
حيدر من العراق للتطوع والقتال من أجل أوكرانيا ؟
حرب بمشاركة أجانب، يوصفون مرة بالـ”مرتزقة” وأخرى بالمتطوعين من أجل الحرية”، بحسب طرفي الحرب روسيا وأوكرانيا. حيدر، عراقي سجل اسمه في قائمة “التطوع” للقتال في أوكرانيا وينتظر اتصالا هاتفيا قد لا يأتي، ولسوق الحرب أسعارها وتبعاتها.
“أغلب الشباب العراقي يميلون إلى التطوع رغبة منهم في الحصول على مكاسب، وسط ارتفاع مستوى الفقر والبطالة في البلاد” وهذا ما جعلهم يندفعون للتطوع في “الحشد الشعبي” وهي مليشيا شعبية شيعية في العراق ،
حيدر رجل في نهاية الثلاثينيات من العمر، حمل البندقية منذ عام 2003، في بلد لم يهدأ يوما من الحرب وقعقعة السلاح، وهو شرطي سابق من مدينة الديوانية في محافظة القادسية العراقية، و اسم المحافظة يحمل معاني الحرب (القادسية الأولى والقادسية الثانية).
دعوة الرئيس زيلنسكي وصلت إلى حيدر الزرفي في الديوانية وعراقيين آخرين، ويشرح حيدر الرجل الثلاثيني وجهة نظره وهو يلمس شاربه الأسود الكثيف ويقول: “مع تصاعد وتيرة أحداث الحرب الروسية على أوكرانيا، وإعلان زيلينسكي إنشاء فريق دولي من المتطوعين الأجانب للانضمام إلى جيش بلاده لردع الجيش الروسي، يدور الحديث بين الشباب العراقيين حول إمكانية التطوع للذهاب إلى أوكرانيا والهدف هو الهجرة و المال “.
حيدر وشباب عراقي يريدون خوض القتال في أوكرانيا ، ليس رغبة في “القتال من أجل الحرية”. ويوضح حيدر نيته بقوله “يرغب آخرون بالتطوع رغبة منهم بمغادرة البلاد والوصول إلى أوروبا عبر بوابة أوكرانيا، وأنا واحد من بين هؤلاء الذين يحلمون بالوصول إلى أوربا والعيش فيها”. ويكمل الزرفي قصة معرفته بقضية التطوع بالقول: “عرفت من خلال وسائل التواصل الاجتماعي أن باب التطوع مفتوح للانضمام إلى صفوف الجيش الأوكراني، وأنا وجدت هذه فرصة ذهبية للوصول إلى أوروبا وتقديم طلب اللجوء هناك، إذ إن الظروف المعيشية في العراق صعبة جدا ولم أعد اتحمل الاستمرار تحت هذه الظروف”.
يعترف الزرفي الذي يريد خوض مغامرة محفوفة بالمخاطر، باحتمال حدوث سيناريوهات مختلفة يمكن مواجهتها في منطقة حرب مثل أوكرانيا، ويقول: “لم أهيأ نفسي لذلك أبدا لأن السبب الرئيسي من ذهابي هو فقط من أجل التخلص من العيش في العراق بسبب ارتفاع نسبة البطالة وعدم الاستقرار الأمني، وبحثا عن حياة أكثر استقرارا في الدول الأوروبية”.
ولا يعلم حتى الآن الطريق التي ستقوده للسفر إلى أوكرانيا، فهو في انتظار الرد من السفارة الأوكرانية، بعد أن زارها وقدم معلوماته وأخبره الحرس الذي يحمي مبنى السفارة، بأنهم سيردون عليه بشأن طلبه للتطوع، لكنه يقول: “مهما كانت الطريقة التي سأسافر بها إلى أوكرانيا؛ فهي تبقى أفضل من العيش في وطن لا سيادة له”، بحسب وصفه.
حيدر: لم نلق تقديرا أو احتراما في السفارة
أعداد “المتطوعين” رغبة في “القتال من أجل الحرية” أو بسبب المال أو “نصرة للحلفاء” في ارتفاع. وبالنسبة للأوربيين فإن طريق الوصول إلى أوكرانيا سهل جدا، يمر عبر جوار أوكرانيا مثل بولندا ورومانيا وسلوفاكيا والمجر، أما بالنسبة لحيدر الزرفي فالطريق مختلف. ويقول حيدر الذي طرق باب سفارة كييف في بغداد: “عندما ذهبت إلى مبنى السفارة الأوكرانية في بغداد للتقديم على التطوع، للأسف لم نلق أي احترام أو اهتمام بنا، فقط كان هناك شرطي يقف عن الباب الرئيسي للسفارة يأخذ اسماءنا وأرقام الهاتف من دون أي تقدير لنا، ولم نجد أي موظف في السفارة يستقبلنا بالطريقة التي نستحقها”.
بالنسبة للأوربيين فإن طريق الوصول إلى أوكرانيا سهل جدا، يمر عبر جوار أوكرانيا مثل بولندا ورومانيا وسلوفاكيا والمجر
جاء هذا الجندي السابق إلى بلدة بيزيميش البولندية الحدودية مع أوكرانيا للالتحاق بمتطوعين في داخل أوكرانيا.
وينفي الزرفي معرفته بالتبعات القانونية لخطوته هذه ويقول: “لا أعرف عن تعامل السلطات مع موضوع التطوع ولكن أعتقد أن الحكومة العراقية لا تقبل بهلاك أبناءها أو زجهم في الحرب. ولكن أنا شخصيا لا أفكر بالقتال ولم أفكر بالمعركة وإنما فقط بالهروب من البلاد والعيش في أوروبا بسلام وحرية”، يضيف الزرفي، ويردف بالقول: “لقد سمعت من بعض الأصدقاء أن على كل متطوع التحضير، وأن يجلب معه الملابس المناسبة للمعركة والدروع والخوذ، وهذا أمر غريب لا أصدقه”.
في الجانب المقابل، تحدثت أنباء عن تطوع أفراد من سوريا للقتال إلى جانب روسيا، مسؤول المخابرات بوزارة الدفاع الأوكرانية قال ردا على أسئلة لوكالة رويترز إن المخابرات الأوكرانية ذكرت أن 150 من “المرتزقة” أرسلوا من قاعدة حميميم الجوية في سوريا إلى روسيا يوم ( 15 مارس/ آذار) للمشاركة في أعمال عسكرية ضد أوكرانيا. فيما نقلت وكالة رويترز عن قادة عسكريين في “قوات الدفاع الوطني” الموالية للنظام في سوريا أن “بعض مقاتليهم قالوا إنهم مستعدون للقتال في أوكرانيا في صفوف قوات روسيا حليفتهم لكنهم لم يتلقوا الأوامر بعد للذهاب إلى هناك”.
رويترز تنقل أيضا عن مصادر داخل سوريا أن الرواتب المعروضة للمجند العادي تدور حول مبلغ ألف دولار شهريا أي أكثر بنحو 30 مرة من أجر المجند داخل سوريا. أما المقاتلون من ذوي الخبرة فتصل أجورهم إلى ألفي دولار شهريا. وإلى جانب المتطوعين، أكدت صحيفة التايمز البريطانية أن أوكرانيا تقوم بتجنيد “مرتزقة ماهرين” لتنفيذ عمليات داخل البلاد، تشمل مواجهة المرتزقة الذين يرسلهم الكرملين وجهاً لوجه، مقابل مبالغ تصل إلى 2000 دولار يومياً.
حيدر الزرفي ما يزال في حيرة من أمره ولا يخفي مخاوفه من عدم العودة “في حال سافرت إلى أوكرانيا وفشلت في العبور إلى أوروبا بكل تأكيد سأطلب العودة إلى العراق فمن غير الممكن أن أصبح وقودا للحرب”، يختم الزرفي، الذي لم تطأ قدمه أوروبا يوما ما ولم يقاتل بجانب قوات أجنبية خارج العراق، لكنه يرغب في خوض مغامرة دافعها اليأس، قد تغدو تذكرة سفر باتجاه واحد.