قصة عائلة لاجئة: هربوا من الموت في العراق فما كان مصيرهم في أوروبا ؟
حسام، لاجئ عراقي يبلغ من العمر 28 عاما، لجأ إلى فرنسا قبل أكثر من سنتين بحثا عن الحياة الآمنة والمستقبل الأفضل لعائلته. ولكن رُفض طلب اللجوء الخاص له ولعائلته ، وهو حاليا قيد الاستئناف على قرار الرفض. يعيش حياة محطمة في أرض الاحلام أوروبا
يحكي الشاب العراقي مصاعب الحياة اليومية في فرنسا للاجئ لا يعرف إجراءات اللجوء أو اللغة الفرنسية، والمصاعب التي ستواجه بحكم الإجراءات الإدارية المعقدة. ويعتبر أن الحياة في بلد أوروبي عريق مثل فرنسا ..ليست أكثر من رحلة من التشرد والمعاناة مستمرة .
ويقول حسام … بعد وصولي .وصلت زوجتي إلى فرنسا غي رحلة تهريب خاصة في تشرين الثاني/نوفمبر 2019 ، بعد طول معاناة وحياة في خوف دائم. كنا نحلم بالوصول إلى بلد نستمتع فيه بحريتنا ويعطينا فرصة لنعيش بشكل كريم. فرنسا كانت البلد الحلم بالنسبة لنا ولكنها أصبحت الكابوس .
عندما قررنا الهجرة واللجوء بحثنا وسألنا على الإنترنت، وكانت الإجابات أن فرنسا والسويد وألمانيا وهولندا هي الخيار الصائب. ولكن السويد وألمانيا دول اللجوء الإنسانية أصبحت متشددة ولا ترغب باللاجئين والوصل إليها أصبح صعب ومعقد ، فكنت فرنسا الخيار الأفضل ، لكن بعد ما مررت به اتضح لي أنني كنت مخطئا .. فأوروبا لم تعد ملجأ للهاربين .
عند وصولنا إلى فرنسا، زوجتي كانت حاملا وعلى وشك الولادة. طبعا مجيئ زوجتي إلى فرنسا بفيزا سياحية بالمال ، و أعتبر نفسي محظوظا أن زوجتي لم تركب قارب موت. لم أكن أعرف في البداية الإجراءات أو ما يتوجب عليّ القيام به. توجهت إلى منظمة الصليب الأحمر للسؤال عن طلب اللجوء. حينها تعرضت زوجتي لمشاكل صحية، خفنا كثيرا على الحمل، الصليب الأحمر دبّروا لنا مكانا في مدينة مونتارجيس التي كنا نسكنها.
أثناء بقاء زوجتي في المستشفى، قمت بتقديم طلب اللجوء الخاص بنا بمساعدة من الصليب الأحمر.
بداية الرحلة خرجت زوجتي من المستشفى بعد أربعة أيام. بعد فترة، جاءتنا الموافقة على الحصول على سكن. فرزونا في شقة تشاركناها مع عائلتين، الأولى أفريقية والثانية جورجية. ونحن من العراق ..ثلاث عوائل بعدد 6 بالغين و6 أطفال في شقة سيئة النظافة ومتهالكة مساحتها 88 متر
أمضينا في تلك الشقة نحو سبعة أشهر، كانت صعبة جدا ” ومقرفة” إذ كان لكل عائلة غرفة واحدة وجميعنا نتشارك المطبخ والحمام . العلاقة بيننا كانت متقلبة .. والاختلافات الثقافية وانعدام الخصوصية كانا يتسببان ببعض التوترات والمشاكل ، كما أنه لكل عائلة طفل أو طفلين وابنتي كانت حديثة الولادة وتحتاج لرعاية خاصة، وبالتالي يمكنك تخيل الاحتقان في الجو العام داخل الشقة.
في2020 نقلونا إلى شقة منفردة في مدينة تور. وهي ليست شقة هي غرفة وحمام ومطبخ ” استديو” طبعا الوضع كان أفضل بكثير تفسياً رغم أن الاستيديو كان أيضا متالك وقديم . حينها قالت لنا المساعدة الاجتماعية من “كادا” (مركز استقبال طالبي اللجوء) إنه مع استلامنا للشقة ستقل المساعدات التي كنا نتقاضاها تلقائيا. حينها اكتشفت أن المبلغ الذي كنا نستلمه شهريا يورو .
كانت إحدى المنظمات الإنسانية متكفلة بكافة احتياجاتها، كالحفاضات والحليب وكانت مساعدات الشهرية مناسبة لنا للحياة بشكل محدود… لكنهم توقفوا الآن عن ذلك مع بلوغ ابنتي السنتين، الأمر الذي رتب علينا مصاريف ضخمة إضافية.
ويقول حسام . أردت العمل، اتصلت بـ” بمكتب الهجرة الفرنسي ” لأسألهم عن ذلك، فقالوا لي إنه علي أن أجد رب عمل يكفلني لأتمكن من العمل حاليا، وهذا أمر شبه مستحيل في حالتي كوني بدون إقامة في فرنسا ، كذلك لم أجد طريق سهل لتعلم اللغة الفرنسية فحاولت الاعتماد على نفسي.
بالمقابل، الشقة التي نسكنها صغيرة وهي موبوءة بالحشرات والرطوية ومتسخة وقديمة . طبعا أنا أعتبر نفسي محظوظا كوني لدي مسكن خاص، بالمقارنة مع لاجئين آخرين في فرنسا مشردين. لكني أخشى على ابنتي من الأمراض وأريد لها ظروفا معيشية أفضل.
حاولت إرسالها إلى الحضانة في المنطقة التي نسكنها، لكنهم رفضوا استقبالها بسبب أن المهاجرين بدون إقامة لا يمكن إرسال أبنائهم إلا بعمر الدراسة الرسمي . قالوا لي إنه عليّ أن أنتظر ، حينها سيكون بإمكانها الالتحاق بالمدرسة.
ابنتي لا تنام بشكل جيد، لا تأكل بشكل جيد، تستيقظ كثيرا في الليل. أنا لست خبيرا بالطب النفسي للأطفال، كذلك زوجتي من الوحدة والكائبه وهدم وجود أي نشاط تشعر بالقلق والاكتئاب زوجتي وابنتي بحاجة للاختلاط بآخرين ا.
كل شيء صعب هنا عندما تكون لاجئ مرفوض ، كل ما نحتاجه يستلزم طلبات وأوراق ومعاملات واتصالات. مشاكل اللاجئين كثيرة هنا في فرنسا، وطبعا مشاكلنا كعائلة لا تقارن بآخرين، ممن لا يملكون منزل مثلا.
لا أريد شيئا مميزا، أريد أن أعمل وأن يصبح لدى عائلتي مدخول مادي يكفيها. أريد لابنتي أن تعيش حياة طبيعية، أريد لوسواس المستقبل أن يهدأ في رأسي وأطمئن إلى أنني وزوجتي اتخذنا الخيار الصائب بقدومنا هنا.
في 17 كانون الأول/ديسمبر 2021 رفض طلب لجوئنا في فرنسا. مباشرة عينت محام لمتابعة ملفي والاستئناف على قرار الرفض، وحتى الآن لم يصلني أي جديد.
نحن لم نغادر العراق بملء إرادتنا، فلو كانت ظروفنا أفضل هناك وحياتنا آمنة لما اضطررت إلى اتخاذ قرار الهجرة. هربنا بسبب العنف والتهديدات العائلية، فقد تزوجنا دون رضا أهل زوجتي. ومن حينها والمشاكل تلاحقنا. تعرضت للضرب والتهديد بالقتل، أهلي تعرضوا للتهديد حتى أن والدي اضطر لإغلاق مطعمه في بغداد والانتقال للشمال خوفا على حياته وحياة إخوتي. نحن لا مكان لنا في العراق، للحظة اعتقدت أنني سأجد الحياة التي نستحقها هنا، فهل كنت مخطئا؟