تقارير

الفرق بين التوراة والإنجيل والقرآن .. ولماذا التصادم بين الأديان لسماوية الثلاثة؟

منذ فجر التاريخ، كانت الأديان السماوية الثلاثة – اليهودية، المسيحية، والإسلام – تحمل رسالة روحية وأخلاقية تهدف إلى تهذيب النفس الإنسانية، وإرساء قيم العدل والمحبة والتسامح. ومع ذلك، نجد أن هذه الأديان، التي يُفترض أنها تنحدر من مصدر إلهي واحد وتدعو في جوهرها إلى عبادة الله الواحد، قد دخلت في صراعات دامية عبر العصور، ولا تزال التوترات قائمة حتى يومنا هذا.

جذور التصادم: نصوص أم تفسيرات؟

عند النظر في نصوص الكتب السماوية الثلاثة – التوراة، الإنجيل، والقرآن – نجد دعوات واضحة للسلام والتعايش. ومع ذلك، هناك نصوص يمكن تأويلها بطرق تعزز النزعة الحصرية أو التمييز بين الأتباع والآخرين.

  • في اليهودية، تعتبر فكرة “شعب الله المختار” أحد المفاهيم الأساسية، والتي قد تُفسر أحيانًا بشكل يُقصي الشعوب والأديان الأخرى. ورغم أن هذا المفهوم يحمل في طياته مسؤولية أخلاقية وروحية، إلا أنه استُخدم تاريخيًا لتبرير التمييز والانعزال.
  • المسيحية جاءت برسالة حب وتسامح، مؤكدة على محبة الآخر وحتى الأعداء. لكن، مع مرور الزمن، ومع ظهور الانقسامات اللاهوتية والصراعات السياسية، استخدمت نصوص الإنجيل لتبرير الحملات الصليبية واضطهاد من لا يتبع العقيدة المسيحية.
  • الإسلام، الذي اعترف باليهودية والمسيحية كديانات سماوية سابقة، أكد على احترام أهل الكتاب، إلا أن الصراعات التاريخية والتفسيرات المتشددة لبعض النصوص ساهمت في خلق انقسامات عميقة.

الاعتراف والتجاهل: مفارقات دينية

أحد الجوانب المثيرة للدهشة هو موقف كل ديانة تجاه الأخرى. فاليهودية لا تعترف بالمسيحية ولا الإسلام كامتداد للوحي الإلهي، بينما يعترف المسيحيون بالعهد القديم (التوراة) لكنهم لا يقبلون بالقرآن كنص سماوي. في المقابل، يعترف الإسلام بالديانتين السابقتين ويعتبر موسى وعيسى (عليهما السلام) رسلًا من الله.

رغم هذا الاعتراف، نجد أن التصادم لم يهدأ، بل تعمق مع مرور الوقت، مدفوعًا بعوامل سياسية واقتصادية وثقافية أكثر منها دينية. فقد استُغلت النصوص الدينية لتبرير حروب وصراعات لا علاقة لها بجوهر الدين الحقيقي.

لماذا العنف رغم وحدة المصدر؟

  • التفسيرات المتطرفة: أحد الأسباب الرئيسية هو استغلال النصوص الدينية وتأويلها بطرق متشددة تخدم أجندات سياسية أو أيديولوجية. فكل طرف يختار النصوص التي تدعم قضيته ويتجاهل الدعوات للتسامح.
  • السياسة والدين: غالبًا ما تتشابك الصراعات الدينية مع المصالح السياسية، حيث تُستخدم العقيدة كأداة لتعبئة الجماهير وتبرير العنف.
  • الخوف من الآخر: الاختلافات الدينية تخلق أحيانًا حاجزًا نفسيًا، حيث يُنظر إلى الآخر كتهديد للهوية والقيم.

هل يمكن تجاوز التصادم؟

رغم التاريخ الدموي، هناك دائمًا أمل في الحوار والتفاهم. فالتحدي الحقيقي ليس في النصوص ذاتها، بل في كيفية تفسيرها وتطبيقها. الأديان السماوية تحمل في جوهرها رسالة حب وسلام، لكن تحقيق هذه الرسالة يتطلب إرادة جماعية لفهم الآخر وقبوله.

الفرق بين التوراة والإنجيل والقرآن ومجالات تركيز كل منها

1. التوراة (الكتاب المقدس لليهود – العهد القديم)

المصدر: وُحي الله إلى النبي موسى عليه السلام وسائر أنبياء بني إسرائيل.

المحتوى:

  1. تتضمن الأسفار الخمسة: (التكوين، الخروج، اللاويين، العدد، التثنية).
  2. تحتوي على الوصايا العشر والشرائع اليهودية.
  3. تسجل قصة خلق الكون، وقصص الأنبياء مثل نوح، إبراهيم، ويوسف.
  4. تتحدث عن خروج بني إسرائيل من مصر ومعجزات موسى عليه السلام.

التركيز الأساسي:

  1. التوحيد وعبادة الله الواحد.
  2. الشريعة اليهودية (الأحكام والتشريعات).
  3. تاريخ بني إسرائيل وارتباطهم بالأرض المقدسة.

2. الإنجيل (الكتاب المقدس للمسيحيين – العهد الجديد)

المصدر: وحي الله إلى عيسى المسيح (يسوع عليه السلام) وتلاميذه.

المحتوى:

  1. يتكون من الأناجيل الأربعة (متى، مرقس، لوقا، يوحنا).
  2. يتضمن تعاليم المسيح ومعجزاته.
  3. يتحدث عن ميلاد المسيح وحياته ورسالته.
  4. يركز على المحبة والتسامح والغفران.
  5. يحتوي على رسائل بولس وسير الرسل الأوائل.

التركيز الأساسي:

  1. الدعوة إلى الإيمان بالله والتوبة.
  2. الحب والتسامح والخلاص.
  3. البشارة بالملكوت السماوي.

3. القرآن الكريم (الكتاب المقدس للمسلمين)

المصدر: وحي الله إلى النبي محمد ﷺ عن طريق جبريل عليه السلام ، وهو .

المحتوى:

  1. 114 سورة موزعة بين مكية ومدنية.
  2. يتحدث عن التوحيد وأسماء الله وصفاته.
  3. يحتوي على قصص الأنبياء والأمم السابقة.
  4. يضع أحكام الشريعة الإسلامية (العبادات، الحدود، المعاملات).
  5. يتحدث عن يوم القيامة والجنة والنار.
  6. يؤكد على استمرارية الرسالة الإلهية من آدم إلى محمد ﷺ.

التركيز الأساسي:

  1. التوحيد الخالص لله وتنزيهه عن أي شريك.
  2. الهداية والتشريع الشامل لكل جوانب الحياة للإنسان.
  3. التذكير بالآخرة والمصير النهائي للإنسان.
  4. توضيح مصير الأمم السابقة وتصحيح التحريف الذي وقع في الكتب السابقة.
  5. شعائر وأحكام كاملة لحياة المسلم الدنيا -معاملات -عبادات- علاقات – اجتماعية واقتصادية ومعيشية.

القرآن الكريم يعتبر الكتاب الخاتم والمكمل لما جاء في التوراة والإنجيل، وهو يصحح ما تعرض له الوحيان السابقان من تحريفات حسب المعتقد الديني الإسلامي بينما لا تعترف كل من اليهودية بالكتاب المثدس الإنجيل والقرآن ولا تعترف المسيحية بالقرإن أو الدين الإسلامي ولكنها اعتبرت الإسلام دين سماوي ضمنياً

هل تعترف الأديان السماوية ببعضها؟

الأديان السماوية الثلاثة (اليهودية، المسيحية، الإسلام) تتشارك في الإيمان بالله، لكن كل دين ينظر إلى الأديان الأخرى من منظور مختلف:

  1. اليهودية:
    • لا تعترف بالإنجيل ولا بالقرآن كوحي من الله.
    • لا تؤمن بعيسى عليه السلام كنبي، وتعتبره شخصية تاريخية فقط.
    • لا تعترف بمحمد ﷺ كنبي أو بالقرآن ككتاب مقدس.
  2. المسيحية:
    • تعترف بالتوراة (العهد القديم) كجزء من الكتاب المقدس المسيحي.
    • لا تؤمن بأن القرآن وحي من الله، وتعتبر أن المسيح هو المخلص وابن الله، وهو ما يختلف مع العقيدة الإسلامية.
    • بعض الطوائف المسيحية ترى أن الإسلام ظهر كحركة دينية لكنها لا تعترف بنبوّة محمد ﷺ.
  3. الإسلام:
    • يؤمن بالتوراة والإنجيل ككتب سماوية، لكن يعتبر أن النصوص الأصلية تعرّضت للتحريف.
    • يعترف بموسى وعيسى عليهما السلام كأنبياء مرسلين من الله.
    • يعتبر أن القرآن هو الوحي النهائي والمصحح لما سبقه.

ماذا تقول اليهودية والمسيحية عن القرآن؟

1. موقف اليهودية من القرآن:

  • لا تؤمن اليهودية بأن القرآن وحي من الله.
  • لا تعترف بنبوة محمد ﷺ وترى أن النبوة توقفت عند أنبياء بني إسرائيل.
  • بعض اليهود يعترفون بأن الإسلام دين توحيدي لكنه ليس امتدادًا لليهودية.
  • بعض الدراسات اليهودية ترى القرآن كتابًا يحمل تعاليم أخلاقية لكنه ليس كتابًا إلهيًا.

2. موقف المسيحية من القرآن:

  • الكنيسة المسيحية لا تعترف بالقرآن ككلام الله.
  • بعض الطوائف ترى أنه يحتوي على حقائق لكنه ليس موحى به.
  • بعض المسيحيين يرون أن القرآن يحمل تعاليم قريبة من التوحيد المسيحي لكنه يختلف في تصور الله والمسيح.
  • هناك نقاشات لاهوتية بين المسيحيين والمسلمين حول مفهوم المسيح، التثليث، والرسالة المحمدية.

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى