زيادة نسبة الطلاق بين المهاجرين في السويد ..نساء تتحدث ؟
من حين لآخر يتجدد النقاش حول زيادة حالات الطلاق بين اللاجئين في دول المهجر مثل السويد ، حيث يتواجد المهاجرين من خلفيات عربية بأعداد كبيرة في من بعد عام 2014، وغالبا يتم إلقاء اللوم على المجتمع والسويدي الجديد وقوانينه التي تشجع المرأة المهاجرة على التمرد على سلطة الزوج الشرقي . فهل يمكن إلقاء اللوم على المجتمع المتحرر والقوانين . أو الرجل أو المرأة !
لا يخلو نقاش عام أو على مواقع التواصل الاجتماعي ، حول مشاكل المهاجرين في السويد ، و منها الحديث عن ارتفاع حالات الطلاق، ومشاكل العائلة ، وتحول ذلك إلى ظاهرة كما يصفها البعض.
ولا تتوفر لحد الآن إحصائيات وأرقام حول نسب الطلاق الفعلية بين اللاجئين المغتربين في السوي
أو أي دولة أوروبية .
حياة جديدة للمرأة المهاجرة في أوروبا؟
الجالية السورية والعراقية والفلسطينية واللبنانية هي أكبر الجاليات العربية في السويد ، وجرت العادة في المجتمعات العربية أن يُلقى باللوم على المرأة عند وقوع الطلاق، والتي بات يُلاحظ أنه لم يعد لكلمة الطلاق أمر مخجل للمرأة العربية في السويد .. وذلك لآن قيم المجتمع تختلف وتعطي للمرأة حقوقها المساوية للرجل في مجتمع مثل المجتمع السويدي
و تصف بعض النساء حياتهن بعد الطلاق بـ “الأفضل”. كما تحدثت بعض اللاجئات العربيات عن تجاربهن مع الطلاق . ورغم أن الطلاق هي أيضاً ظاهر منتشرة في الدول العربية وفي السويد وفي جميع المجتمعات الإنسانية ، ولكن تظل فكرة الطلاق لعائلة مهاجرة في بلد جديد يختلف اجتماعياً وثقافياً امرا مربك للعائلة وللأطفال ، الذين قد يدفعون فاتورة انفصال الأب والأم بشكل غير ودي .. وهو بخلاف ما يحدث من انفصال في المجتمع السويدي الذي ينتهى فيه الزواج الرسمي أو السامبو باتفاق منظم بين الزوجين لمصلحة الأبناء ..
تقول دعاء مهاجرة سورية في السويد “كان أفضل قرار اتخذته طوال حياتي” وتقول : – كرست حياتي لتربية أطفالي منذ ذلك الوقت فالحياة تستمر والمجتمع السويدي يساعد المرأة على الاستقرار والاعتماد على النفس .. وهذا ما يجعلنا قادرين على إتخاذ القرار في مجتمع يساوي بين الجميع بين المرأة والرجل..
وتقول دعاء :- “لم يسقط الطلاق علينا من السماء. ففي سورية كنا نتشاجر دائما وكنا على وشك الانفصال مرات عديدة لولا تدخل أهلي وإجباري على البقاء معه.
لذلك أنا لا ألوم المجتمع السويدي والأوروبي “. وتضيف اللاجئة السورية : – “لقد كان أفضل قرار اتخذته طوال حياتي، لم أعد مجبرة على احتمال استخفافه بي ومعاملته لي كتابع أو جارية عليها الانصياع وتنفيذ رغباته المتعددة على اختلافها”.
وعن تعاملها مع الانتقادات التي طالتها جراء اتخاذها الطلاق ، تقول:-
“عندما اتخذت قرار الانفصال عن زوجي السابق قررت أن أغلق أذني عن سماع الأصوات التي تنتقد تصرفي” وتضيف أن الانتقاد الذي وُجه إليها من أهلها “لا يقل عن انتقاد أهله لي، رغم أنهم يعرفون حجم معاناتي معه طوال 20 عاما الماضية”.
وحاليا لا احد يهتم بالطلاق وأخبار الطلاق .. لا أرى أهله ،ولست تحت ضغط عائلتي ، ولا أسمع كلمات ” المرأة المطلقة ” المجتمع منفتح هنا ومنطلق نحو الحريات ، توجد مساواة والجميع يهتم بنفسه وليس بأخبار الآخرين .
أما نادية (49 عاما) وهي أم لأربعة أطفا لاجئة ، ترى أن “الطلاق حررها من البقاء تحت ظل الرجل”، وتروي تجربتها وكيف تفاهمت مع زوجها بعد الطلاق، إذ أنه “لا يزال يعيش في نفس المنزل بسبب أزمة السكن، قمنا بترتيب حياتنا بحيث أن لا نلتقي سوية إلى أن يجد منزلا وينتقل إليه”.
لقد كان معارض لذلك ولكن ليس لديه ما يستطيع فعله إلا الموافقة ، فالوضع هنا مختلف في أوروبا عن سوريا ، وعليه إنهاء الخلافات بالطريقة التي نتفق عليها وليس بطريقة الزوج الشرقي ؟ .
وتضيف نادية، التي تدير اليوم مطبخا للمأكولات السورية في منزلها واستطاعت تكوين عدد غير قليل من الزبائن العرب ، أن الانفصال منحها حرية القرار، إذ أنه وحسب رأيها “البقاء في ظل رجل لا يفهم تطلعات المرأة ، أمر يدمر إمكانيات المرأة ويحولها إلى إنسان اتكالي بطريقة شبه كاملة.
بالنسبة إلي لم أتمكن من الاستمرار في ممارسة هذا الدور، وقررت الانفصال في مجتمع لا يعتبر المطلقة وصمة عار ، بل يقدم لها الدعم ، وفرصة جديدة لكي تبدأ من جديد .
من جهتها تقول ميسون (33 عاما)، وهي أم لطفلين: “لا أبالغ إذا ما قلت أن أولادي اليوم بعد عام على الطلاق أصبحوا أكثر سعادة وتوازنا وأقل قلقا.
لا شجار ولا الصراخ ولا العنف، فهم لم يروني أبكي منذ أن حدث الطلاق. وأنا أكثر قدرة اليوم على الاهتمام بهما”. وتضيف ل “طلاقي لم يكن نزوة ولا قرارا أرعن، لقد فعلت ما كان يجب أن أفعله منذ زمن طويل” اشعر بالحرية .
وتقول ميسون أن العديد من الرجال يعيشون بمفهوم الزوج الشرقي ، يعتبر كل ما تحصل عليه الزوجة ملك له ، ولا يحق لها أن تفعل شيئ بدون الحصول على موافقة الزوج ،كما يحمل الزوج زوجته جهد كبير دون أي تقدير . لا يمكن استمرار الحياة الزوجية بهذا النمط في دولة مثل السويد .
وتضيف ميسون أنها تعرفت على الكثير من النساء السويديات خلال السنوات الأربعة الأخيرة، وأكثر من نصفهن كن مطلقات، ولم يشكل الطلاق أي مشكلة، بل حتى أن لبعضهن “علاقات مع أزواجهن السابقين”. وتتساءل: “لماذا لا يجري الأمر بنفس الطريقة بالنسبة لنا؟ لماذا يجب على المرأة أن تخسر كل شيء إذا ما قررت الانفصال؟ لماذا تصبح بنظر المجتمع امرأة غير سوية؟”. فطليقي مازال يعاند ويحاول ازعاجي.
لكن وقع الطلاق كان مختلفا للرجل … فاحد الازواج الذي أضطر للخضوع لتطليق زوجته في بلد المهجر، يلقي باللوم على المجتمع المضيف ( السويدي) والقيم المجتمعية والقوانين السائدة.. وأنها السبب الأساسي للطلاق بينه وبين زوجته ، حيث لم تنجح جميع محاولاته في إقناع زوجته بالعدول عن قرارها برغم محاولات عديدة قام بها وبمساعدة الاصدقاء.
ويقول : “بعد عامين من المعاناة والانتظار تمكنت من لم شمل زوجتي وطفلتي . إلا أن فرحة لم الشمل لم تدم طويلا، لأن حياتنا لم تعد كما كانت من قبل، فزوجتي تغيرت إلى حد بعيد، إذ باتت انفعالية للغاية ومستعدة للشجار في أي وقت ولأتفه الأسباب” كانت مندفعة في كل قرارتها.
اعتقد خالد أن الأمر ربما يعود للسنوات التي أمضياها بعيدين عن بعضهما، لكن هذا لم يكن وحده السبب، حسب قوله، إذ أنها تعرفت “على صديقات جدد و بدأت تمضي وقتا أطول خارج المنزل وأصبحت أكثر اهتماما بشكلها ولباسها ومكياجها وعطورها ، وتحتفظ بالمال لنفسها ، حتى أصبح وضع ابنتنا ذات الثماني سنوات، أسوأ في المدرسة وكانت ترفض تماما فكرة إنجاب طفل آخر”.
ويتابع: “في أول شجار دار بيننا بسبب ذلك، قامت بتهديدي باللجوء إلى الشرطة !!. كان من الواضح أنها في طريقها لاتخاذ قرار الانفصال عني. حاولت جاهدا ثنيها عن قرارها إلا أنها كانت تزداد تعنتا كلما شعرت برغبتي في التمسك بها. ثم حصل الطلاق كما أرادت”.
ظاهرة سببها مجموعة من التراكمات
و حول الظاهرة فأن الطلاق في أوساط اللاجئين تحول بالفعل إلى “ظاهرة”، كثر الحديث عنها مؤخراً في وسائل الإعلام وأنه يمكن رصد هذا الارتفاع في نسب الطلاق بين هذه الفئة من خلال الحالات التي تستقبلها مكاتب الإرشاد الاجتماعية والقانونية وحتى المساجد في المدن التي يقطنها عدد كبير من اللاجئين السوريين.
ووفقاً للتلفزيون السويدي –المصدر– فخلال الفترة من مارس إلى يوليو من 2020 ، تم تقديم 13،345 طلب طلاق إلى المحاكم المحلية في السويد (رقم يشمل جميع فئات المجتمع السويدي) . وهذا يزيد بمقدار 579 عن الفترة نفسها من العام الذي قبله في 2019 ، عندما قدم 12،766 طلبًا للطلاق.
وعن أسباب انتشار الطلاق في السويد وهل للمجتمع الجديد وثقافته وقوانينه، دور في تغير الثقافات والقناعات للقادمين الجدد وبالأخص للمرأة ؟ فهناك تأثيرا نسبيا للمجتمع الجديد، لكنه ليس “المسؤول المباشر” عن حالات الطلاق بين اللاجئين، وإنما هناك عوامل مختلفة وتراكمات عانت منها المرأة بالأخص في بلدها السابق،.. وقبل وصولها للسويد .
فا في المجتمعات العربية تكون قدرة المرأة ضعيفة للمطالبة بالطلاق وتضطر لتحمل أعباء الحياة الزوجية مع زوج لا ترغب بالحياة معه لآن المجتمع والعائلة ترفض فكرة الطلاق … كما أن الرجل هو العائل الأساسي للعائلة مالياً واجتماعياً، وتجد المرأة نفسها كزوجة متضطرة لتبعية الرجل ماليا لمواجة الحياة والمجتمع .. فهذه سمات المجتمع الذكوري
ولا شك أن اكتشاف المرأة للحقوق التي يضمنها لها البلد الجديد وبالأخص الاستقلال المادي، الذي كانت تفتقده في بلدها مع طموحها لممارسة نمط حياة أكثر تحررا ومواجهة الرجل لهذا الطموح بعدم تقبله له، يمكن أن يكون دافعا آخر لاتخاذ هذا القرار.
لكن الانتقال إلى مجتمع متحضر مثل المجتمع السويد والأوروبي الغربي بشكل عام ليس هو السبب المباشر، وإنما يوفر لها عوامل الاتثلالية والقدرة على إتخاذ القرار وبدرجة أمان ودون خوف من ضياع الحماية الاجتماعية والمالية للمرأة وأطفالها”.