صحيفة سويدية : عندما انقذ الجنود المسلمين في الحرب العالمية الأولى أوروبــا!
نشرت صحيفة se24 تقرير عن ملايين من المسلمين شاركوا في الحرب العالمية الأولى في أوروبا. ودافعوا عن القيم الأوروبية ـ لكن لسنوات طويلة ظلت قصصهم مجهولة، إلى أن كشف بحث جديد عن العديد من الحكايات التي تعكس صفات جيدة لهؤلاء الجنود، جعلتهم يتعايشون مع غيرهم من الأوروبيين ، ويدافعون عن القيم الأوربية ،رغم الظروف الصعبة. ورغم أن وجودهم بالمعركة كان لمصالح واتفاقيات أممية ..ولكن دمائم امتزجت بدماء الأوروبيين على التراب الأوروبي
واحدة من مقابر الجنود المسلمين المشاركين بالحرب العالمية الأولى ومكتوب عليه: هنا يرقد المرحوم
إذا قمت بزيارة بوابة “مينين” العملاقة بمدينة “يبرس” البلجيكية، ستجدها مغطاة بأسماء الجنود الذين لقوا حتفهم خلال الحرب العالمية الأولى وليس لهم قبر معروف، وبلغ عددهم 54.607 جندي في بلجيكا وحدها.
ومن ضمن هؤلاء جنود مسلمون من الهند ومصر والسودان مثل ” محمد واحمد ” و “بدر خان” الذي فقد حياته بالمعركة الأولى في “يبرس” عام 1914، و” احمد نور علم” الذي فقد حياته بمعركة “يبرس” الثانية عام 1915. وكانت الهند تشمل آنذاك باكستان وبنجلاديش وسيرلانكا وهى دول إسلامية اليوم .
وبالرغم من أن عدد الجنود المسلمين الذين شاركوا بالحرب العالمية الأولى كانوا بجبهتين مختلفتين، وحاربوا بجانب بريطانيا وفرنسا ، ووصل عددهم إلى 2.5 مليون مسلم دافعوا عن حدود الحلفاء الأوربيين في فرنسا وبلجيكا والنمسا وسويسرا وألمانيا. وغيرها من الدول الأوربية ، وكان انضمامهم من منطلق تحالفات دولهم مع البريطانيين ، أو مقابل الحصول على استقلال بدولهم ..وفي كل الأحوال فقد حاربوا بكل شجاعة ، كــ أبطال بجانب أوربيين غربيين للدفاع عن أرض أوروبية!
ويقول البحث لم يتم الاهتمام بهذه المشاركة بما يكفي من الدراسة والبحث ، مقارنة بكل ما تم كتابته حول بطولات الجنود الأوروبيين خلال الحرب العالمية الأولى. ..بل ربما هناك من حاول طمسها !
النصب التذكاري لدى بوابة “منين” في بلجيكا، والذي تم إزاحة الستار عنه عام 2011 لإحياء ذكرى قوات المستعمرات الأوروبية من الهند ومصر والسودان والمغرب العربي ، التي خدمت في فرنسا وبلجيكا خلال الحرب العالمية الأولى ، ودافعت عن التراب الأوروبي والقيم الأوروبية الحالية .
ويسعى البلجيكي “لوس فريير”، مؤسس منظمة “الجنود المنسية في أوروبا ، إلى التعريف بالدور التاريخي الكبير الذي لعبه الجنود المسلمون، حيث يؤمن بأنه لولاهم لخسر الحلفاء الحرب وانتهت القيم الحضارية لأوروبا الغربية التي نعيشها لصالح الفاشية واليمين المتطرف ، كما يرى أن تسليط الضوء على هذا الدور يمكن أن يساهم في مواجهة العداء المتزايد ضد المسلمين في الغرب الأوروبي ، وتعريف المجتمعات الأوروبية بدور المسلمين في دعم الأوروبيين في أهم حروبهم في التاريخ الحديث .
وتحدث فريير لـ DW عن شعوره بالمفاجأة لدى تعرفه على العلاقة الطيبة التي جمعت الجنود على اختلاف أديانهم، بالرغم من بشاعة الأجواء خلال الحرب حيث يقول: “وجدنا بالمذكرات الشخصية للجنود الكثير من القصص المؤثرة لجنود مسلمين ومسيحين ويهود يحاربون جنبا إلى جنب ويتشاركون معا الخبرات والثقافة والطعام والموسيقى وحتى الممارسات الدينية”….
لقد كتب احدهم ….” بالأمس أنقدنا فرقة من الجنود الهنود والمصريين – انهم رائعون قاوموا بشجاعة وبطولة لساعات طويلة ، لكي يسهلوا لنا انسحاب منظم ، لولاهم لهلك 70 ألف جندي في هذه الليلة ، لقد صلينا معا ..مسلمين ومسيحيين شكرا للرب ”
وما أن بدأ الاجتياح الألماني لفرنسا، حتى قامت هذه الأخيرة باستدعاء جنود من الجزائر والمغرب وتونس، كما استدعت بريطانيا أيضا قوات من مستعمراتها في مصر والسودان والهند ، واغلبهم مسلمين ، والذين عندما وصلوا، بملابسهم الشرقية ، ذات الألوان الشرقية ، حياهم البريطانيون والفرنسيون المنهكون من القتال باعتبارهم “المنقذين” للجيش البريطاني والفرنسي من الهجوم الألماني النمساوي .
ولم تقتصر المعاملة الجيدة للقوات الهندية وغيرها من الشرقيين والعرب ، والمكونة من مسلمين وأيضا هندوس وسيخ على البريطانيين فقط، إذ أحسن الألمان للأسرى المسلمين في محاولة منهم لإقناعهم بدعم ألمانيا بدلا من بريطانيا، وهو ما رفضه الكثير من الجنود المسلمين من منطلق انهم متحالفون لا ينقضون العهود .
نوتر دام دي لوريته، أكبر مقابر جنود الحرب في فرنسا، والتي تحتوي على شواهد الجنود المسلمين المشاركين بالحرب العالمية الأولى
ويظهر أثر قتلى الحرب من المسلمين واضحا بالمقابر الممتدة على مسافة 700 كيلومترا من بحر الشمال وحتى الحدود السويسرية.
وفي “نوتر دام دي لوريته”، أكبر مقابر قتلى الحرب في فرنسا، تتجه 576 من شواهد القبور الخاصة بالجنود المسلمين نحو الكعبة قبلة المسلمين بمدينة مكة المقدسة تقديرا لهؤلاء الجنود ، واحترام للطقوس والشعائر الإسلامية ، ولكن للأسف تعرضت للتدنيس بغرافيت معادي للإسلام لثلاث مرات خلال السنوات الأخيرة.
ومع صعود تيارات اليمين المتطرف المعادية للمهاجرين في أوروبا، تساءل البلجيكي “لوس فريير”: “طالما تقبل هؤلاء الجنود بعضهم البعض خلال أصعب الظروف وامتزجت دمائهم معا ، فما الذي يمنعنا اليوم من القيام بنفس الشيء؟” …في أرض أوروبا سالت دماء مليونين ونصف من الجنود المسلمين الذين دافعوا عن القيم الأوروبية التي نعيشها اليوم . !