كاتب سويدي: المسلمين بين فارح وحزين لمقتل نصر الله.. مجتمعات مشوه بصراعات طائفية تاريخية
الكاتب السويدي: أندرس فريدريك
المقال كتب صباح اليوم السبت 28 سبتمبر ، وتم تعديله بعد الإعلان رسميا عن مصرعه ، فقبل الإعلان رسميًا عن مصرع زعيم حزب الله اللبناني حسن نصر الله، امتلأت مواقع التواصل الاجتماعي والقنوات الفضائية العربية والإسلامية بالجدل والمناوشات حول الحدث. فعندما يرحل شخص بوزن وتأثير حسن نصر الله، زعيم حزب الله اللبناني، تثير وفاته موجة من المشاعر المتباينة، تتراوح بين الحزن وبين التعبير عن الارتياح وربما الفرح لدى البعض، في أجواء تعكس التناقضات العميقة في المجتمعات العربية والإسلامية الشيعية والسنية والعلمانية التي تأثرت بالصراعات.
حسن نصر الله لم يكن مجرد زعيم سياسي أو ديني، بل كان شخصية مؤثرة بشكل كبير على الساحة اللبنانية والإقليمية، مما جعل ردود الفعل على رحيله تتخذ أبعادًا متعددة.
من جهة، هناك من يشعرون بالفرح لموته، وهؤلاء غالبًا ما يعكسون العداء الطائفي مثل السلفية الإسلامية، والعداء السياسي المتجذر مثل الأحزاب والأنظمة العربية الديكتاتورية والعلمانية في المنطقة العربية، بل ولا يجدون أي حرج في إعلان سعادتهم بموته حتى لو كان قاتله هو إسرائيل، العدو التاريخي للعرب والمسلمين.
بالنسبة لهم، نصر الله يمثل رمزًا لخصم أيديولوجي ومذهبي بغيض ولا يهتمون بأن الفاعل هو إسرائيل، ووفاته تعني بالنسبة لهم نهاية حقبة من الشر الذي يعتبرونه مهددًا لاستقرار مجتمعاتهم أو متناقضًا مع معتقداتهم وقيمهم. هؤلاء يرون في موته فرصة للتعبير عن رفضهم لهذا النفوذ، وربما حتى شماتة مستترة تعكس صراعًا طويل الأمد بين رؤى متعارضة لمستقبل لبنان والمنطقة.
وعلى الجانب الآخر، هناك من يشعرون بالحزن العميق، سواء كانوا من مؤيديه مثل التيار الشيعي وحلفائه أو حتى من خصومه الذين يكنون له احترامًا لنضاله وصلابته مثل حركات السنة في الإخوان المسلمين والإسلام السياسي السني، والمسلمين القوميين. بالنسبة لهؤلاء، نصر الله كان قائدًا مقاومًا حمل راية الدفاع عن قضايا يعتبرونها عادلة، مثل مواجهة الاحتلال الإسرائيلي. حتى من يعارضون سياسته يجدون في وفاته لحظة تستحق التأمل والاحترام، حيث يعترفون بنضاله ودوره المحوري في لبنان والمنطقة بطرق لا يمكن تجاهلها. الحزن هنا ليس فقط على فقدان زعيم، بل على رحيل رمز كبير له وزنه في ميزان القوى الإقليمي وخطوة جديدة لانتصار إسرائيل ضدهم.
على الجانب الآخر، يندلع الجدل بين العامة من العرب والمسلمين الذين ينظرون لرحيل حسن نصر الله من منطلق شخصي فقط ولا يهتمون بالنظر للقضية بمنظور عام. فالسوريون ينظرون لرحيل حسن نصر الله بأنه خبر جيد، فهو كان أحد رموز قمع ثورتهم في 2012. ولكن بشكل عام، فإن أغلب العرب السنة يميلون للحزن على رحيل حسن نصر الله لأن قاتله هو إسرائيل.
وهو ما يذكرنا بحزن العرب السنة على صدام حسين لأن من أعدمه كان الأمريكيين. موت حسن نصر الله يفتح صفحة جديدة في تاريخ لبنان والمنطقة، صفحة تحمل في طياتها تحديات جديدة وفرصًا لإعادة التفكير في المستقبل. الفرحون والحزنون على حد سواء يجدون أنفسهم أمام واقع جديد، حيث تبقى آثار وجوده وتأثيره حاضرة في الذاكرة الجماعية، كلٌ بطريقته الخاصة. وبين الفرح والحزن، يبقى نصر الله شخصية مثيرة للجدل، تترك وراءها إرثًا من التناقضات والانقسامات، لكنها بلا شك قد غيرت مجرى التاريخ في هذه المنطقة المضطربة وكان رمزًا كبيرًا لمقاومة إسرائيل.
موت حسن نصر الله قد يكون بداية لمرحلة جديدة من الصراعات في المنطقة. فبينما يراه البعض نهاية لحقبة من النفوذ الإيراني في لبنان، قد يكون في الواقع بداية لتعزيز هذا النفوذ بطرق جديدة وأكثر تعقيدًا. فغياب نصر الله قد يفتح المجال أمام قيادات جديدة تحمل رؤى مختلفة، وربما أكثر تطرفًا، مما قد يؤدي إلى تصعيد الصراعات بدلاً من تهدئتها. وفي الوقت نفسه، قد تستغل إسرائيل هذا الفراغ القيادي لتحقيق مكاسب استراتيجية جديدة، مما يزيد من تعقيد المشهد السياسي والأمني في المنطقة.