كاتب سويدي: على المهاجرين الهرب من السويد أو انتظار ذئاب جيمي أوكسون
تشهد السويد في عام 2024 موجة من التحولات الاجتماعية والسياسية التي تركت تأثيراً عميقاً على المهاجرين. في ظل تصاعد الخطاب السياسي المتطرف، الذي يتخذ من المهاجرين هدفاً رئيسياً، بدأت التساؤلات تتزايد حول الأسباب التي تدفع البعض للهروب من هذا البلد الذي طالما اعتبر ملاذاً آمناً. فكيف يمكن تفسير هذه الظاهرة؟ وما تداعياتها على مستقبل السويد؟ بقلم ” الكاتب السويدي Henrik Magnus “
كانت السويد يوماً ما تُوصف بأنها الجنة التي يقصدها المهاجرون بحثاً عن الأمان والمستقبل الأفضل، لكن هذه الصورة تبددت في السنوات الأخيرة. مع تصاعد الخطاب السياسي الذي يربط المهاجرين بالكسل والجريمة، وتزايد القيود على الإقامة والجنسية، أصبح المهاجرون يشعرون بأنهم مستهدفون بشكل مباشر.
إحدى أبرز الشخصيات المثيرة للجدل، جيمي أوكسون ، زعيم حزب سفاريا ديموكراتنا (SD)، لم يكتفِ بالدعوة لتشديد القيود، بل وصل إلى التهديد بسحب الجنسية من المهاجرين المكتسبين لها، مما زاد من حالة عدم الأمان لدى العديد منهم.
سياسات مكافحة الاحتيال: سلاح ذو حدين
من جهة أخرى، تصاعدت الدعوات لمحاربة الاحتيال في منظومة المساعدات الاجتماعية، وهو أمر بدأته حكومة اليمين بالتعاون مع حزب سفاريا ديموكراتنا. ورغم أن مكافحة الاحتيال هدف مشروع، إلا أن التطبيق المتشدد لهذه السياسات أثر بشكل كبير على المهاجرين.
إحصائيات عديدة تشير إلى قطع المساعدات عن عائلات مهاجرة لأسباب غير واضحة. هذه الإجراءات، التي تهدف إلى محاربة الاحتيال، أدت إلى حرمان الكثير من المهاجرين من مزايا مثل تعويضات البطالة أو مساعدات السكن. بالنسبة للكثيرين، يبدو وكأنهم يدفعون ثمن الأخطاء التي ارتكبها آخرون.
تصاعد خطاب الكراهية: ضغط نفسي واجتماعي
ومع تنامي الخطاب السياسي المتطرف، أصبح خطاب الكراهية ضد المهاجرين أمراً مألوفاً. يُستخدم هذا الخطاب لتبرير سياسات تضييق الخناق، مما خلق بيئة معادية دفعت الكثير من المهاجرين للتفكير في مغادرة السويد.
تزداد خطورة الوضع مع تراجع الدعم للمهاجرين على المستويين السياسي والاجتماعي. هذا الضغط الهائل يجعل الكثيرين يشعرون بالعزلة، ويجعل من الصعب عليهم بناء حياة مستقرة في البلاد.
الهروب أم البقاء؟ معضلة المهاجرين في السويد
بدأت بعض العائلات المهاجرة بالهروب إلى بلدان أخرى، بحثاً عن فرص جديدة وحياة أكثر استقراراً. ومع ذلك، لا يزال العديد منهم عالقين في السويد، حيث يجدون أنفسهم مضطرين للعيش وفق منظومة عمل قاسية، تكاد تضمن الحد الأدنى من المعيشة فقط.
أما بالنسبة للأجيال الجديدة من أبناء المهاجرين، فإن الطريق يبدو شاقاً. رغم الفرص المتاحة، يواجهون صدمات اجتماعية واقتصادية قد تعيق تقدمهم. وغالباً ما يُسلط الضوء على بعض القصص الناجحة كدليل على “اندماج” المهاجرين، بينما يتم التغاضي عن المعاناة التي يعيشها الغالبية.
هل السويد تخسر هويتها الإنسانية؟
ومع استمرار هذه السياسات المتشددة، قد تؤدي العواقب إلى تفاقم العزلة الاجتماعية وتدهور العلاقات بين المهاجرين والمجتمع السويدي. من جهة أخرى، فإن خروج المهاجرين من السويد قد يترك فجوة في سوق العمل، خاصة وأن السويد من أكثر الدول الأوروبية احتياجاً للأيدي العاملة.
يجب على الحكومة والمجتمع السويدي إعادة النظر في سياساتها تجاه المهاجرين، وإيجاد توازن بين مكافحة الاحتيال وضمان العدالة. إذا استمر التصعيد في الخطاب السياسي المتطرف، فقد تواجه السويد مستقبلاً مليئاً بالانقسامات الاجتماعية والتحديات الاقتصادية.
الحل: بين الحوار والمواجهة السياسية
بينما تبدو الدعوة إلى الحوار مفتاحاً محتملاً للتغيير، إلا أن الكثيرين يرون أن السياسات التي وضعها اليمين المتطرف قد تم ترسيخها بالفعل. الكاتب هنريك ماغنوس يُشير إلى أن الناخب السويدي سيكون أمام خيار مصيري في انتخابات 2026: إما دعم التطرف السياسي، أو التصدي له وإعادة البلاد إلى مسار أكثر إنسانية وعدالة.
إن السويد، التي كانت تُعرف بتسامحها وإنسانيتها، تمر بمنعطف خطير. على المجتمع السويدي والساسة أن يدركوا أن مستقبل البلاد مرتبط بكيفية تعاملهم مع المهاجرين. استمرار السياسات المتشددة قد يدفع السويد بعيداً عن قيمها التقليدية، ويحولها إلى بلد لا يُرحب حتى بأبنائه الجدد.