“بين الصراخ والرصاص”.. غرق مهاجر سوري في نهر إيفروس الحدودي
منذ أكثر من شهر، تبحث عائلة عادل محمد السلطان عن ابنها الذي فُقد في نهر إيفروس أثناء محاولته العبور من تركيا إلى اليونان. الشاب السوري قفز في الماء بعد أن اعترضه “جنود يونانيون وأطلقوا النار في الهواء”، ومنذ ذلك الحين لم يُعثر على أي أثر له. فريق مهاجرنيوز تواصل مع ابن عمه الذي كان معه في ذلك اليوم، وروى ما حدث.
في الثالث من آذار/مارس الماضي، غادر عادل محمد السلطان، وهو سوري يبلغ من العمر 20 عاماً ويقيم في تركيا منذ نحو عام ونصف، إسطنبول رفقة 15 من أقاربه وأصدقائه، بنيّة عبور نهر إيفروس الذي يفصل تركيا عن اليونان، على أمل طلب اللجوء في دولة أوروبية.
كان الشاب الأعزب يعمل في البناء، ويعيل أسرته التي لا تزال موجودة في سوريا، لكن وبسبب الوضع الاقتصادي في تركيا، قرر الهجرة إلى أوروبا، لكن رحلته لم تسر كما خطط لها، وانتهت باختفائه بعد أن قفز في النهر هرباً من “جنود يونانيين”. فما الذي حدث في صباح الرابع من آذار/مارس؟ وما هو مصير عادل؟
“بين الصراخ وأصوات الرصاص.. قفز عادل في النهر”
وفي اتصال هاتفي مع مهاجر نيوز، شرح ابن عم عادل، القرعاني، والذي كان معه في ذلك اليوم، ما حدث معهم. وقال “خرجنا من إسطنبول مساء الثالث من آذار/مارس، ووصلنا إلى الحدود بعد نحو أربع ساعات. ثم انقسمنا إلى ثلاث مجموعات، وانتظرنا. كنا ننوي عبور النهر بمفردنا، فلم نملك أي نقود للمهربين.
ومع ساعات الصباح الأولى، انطلقت المجموعة الأولى على متن قارب مطاطي، ووصلت إلى الجانب اليوناني بسلام ولم يتم اعتراضها، وبناء على ذلك، انطلق قارب ثاني كان على متنه عادل وسبعة شبان آخرين، وعندما وصلوا إلى الضفة اليونانية، ونزلوا من القارب وابتعدوا عنه، تفاجؤوا بخروج جنود (كوماندوز) يونانيين من بين الأحراش”.
“كنت أراقب ما يحدث من الضفة المقابلة (التركية). بدأ عادل بالصراخ حتى نحضر قاربا آخر لإرجاعه ومن معه إلى تركيا، فصعدت أنا وشاب آخر على متن قارب مطاطي، وانطلقنا باتجاه الضفة اليونانية لجلب عادل ومن معه. وما أن اقتربنا إلى الجانب اليوناني بنحو 15 متراً، بدأ الجنود اليونانيون بإطلاق النار في الهواء”.
“كانت لحظات مرعبة، وبين الصراخ والهلع، رأيت عادل يقفز في النهر رفقة شاب آخر، وبينما قام الشاب بالتشبث بشجرة، كان عادل يحاول السباحة باتجاه الضفة التركية، لكن تيار النهر كان باتجاه الضفة اليونانية ولم يقو على عبور النهر، إلى أن اختفى عادل تماماً ولم نر له أي أثر”.
“أعتقد أنه قفز بسبب إطلاق النار، لأننا اتفقنا مسبقاً على عدم الهرب من الشرطة اليونانية إذا أمسكوا بنا، فبناء على ما سمعناه، فإنهم لا يعتدون على المهاجرين الذين يستسلمون للاعتقال، أما إذا قرر المهاجرون الهرب، فعناصر الشرطة يلحقون بهم، ويعتقلونهم ويضربونهم”. “حاولنا أن ننادي الضباط اليونانيين ليساعدونا في البحث عن عادل، لكنهم لم يستجيبوا”.
“لم نعثر على أي خيط أو معلومة عن مصيره”
ومن ذلك الحين، تحاول العائلة البحث عن ابنها بكل الطرق الممكنة. يشرح أحمد، وهو ابن عم آخر لعادل، قائلاً “تواصلنا مع كل الدوائر الحكومية والمستشفيات التركية، كما وكّلنا محامياً في اليونان للبحث هناك، ولم نعثر على أي خيط أو معلومة. عادل يجيد السباحة، وكلنا اعتدنا على السباحة في نهر الفرات (في دير الزور)، وبالتالي من الصعب أن أصدق حقيقة غرقه”.
“الجميع هنا (في تركيا) يريدون الذهاب إلى أوروبا، الوضع الاقتصادي صعب وفرص العمل قليلة. نحن حزينون جداً ونشعر بالعجز، وكل ما نتمناه هو أن نتلقى أي خبر عنه”.
نهر إيفروس.. منطقة عسكرية مغلقة
تعتبر السلطات اليونانية نهر إيفروس الذي يشكل الحدود الطبيعية مع تركيا، منطقة عسكرية مغلقة، ولا تسمح لأي شخص بالاقتراب من النهر. وبالتالي، يصعب تواجد أي صحافيين أو منظمات إنسانية أو حقوقية في المنطقة، وبالتالي، تكاد تكون المعلومات المتوفرة عما يحدث بالقرب من النهار، شبه معدومة.
وفي تشرين الأول/أكتوبر 2021، تمكن فريق مهاجر نيوز من الحصول على شهادة حصرية، عندما تحدث شرطي يوناني سابق لأول مرة لوسائل الإعلام قائلا إنه تلقى أوامر من السلطات اليونانية بدفع مهاجرين إلى تركيا، “على مدى العقدين الماضيين، نقلت بقاربي أكثر من 2,000 مهاجر إلى الضفة التركية. لم يكن أمام المهاجرين أي خيار سوى الصعود إلى قاربي والعودة من حيث أتوا”.
وفي مطلع نيسان/أبريل الجاري، أكد رئيس الوزراء اليوناني المحافظ كرياكوس ميتسوتاكيس، على نيته تمديد السياج الحدودي على طول نهر إيفروس، لـ35 كيلومترا إضافيا بحلول نهاية العام، إذ يبلغ طول هذا السياج حاليا 37,5 كيلومترا، وتطمح أثينا إلى زيادة طوله 100 كيلومتر إضافية بحلول العام 2026.