قصص المهاجرين واللاجئين

بعد 10 سنوات من العمل في السويد.. مصطفى سيتم ترحيله بسبب راتبه وعمله غير الدائم

31/12/2024

 القوانين المتعلقة بالهجرة والمهاجرين في السويد الآن ليست كما كانت سابقًا. حاليًا، القوانين لا تتساهل ولا تنظر لأي جانب إنساني، وهذا ما حدث في قصة مصطفى، البالغ من العمر 25 عامًا، والمهدد بخطر الترحيل رغم أنه يملك إقامة، ولديه عمل، ودخل، ويدفع الضرائب. ولكن الهجرة السويدية رفضت تجديد إقامة مصطفى المؤقتة بعد تطبيق قوانين الراتب المرتفع لمن يحمل إقامة عمل، وهو مبلغ 28 ألف كرون شهرياً كحد أدنى لمن يريد العمل وتجديد إقامته في السويد. علمًا أن مصطفى يعيش في السويد منذ 10 سنوات كلاجئ، قضى معظم هذه السنوات كــ لاجئ مرفوض.




مصطفى أمضى ما يقارب عقدًا من الزمن في السويد. كان معظمها وهو لاجئ مرفوض، ولكن في ظل قوانين متسامحة سابقًا تخلق فرصًا للاجئين الذين يرغبون في العمل وإعالة أنفسهم والبقاء في السويد، استطاع مصطفى أن يحصل على عمل بعد تعلم اللغة السويدية بطلاقة، ويعمل كشيف في مدرسة سويدية. كان مصطفى يعمل طاهياً في مدرسة شيركمون بمدينة نوروندا جنوب سوندسفال، وأصبح رمزًا للاندماج والنجاح، لكن قرارات مصلحة الهجرة السويدية قلبت حياته رأسًا على عقب بإصدار أمر رفض تجديد إقامته وترحيله من السويد بسبب أن راتبه ضعيف ولا يتناسب مع قوانين الحد الأدنى من أجور تجديد إقامة العمل.

مصطفى أمضى ما يقارب عقدًا من الزمن في السويد.





مصطفى قادم من أفغانستان في موجة اللجوء الكبيرة إلى السويد في عام 2015، بعد أن فقد والده في صراعات أفغانستان. وصل إلى السويد وحيدًا وهو في سن الخامسة عشرة، باحثًا عن الأمان وفرصة لحياة جديدة. أنهى دراسته الثانوية في مدينة سكيلفتيو، ثم انتقل إلى مدينة سوندسفال حيث حصل على وظيفة في قطاع الرعاية الصحية قبل أن يعمل طاهياً في مدرسة ابتدائية.




لكن رغم جهوده الحثيثة لبناء مستقبل مستقر، فإن مصلحة الهجرة قررت رفض طلبه لتجديد تصريح الإقامة مرتين هذا العام. السبب؟ عدم حصوله على وظيفة دائمة أو دخل ثابت كافٍ وقت انتهاء تصريح إقامته السابق، وهو شرط أساسي للبقاء في السويد بموجب القوانين الجديدة.




صدمة القرار وردود الفعل الغاضبة
جاء القرار صادماً لمصطفى وللمجتمع الذي احتضنه. وقال مصطفى لصحيفة أفتونبلادت:
“لقد قضيت عشر سنوات في بناء حياتي هنا. كنت أعتقد أن اتباع القوانين والعمل الجاد كافٍ للبقاء، لكن الآن كل شيء ينهار.”

مصطفى يعمل شيف في مدرسة في السويد.





الممرضة المدرسية هيلينا ماتسون وصفت مصطفى بأنه جزء لا يتجزأ من المدرسة وعائلتها، حيث تربطه صداقة قوية مع ابنها، وأضافت:
“لقد بكيت عندما سمعت القرار. مصطفى هو روح المدرسة، ونحن لن نتخلى عنه.”




دعم قوي من الطلاب والمدرسة
أظهر الطلاب في المدرسة دعمًا كبيرًا لمصطفى، حيث قاموا برسم لوحات ملونة تحمل عبارات مثل “دعوا طاهينا يبقى” و”نحن نحبك”، وصنعوا تاجًا خشبيًا يحمل اسمه وعلقوه في قاعة الطعام تكريمًا له.

وقالت الطالبة ريبيكا كافوسي، 12 عامًا:
“إنه مثل الملك بالنسبة لنا. لا يمكننا تخيل المدرسة من دونه.”




تم جمع أكثر من 1000 توقيع في عريضة أطلقتها المدرسة، شملت دعمًا من الأهالي والمعلمين وأفراد المجتمع المحلي وحتى أشخاص من مناطق أخرى في السويد.

القانون في مواجهة الواقع
وفقًا لمحاميه بير ميربيري، فإن مصطفى كان يعمل في وظائف مؤقتة متصلة ببعضها البعض، وهو أمر شائع بين الشباب في السويد، لكن مصلحة الهجرة لم تعتبر ذلك كافيًا لتلبية شرط “الدخل الدائم”.

مصطفى سيتم ترحيله من السويد.

وعلّق المحامي:
“من النادر جدًا أن يحصل شاب سويدي على وظيفة دائمة مباشرة بعد التخرج، فما بالك بلاجئ بدأ من الصفر؟”




إضافة إلى ذلك، رفضت مصلحة الهجرة ادعاء مصطفى بأنه معرض للخطر في حال عودته إلى أفغانستان، معتبرة أن عدم توافق آرائه مع نظام طالبان لا يجعله مؤهلاً للحماية الدولية. وقوانين العمل لا تسمح له بالبقاء، فعليه مغادرة السويد.

مصطفى

لكن بعد رفض طلبه مرتين، يملك مصطفى الآن فرصة أخيرة لتقديم استئناف ثالث للمحكمة الدستورية. ونسبة نجاح الاستئناف لا تتجاوز 5 بالمائة. وإذا ما تم رفضه مرة أخرى، فقد يُجبر على مغادرة السويد في بداية العام المقبل بقوة الشرطة.




جدل حول سياسة الهجرة السويدية
أثارت هذه القضية تساؤلات حول نظام الهجرة السويدي، خاصة أن مصطفى يُعتبر مثالًا ناجحًا على الاندماج والإنتاجية. إذ كيف يُطلب من شخص ساهم في المجتمع وخلق علاقات قوية أن يُرحّل؟




لماذا يكرر السياسيون السويديون ليل نهار مطلب الاندماج بالعمل واللغة والدخل، بينما مصطفى يحقق جميع هذه الشروط؟ فلماذا الإصرار على فرض قوانين لترحيله ومن هم في وضعه؟

تقول هيلينا ماتسون بغضب:
“لقد استثمرنا في تعليمه ودمجه في السويد حتى أصبح قيمة مضافة للمجتمع، ثم نطلب منه المغادرة؟ أين المنطق في ذلك؟”



مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى