لهذا بدأ اللاجئون بالفرار – من “السويد “
يقول الكاتب السويدي Per Wirtén : لم يكن تراجع حماس السويديين لحملات التبرع والدعم للشعب الأوكراني إلا ردة فعل اجتماعية ونفسية بعد أن شعر السويديين بالصدمة من عدم تدفق اللاجئين الأوكرانيين للسويد ورفضهم ركوب الحافلات السويدية التي ذهبت للحدود البولندية الأوكرانية لإحضارهم للسويد .. فعادت فارغة ! كما كانت صدمة الشعب السويدي الذي لا يفهم ما يحدث في غزة فهو تعلم أن الفلسطينيين العرب المسلمين يمارسون الإرهاب والعنف فهذه ثقافتهم ، ولكن ما يراه الآن أن الفلسطينيين يقتلون وتدمر بيوتهم هم وأطفالهم !!.
الكاتب السويدي” Per Wirtén ” تحدث بشكل كامل عن قضية اللاجئين تحت عنوان ” لهذا بدأ اللاجئون بالفرار – من السويد ” Därför har flyktingarna börjat fly – från Sverige .
وجاء المقال تعليقاً على كتاب للكاتبة السويدية أنيت روزنغرن Annette Rosengren ، والذي جاء تحت عنوان ” عشت في السويد” Jag bodde i Sverige .
ويقول الكاتب ” أن اللاجئون يفرون من السويد المعادية لهم ، لدول أوروبية أكثر استنارة وتعدد ثقافي مثل فرنسا بريطانيا ومصر وتركيا والخليج .. وحتى لإيطاليا وإسبانيا وألمانيا وجميعها لديهم مشاكل داخلية ، وسياسات هجرة تحاول مشددة ولكن ليس العداء لثقافة المهاجر ، كما يوجد في هذه الدول أيضا صعود وخطاب يميني متطرف ، ولكنها دول مستنيرة تمتلك قدر كافي من الاستنارة والحضارة لقبول الآخر والتعدد الثقافي .
ويستمر الكاتب الكاتب السويدي Per Wirtén في شرح واقع ما يحدث بالقول : – “، لدينا الآن وصفًا دقيقًا ووفيرًا عن واقع السويد .. عن قصة اللاجئين والمهاجرين في السويد الذين يعانون من مجتمع سويدي غير مستنير ولديه مشكلة في تعدد الثقافات وقبول الآخر – رغم أن السويد بلداً بلا حضارة عريقة ولا يملك ثقافة راسخة لكي يحاول أن يفرضها على الوافد !
وقبول الآخر ليس بمعنى رفض ومعاداة الآخرين بشكل تام ، ولكن يعني عدم الاعتراف باللاجئين والمهاجرين بأنهم ينتمون للسويد ولا للمجتمع السويدي وعدم قبول ثقافتهم ، والنظر إليهم بأنهم أدوات للعمل والخدمة باقل الأجور أو سبباً للمشاكل والجريمة .
يحاول الكاتب توضيح فكرة كتاب “عشت في السويد ” بأن السويد ليست بوابة الجنة للمهاجرين كما يعتقد السويديين ، وأن ثقافات المهاجرين قد تكون أرقي وأعمق أدباً وخلقاً وقيماً ، كما أن على السويديين أن يفهموا أن المهاجرين ليسوا السبب في ظهور قضايا البطالة والسكن والجريمة في السويد وأن كانوا جزء منها . فمعظم السويديين لا يعرفون هذه القصة ويجهلون ثقافة وحضارة وقيم المهاجر التي قد تكون أكثر تميزاً بكثير من القيم الغربية .!
إنه أمر مؤلم للغاية بالنسبة للصورة الذاتية للسويد . من يستطيع استيعاب فكرة أن اللاجئون المهاجرون قد بدأوا في الفرار من الفردوس السويدي الرفاه التي تتصدر المراكز الأولى في مؤشرات الأفضل عالمياً ، إلى دول أخرى أكثر استنارة في أوروبا؟ بل بدئوا يفرون لدول ديكتاتورية مثل مصر وتركيا والخليج ، البعض هرب دون إقامة .. والبعض الأخر أنسحب بإقامته ..فيما يخطط الكثير بمغادرة السويد فور الحصول على الجنسية السويدية وضبط وضعهم المادي لكي لا يضطرون للعودة للفردوس السويدي
كما اختار الأوكرانيين تجنب الذهاب للسويد .. يلعن اللاجئين الأفغان ومثلهم من العراقيين والأفريقيين والسوريين الأقدار التي جعلتهم يختارون السويد . ولو نظرنا إلى بريطانيا الاستعمارية ، وحتى ألمانيا كدول لديها إرث نازي فاشي فسوف نجدها دول أكثر استنارة وتعددية من السويد في استقبال اللاجئين وقبول ثقافتهم ، فمئات الآلف من المتظاهرين يتظاهرون في لندن وإسبانيا وبلجيكا وإيرلندا دعماً لغزة ، بينما في السويد ومن شابها ينتقد السياسيين تظاهرات الدعم لغزة ويعتبرونها معاداة للسامية ولا تنتمي لقيم السويد ؟ فما هذه القيم اللعينة التي لا تتحرك عندما تشاهد الأطفال قتلى في الشوراع! .
في عام 2015 ، وصل مئات الآلاف للسويد وبينهم وصل ما يقرب من 35 ألف طفل لاجئ غير مصحوب بذويهم إلى السويد ، . أولا تم الترحيب بهم جميعا فالسويد بلد الإنسانية الأولى في أوروبا وربما العالم . لكن عندما تغيرت السياسة بسرعة كبيرة .. كانت النتيجة رفضهم و مطاردتهم هم وأطفالهم بدون رحمة لترحيلهم ،
وعندما تسلق حزب سفاريا ديمقراطي بدعم من الناخبين السويديين ، وعندما انجرفت أحزاب سويدية لسياسة سفاريا ديمقراطي وزعيمه جيمي أكيسون تغيرت المواقف للحكومة والمجتمع السويدي من مرحب للهجرة لرافض لها ومطاردين للمهاجرين ليلا نهار من خلال تصريحات التمييز وخطابات الكراهية وقوانين تجعل من حياة المهاجر في السويد جحيماً وإن لم يعجبك يمكنك الرحيل والعودة لبلدك ..
بدأت السويد سياسة غير إنسانية ” الرفض و الترحيل” وغيرها من قوانين غير مفهومة ، فرفضت طلبات العمل ورفضت طلبات لم الشمل ، وتم تعليق اللاجئين بإقامات مؤقتة ومن يطمح بجنسية سويدية عليه الانتظار بطوابير لسنوات في بلد متقدم مثل السويد لديه القدرة لإيجاد الحلول ، ولكن لماذا الحلول ؟ فالمطلوب هو التضييق … واللاجئون ليسوا أكثر من أدوات عمل وعلى من لا يعمل أن يترك السويد أو يتحمل كابوس سياسات الاندماج .
يتبجح اليمين المتطرف في السويد بإن أن اللاجئون يكذبون يحتالون مجرمون .. والسؤال من لك هذه المصطلحات ومن منحك الحق في توجيه هذه الإساءة ، ثم من جعلهم يكذبون؟ إذا افترضنا أنهم يفعلون ذلك ؟ أليست سياسات الهجرة التي قد تمنح من لا يستحق الإقامة ولا تمنح من يستحقها حق البقاء ، أليس العزلة والفقر والتمييز في الأجر والراتب ؟
ويقول الكاتب في جزء أخر من مقاله : – لقد اختار لاجئون الفرار إلى دول أوروبية أخرى عندما ضافت بهم السويد ..فذهبوا إلى روما و باريس لندن ، مدريد وربما لبرلين وأمريكا وكندا ، ولمصر وتركيا والخليج ، .. فلننظر إلى باريس ولندن أنها مدينة صعبة جدا للاجئين ، لكنها ما زالت مدن النور لا زالت التعددية الثقافية راسخة في تلك العواصم الأوروبية رغم مشاكلها الداخلية ورغم سياسات الهجرة المشددة.
ويختم الكاتب مقالة بالسؤال ، هل بقيت شجاعة في المجتمع السويدي لكي نبدأ مراجعة كيف ننظر ونتعامل مع الأخر القادم من ثقافة وعقدية مختلفة ، هل يمكن أن ننظر لقضايا اللاجئين من منظور أخر ؟
السويد بلد غني ومتقدم ..ولكنه بلد غير مستنير ولا زالت السويد بلداً أحادي الثقافة لديه مشاكل في التعددية الثقافية وقبول الآخر ..لذلك يفر اللاجئون الآن من السويد …. الكاتب السويدي” Per Wirtén