قصص المهاجرين واللاجئين

الهجرة السويدية تقرر ترحيل عائلة كاملة رغم امتلاكهم مطعماً ودفعهم الضرائب لسنوات

في السويد حاليًا يُعتبر القانون هو الأساس في جميع سياسات الهجرة، حيث تراجع الموقف الإنساني بشكل كبير حتى أصبح تفريق العائلات والأبناء عن الآباء أمرًا اعتياديًا في ظل قوانين هجرة مشددة. ومن هذه العائلات عائلة أمير توركمان زاده وزوجته تحمينه ساجدي، التي تدير واحدًا من أشهر مطاعم مدينة غرينّا (Gränna) في محافظة يونشوبينغ (Jönköping)، حيث يواجهون خطر الترحيل إلى إيران بعد رفض طلب لجوئهم ورفض طلب إقامة العمل.



قضية العائلة الإيرانية

وصل أمير وزوجته  إلى السويد في عام 2017 مع ابنهما الذي كان يبلغ حينها أربع سنوات. ومنذ ذلك الوقت، استقرّت العائلة في مدينة غرينّا، حيث تقدّموا بطلب لجوء، وأنجبوا طفلتهم الثانية، وافتتحوا في عام 2022 مطعمًا يُعد اليوم من أهم معالم المدينة السياحية. وهذا المطعم هو الوحيد في غرينّا الذي يعمل على مدار العام، وساهم في تنشيط الاقتصاد المحلي وتوفير فرص عمل.

أمير وزوجته




وعلى الرغم من النجاح والاندماج الكبير، فوجئت العائلة بقرار من مصلحة الهجرة السويدية برفض طلبهم، ثم بدأوا رحلة الاستئناف أمام المحكمة التي استمرت حتى عام 2022، ثم تقدموا بطلب تغيير المسار للحصول على إقامة عمل، كونهم يعملون في المطعم وهم شركاء في ملكيته. إلا أن مصلحة الهجرة رفضت طلبهم وأصدرت قرارًا يقضي بترحيلهم إلى إيران، وهو قرار وصفوه بأنه قائم على سوء فهم إداري، تحديدًا في هيكل إدارة المطعم.



وبحسب ما ذكرت إذاعة P4 يونشوبينغ، فإن أمير كان يعمل في طهي الطعام، بينما كانت زوجته عضوًا في مجلس إدارة الشركة التي تدير المطعم. هذا الأمر تبيّن لاحقًا أنه مخالف للوائح الهجرة المتعلقة بنوع تصاريح الإقامة والعمل، رغم أن العائلة لم تكن على علم بهذه المخالفة، وحاولت تصحيح الوضع فور معرفتها.



أمير يتحدث: “بُنيت حياتنا هنا… وهذا وطن أطفالنا”

يقول أمير:
“نحب السويد، ونشعر أننا جزء من السويد، ولم نأخذ أي مساعدات من الدولة، وعملنا بجد لبناء مستقبل أفضل. لقد بنينا كل شيء هنا، وأطفالي لا يعرفون غير هذه الحياة.”

راديو السويد -قضية أمير وزوجته

ويُعبّر أمير عن قلقه العميق على مستقبل طفليه، مؤكدًا أن ابنته الصغيرة لا تعرف شيئًا عن إيران، ولم تطأ أرضها من قبل، ولا تتحدث إلا السويدية. أما ابنه الأكبر، فيُعاني نفسيًا لفهم ما يحدث، ويجد أمير صعوبة في شرح الأمر لهما.
“كيف يمكن اتخاذ قرار بهذا التأثير الكبير على الأطفال؟ ماذا سيفعل أطفالي في إيران؟” – يتساءل أمير بحرقة.



حملة تضامن كبيرة… والمدينة تتحرك

لم يقف سكان غرينّا مكتوفي الأيدي، بل أطلقوا حملة تضامن واسعة، جمعت حتى الآن 900 توقيع، وهو رقم يمثل ثلث سكان المدينة، دعمًا لبقاء العائلة ومنع ترحيلها.

تقول كاترين كفيست، رئيسة جمعية الأعمال في غرينّا التي تقود الحملة:
“هذه العائلة عملت دون كلل، في العطل وفي الليالي، ووفرت وظائف للسكان. لا أفهم كيف يمكن لخطأ إداري أن يدمر كل هذا؟”



وتُضيف بقلق شديد:
“الأمر الذي يؤلمني أكثر هو مصير الطفلة الصغيرة، التي لا تعرف سوى السويد وطنًا. لا ينبغي لأي طفلة أن تُجبر على الذهاب إلى بلد غريب عنها تمامًا.”

العائلة أمامها 3 أسابيع فقط لتقديم استئناف رسمي ضد القرار، وتأمل في أن يتم إلغاء الترحيل ومراجعة الملف بناءً على الواقع الإنساني والاجتماعي الذي يعيشه الأطفال.




تحليل قانوني وإنساني

هذا النوع من القرارات يُظهر صرامة قوانين الهجرة السويدية في التعامل مع المخالفات الإدارية، حتى لو لم تكن مقصودة. لكنه يُثير أيضًا نقاشًا واسعًا حول مرونة القوانين ومدى مراعاتها لظروف العائلات والأطفال الذين نشأوا في السويد.
القرار قد يُشكّل سابقة قانونية فيما يتعلق بتأثير المخالفات الإدارية الصغيرة على مصير عائلات مستقرة.




مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى