![](https://www.centersweden.com/wp-content/uploads/2025/02/443-1-1-780x470.jpg)
“عزيزة” من كردستان العراق .. أحد ضحايا هجوم مدرسة أوريبروا بوسط السويد
في صباح يوم الثلاثاء 4 فبراير 2025، لم تكن عزيزة، المرأة الكردية القادمة من كردستان العراق والبالغة من العمر 68 عامًا، تعلم أن يومها المعتاد في مدرسة ريسبيرجسكا بمدينة أوريبرو في وسط السويد سيكون الأخير في حياتها. كانت عزيزة تستعد لتوديع مهنتها في الصيف المقبل، حيث كانت تخطط للتقاعد بعد أكثر من 20 عامًا من العمل كمعلمة رياضيات. ولكن قبل أن تحقق حلمها بالراحة بعد سنوات طويلة من العمل الجاد، فقدت حياتها في الهجوم المسلح الذي أودى بحياة 10 ضحايا أبرياء.
من هي عزيزة؟
كانت عزيزة أكثر من مجرد معلمة. كانت أختًا، وعمة، وخالة، ومهندسة مدنية، ومعلمة رياضيات. وُلدت في كردستان العراق، لكنها غادرت وطنها في التسعينيات هربًا من الاضطرابات وانعدام الأمن، بحثًا عن حياة أكثر استقرارًا وأمانًا في السويد. وبمجرد وصولها إلى السويد، لم تتوقف عن السعي لتحقيق طموحاتها، حيث درست لتصبح مهندسة مدنية ومعلمة في المدارس الثانوية.
![](https://www.centersweden.com/wp-content/uploads/2025/02/443-1-1.jpg)
تقول عائلتها في بيان مؤثر:
“تركت عزيزة كردستان بسبب انعدام الأمان، وجاءت إلى السويد بحثًا عن السلام. لم تكن فقط معلمة، بل كانت قدوة. ساعدت عددًا لا يُحصى من الناس على بناء حياتهم المهنية وتأمين مستقبلهم.”
حياتها المهنية وتأثيرها في المجتمع
لم تكن عزيزة مجرد معلمة تُدرس الرياضيات في الفصول الدراسية؛ بل كانت ملهمة لطلابها وزملائها. عملت في مجال التعليم لأكثر من 20 عامًا، قضت منها 7 سنوات في مدرسة ريسبيرجسكا. حتى مع انتقال المدرسة إلى موقع جديد، كانت ترى في المشي إلى المدرسة يوميًا فرصة لـ”ممارسة الرياضة والاستمتاع بالحياة اليومية”، كما كانت تقول.
كانت عزيزة هي الأخت الكبرى بين سبعة أشقاء، ودائمًا ما لعبت دور العمود الفقري للعائلة. تقول عائلتها:
“قادتنا خلال نشأتنا، وساهمت في دعم الأسرة ماليًا وعاطفيًا. كانت صانعة القرار ومصدر الحكمة في العائلة.”
![](https://www.centersweden.com/wp-content/uploads/2025/02/55-1.jpg)
شغفها بالرياضيات والتعليم
لم تكن عزيزة ترى التعليم كمهنة فقط، بل كانت شغوفة به إلى أبعد الحدود. حتى في أوقات فراغها، لم تتوقف عن التدريس. كانت تدير قناة على يوتيوب تقدم فيها دروسًا مجانية في الرياضيات باللغة الكردية، وجذبت أكثر من 120,000 مشترك. كانت تؤمن بأن المعرفة هي المفتاح لتغيير حياة الإنسان والمجتمع.
قال أشقاؤها:
“كانت مليئة بالأفكار الجديدة وحب الحياة. لم تتوقف أبدًا عن التعلم أو تطوير نفسها. كانت تؤمن بأن الإنسان يمكنه دائمًا التغيير للأفضل.”
يوم الحادثة: مأساة تهز القلوب
في صباح يوم الهجوم، كانت عزيزة تذهب كعادتها إلى المدرسة، دون أن تعلم أنها ستصبح أحد الضحايا العشرة الذين سقطوا في الهجوم الدموي على مدرسة ريسبيرجسكا. نفذ الهجوم شخص يُقال إنه من أصول سويدية، وتدور الشكوك حول كونه هجومًا عنصريًا، على الرغم من عدم صدور أي نتائج رسمية من التحقيقات حتى الآن لتأكيد ذلك.
هذا الهجوم لم يستهدف فقط أرواح الضحايا، بل استهدف أيضًا قيم التنوع والتعايش التي تمثلها عزيزة. جاءت إلى السويد باحثة عن الأمان، لكنها فقدت حياتها في بلد كانت تأمل أن يكون ملاذًا لها.
صدمة العائلة والمجتمع
تعيش عائلة عزيزة اليوم في حالة من الصدمة والحزن العميق. لكنها تحاول أن تجد العزاء في ذكراها وتأثيرها الكبير في حياة من حولها. تقول العائلة:
“حبها وشغفها سيبقيان حيّين في قلوب كل من عرفها. لقد تركت أثرًا لا يُمحى في حياة طلابها وأصدقائها وعائلتها.”
تُعد عزيزة أكثر من مجرد ضحية في هذه المأساة، فهي رمز للتحدي والإصرار على النجاح رغم كل الصعوبات. فقدت حياتها في حادثة مأساوية، لكنها ستبقى حية في ذاكرة كل من تأثر بحياتها وأعمالها.
رغم أن عزيزة كانت واحدة من عشرة ضحايا في الهجوم الذي هز مدينة أوريبرو، فإن قصتها تُذكرنا بأن خلف كل رقم هناك إنسان، خلف كل خبر مأساوي هناك حياة مليئة بالأحلام والطموحات التي قُطعت فجأة.
في النهاية، تبقى عزيزة مثالاً على كيف يمكن لشخص واحد أن يُحدث فرقًا في حياة الكثيرين، حتى بعد رحيله.