زين تعيش في السويد: فرحتي بسقوط النظام عقبتها صدمة لصور أخي المتوفي في سجن صيدنايا
أنا زين فارس، فلسطينية سورية الأصل، أعمل حاليًا في السويد. فقدت أخي منذ 12 عامًا، وفوجئت قبل أيام بصورته، لأكتشف أنه مات تحت التعذيب منذ سنوات في سجن صيدنايا سيئ السمعة.
كنت في عملي بصراحة، ولم أستطع إكماله، لأنني لم أستوعب الصور التي رأيتها. أن أرى شهداء قضوا نتيجة التعذيب وأدرك أن أحدهم هو أخي، فهذا أمر لا يمكن تصوره. عندما يسمع الإنسان أو يرى شيئًا، يختلف كثيرًا عن عندما يكون الأمر متعلقًا به شخصيًا أو بأحد أفراد عائلته. كان الموقف صعبًا للغاية، لا يمكن وصفه بالكلمات.
بعد سقوط نظام الأسد في سوريا، انتعشت آمال آلاف العائلات السورية في عودة أبنائهم المعتقلين الذين يقبعون في سجون النظام منذ سنوات طويلة. ظهرت فيديوهات توثّق تحرير مئات المعتقلين من سجون النظام في مختلف المدن السورية. لكن، في الوقت نفسه، انتشرت صور لأشخاص قضوا تحت وطأة الجوع والتعذيب في سجون النظام المخلوع.
بعد سقوط النظام، كنت أتابع باهتمام ما يحدث، أبحث بين الفيديوهات والصور المنشورة للناجين والمعتقلين المحررين، على أمل أن أجد أخي بينهم. لكن عندما رأيت صورته بين الشهداء، كانت الصدمة هائلة. لم أستطع استيعاب الأمر في البداية. عقلي رفض تصديق أنه قد مات نتيجة التعذيب، لكن في النهاية نحن مجبرون على قبول الواقع، فليس أمامنا حل آخر.
عائلتي تلقت الخبر بمرارة شديدة. كنا نعلم في داخلنا أنه من الصعب أن يكون على قيد الحياة، خاصة مع معرفتنا بالظروف اللاإنسانية التي يعيشها المعتقلون في سجون النظام. لكن الأمل كان يراودنا باستمرار، وما زال لدينا أمل حتى اليوم، لأننا لم نرَ جثته. ما رأيناه مجرد صورة، ولم نحصل على أي شيء ملموس يؤكد وفاته.
بالنسبة لوالدتي، فهي حتى الآن لم تستوعب الأمر ولم تقبل به. لم توافق على فتح بيت عزاء أو استقبال المعزين، لأنها ترفض فكرة أن ابنها قد رحل. تقول: “أنا لم أرَ جثته، ولم يؤكد لي أحد أنه مات”، وهذا ما يجعل الألم مضاعفًا.
أكبر ما أتمناه الآن هو أن أكون مع والدتي في هذا الوقت العصيب. هي بحاجة شديدة لأن نكون بجانبها بعد أن فقدت ابنها. أتمنى أن أتمكن من زيارة سوريا، أن أرى إخوتي الذين لم ألتقِ بهم منذ سنوات طويلة، وأن أرى والدتي التي كبرت في السن وتحتاج إلى دعمنا وحبنا.