أصبح 62 والاستثمار فيك سيكون خاسر”

“قيل أن عمري أصبح 62 وأي استثمار فيك سيكون خاسر” هكذا قال موظف مكتب العمل لمهاجر في السويد في مرحلة الترسيخ والتدريب …!
الاندماج للمهاجرين والقادمين الجدد في المجتمع السّويديّ أمرٌ صعب، وكبير السّنّ والمتقاعدين من بين أكثر الفئات العمريّة التي تجد صعوبةً في التأقلم هنا بمجتمعهم الجديد.



“حسّان الخرّاط” واحدٌ من بين العديد ممّن تحدّثنا إليهم وقد تجاوزوا عمر الثانية والسّتين عاماً -بداية سنّ التّقاعد في السّويد-، حيث جاء السويد منذ أربع سنواتٍ وهو الآن يبلغ 66 عاماً حكى لنا بعض هذه التحديات وإصراره على العمل والاندماج.
“كنت أراجع يومياً الأسفي والمعاهد التي يقصدها الطلاب من أجل النّشاطات، وخلال فترةٍ وجيزةٍ أنهيت الأسفي،



وبعدها بدأت بالغروند وكان عمري حينها 62 عاماً وعندها استدعاني مكتب العمل عن طريق اتصال هاتفيّ وأخبرني بوجوب التوقف مباشرةً عن الدّراسة بلهجةٍ فظّةٍ وأنّه لن نتمكّن من التكفّل بمصاريف دراستك، وإذا أردت المتابعة فيجب عليك التكفّل بهذا من حسابك، مع العلم أنّي لاجئ ولا أملك سوى راتب الترسيخ الذي لا يكفي إلا للطّعام والشّراب، فكانت صدمة لي، كما يجب عليّ البحث عن عمل، حتى موضوع اللجوء للسوسيال والأساليب الأخرى لم أضعها في الحسبان، حيث أملك صحة ونشاط ومعلوماتٍ جيّدة، وأحتاج فقط لتقوية لغتي السّويديّة لأتمكّن من استثمارها في المجتمع الجديد”.




هذا يعني أنك متمسّك بالعمل رغم بلوغك سنّ التقاعد ؟ ، وهل ساعدتك برامج مكتب العمل في الاندماج والحصول على عمل أو تسهيل ذلك على أقلّ تقدير؟

“لا، فهذا معتمد على الشّخص، فبرامج الدّولة لا تساعد كثيراً، فمن المفترض أن يكون معي فاست يوب (عمل ثابت ) خلال هذه الفترة، ولكني لا أمتلك أي عمل إلى الآن، ولا أظنّهم سيساعدوني   في لحظة من اللحظات، فأعمل طوال الوقت  بركتيك تدريب ولم أتوقف أبداً، يُفترض كدولة وجود برامج تتناسب مع من أعمارهم في الــ60 وما فوق ، حيث يصبح لدى المهاجر في هذا العمر نوعاً من الإحباط ومن الصعب الخروج منه والتواصل مع المجتمع السّويدي لقد اتعقدت المشاكل لهذه الفئة العمرية  من المهاجرين أكثر مما قبل بداية .




الحصول على عملٍ أو اتباع برامجٍ دراسيّة هو أهم طرق الاندماج في المجتمع السّويديّ وفقاً لمكتب العمل، ولكن هؤلاء المهاجرون الذين اقتربوا من سن التّقاعد يعانون عزلةً اجتماعيّة كما روت لنا “هدى برشا” 63 عاماً بعد قدومها إلى السّويد عام 2017.



تقول هدى : – “نحن لا نحتك بالمجتمع إلا من خلال المعلمات بالأسفي فقط، حتى أني لا أعرف أياً من جيراني السويديين في العمارة التي أسكن بها،  ولا يوجد بيني وبين جيراني السويديين إلا السلام السريع عند التقائي بهم في الممرات وعند الدرج وأحيانا لا يوجد أي تحية ، حيث أننا لم نحتك بالمجتمع السّويديّ، أنّني حاولت ولكن لا يوجد أي طريقة أو دعم لتحقيق ذلك ..وربما لدي قدرة على العمل والدخول بدورات ونشاط تدريبي لكن يقولون لي أنك غير مؤهلة بسبب العمر .



وتضيف هدى :- لقد نسيت المفردات السويدية التي فهمتها بعد عزلتي عن النّاس وجلوسي في البيت ، أخبرتهم برغبتي بالعمل في تدريس اللغة العربيّة مثلاً في الروضة للطلاب العرب، فأخبروني بوجوب معرفتي للغة السّويديّة ووجود خبرة وشهادات دراسية  .
في هذا الصّدد حاورنا”هلا عكّاري” المسؤولة عن مشروعٍ لاندماج المهاجرين  الجدد ضمن أنشطة مكتب العمل  ، وهل المشروع  يدعم مهاجرين من الفئة العمريّة فوق ال،،60 عاماً.




أجابت “هلا عكّاري” : –  “نعم من ضمن مشروعنا  ، لدينا مشاركين أعمارهم فوق الستين عاماً نساءً ورجالاً، حتّى في طاقم العمل لدينا أشخاص ضمن هذه الفئة العمريّة، فلدينا ضمن عملنا إعادة تأهيل بشكلٍ ما، ولكن المشكلة تكون  أصعب للفئة العمرية الكبيرة فوق الــ 60 عاماً التي لا تملك شهادات أو مهارات مهنية وخبرة ، أو تعليم سابقاً وإنّما فقط معرفة بأعمال عادية..




فهولاء من الصعب أن يكتسبوا أو يتعلموا مهارات جديدة تسمح لهم بدخول سوق العمل ، وربما يحتاج الشخص بين 4 إلى 6 سنوات من الأعداد والتعليم والتدريب … وهذه الفترة الزمنية ستجعل فرصة من فوق الستين منعدمة حيث سيكونوا اقتربوا من السبعين من العمر وهنا تكون فرصهم بسوق العمل السويدي منعدمة ، لكنّهم من ضمن الخطة لمساعدتهم في التقرب من الاندماج”.




سؤال :-  ولكن ما القصد هنا من كلمة اندماج أ1 كان لا فرصة للعمل أو نشاط دائم ؟ يعني ماذا تقدّمون لكبار العمر من خلال دعمكم لهم  ؟

“الاندماج أولاً هو اندماج اجتماعي، واندماج سوق العمل، وهما مفهومان مترابطان مع بعضهما البعض، والمطلوب منا نحن من مشروعنا تعريف المهاجرين الجدد على المجتمع السّويديّ وعلى اللغة وعلى المجالات المتاحة لهم في سوق العمل حتى لكبار العمر ، وأحياناً يحصل تجاوب وأحياناً لا، ولربّما أحد أهم الأسباب هي اللغة، فقد لا تكون عاملاً مساعداً بشكلٍ كبير”.



ماهي خطط الاندماج التي تسترشدون بها خلال مشروعكم لاستيعاب هذه الفئة العمريّة؟

“في الحقيقة أعتقد أن الخطط الموجودة حالياً غير كافية ولا تستوعب أي فئة لا كبار العمر ولا متوسطي العمر ، فنحن نحاول ، لكن الشيء الذي علينا فهمه هو أن يكون لديك خطة خاصة بك وهدف خاص بك  يكون باستطاعتك تطبيقه ، حيث نملك عدد كبير من الموظّفين الذين يحاولون الاجتهاد لمساعدة القادمين الجدد في إيجاد مكانٍ لأنفسهم في سوق العمل الخاص أو العام ولكن لا نملك عصا سحرياً لذلك ،



وتضيف هلا :-  الحقيقة أنّ بإمكان البلديات استيعاب بعض المهاجرين في أعمال  لفترةٍ قصيرة، ولكن ليس تأسيس لاندماج حقيقي في سوق العمل، والسبب أنّ سوق العمل نفسه لا يستوعب هذه الفئة كونها فئة عمريّة كبيرة،

بجانب عدم رغبة صاحب العمل في توظيف هذه الفئة العمرية كما أن أغلب الأعمال المتوفر للمهاجرين هي خدمية ولا تناسب كبار العمر ، فكل الخطط الموضوعة لا تناسبهم ، وبفرض أنّها  مناسبة  ولكن بما أنّ سوق العمل لا يقبل  هؤلاء الأشخاص ..فهم بالنهاية لا يملكون فرصةً للعمل ، وحتى البلديات إذا أرادت إتاحة مكان فإنّها ستفضّل الفئات العمريّة الأصغر،



اتّجهنا بعدّة أسئلة إلى مجلس البلديّات والمحافظات السّويديّة  للوقوف على معلوماتٍ أعمق حول خطط الاندماج الموجّهة لهذه الفئة العمريّة فوق الستين عاماً حيث اكتفى المجلس بإرفاق بعض الرّوابط الإلكترونية التي تتحدّث عن سياسة الاندماج التي يقدّمها للقادمين الجُدد بشكلٍ عام في رسالةٍ مفادها ليس لدى المجلس خططٌ لهذه الفئة العمريّة ..

نهاية الرّسالة.



مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى