السويد تحتفل بيوم الربيع أو “فالبورغ” وإشعال النار.. عادة تاريخية بين المسيحية والوثنية
تحتفل السويد اليوم الأحد 30/4 . بيوم الربيع واسمه يوم “فالبورغ Valborg ” وهو اليوم الذي توقد فيه النيران في جميع أنحاء السويد، إعلانًا عن نهاية فصل الشتاء، واستقبالاً لفصل الربيع من جديد. . فلماذا سُمي احتفال الربيع بفالبورغ، وما هي قصة النيران التي يتم إشعالها أثناء الاحتفالات؟
كلمة فالبروغ تأتي من اسم “القديسة فالبورغ” ، و وفقاً للقصة المتداولة كانت أميرة إنكليزية دُعيت من قبل رئيس أساقفة في ألمانيا الأب “بونيفاتيوس” لمساعدة المسيحيين الألمان الجدد ، لتصبح لاحقاً المشرفة على على الراهبات .
واصبحت ذات شهرة كبيرة .. وبعد وفاتها عام 779، بسنوات قليلة نُقل جثمانها إلى مدينة آيخستات الالمانية لِتدفن في الأول من مايو/أيار هناك، وطوبتها الكنيسة الكاثوليكية لاحقاً بلقب “قديسةً” في العام 870 الميلادي .. .
لكن ذلك ليس كل شيء، فكما في قصة القديسة لوسيا، فإن الأسطورة الوثنية حاضرة هنا أيضاً في عمق القصة المسيحية، ففي ذلك الوقت من العصور الوسطى تطورت ممارسات دينية دخيلة من الوثنية على الديانة المسيحية المنتشرة حديثاً في ألمانيا ، حيث تم خلط الكثير من قصص وتقاليد الوثنينة بالمسيحية التي بدأت تنتشر في الغرب الأوروبي.
وتشير الأسطورة الوثينية إلى أن الساحرات يتجمعن في ليلة 30 إبريل/نيسان، ويطيروا على مكانس مصنوعة من القش أو على ظهور ذكور الماعز الى الأماكن المرتفعة القديمة، للانضمام إلى الشيطان والتحضير لأعمال الشر. وبهدف تفريقهن وتشتيت قوتهن يقوم الأهالي بإصدار الضجيج والصياح وإشعال النيران في هذا اليوم 30 إبريل . وتم دمج هذا الاحتفال في مظاهر احتفالات المسحيين بالقديسة فالبروغ – ومن هنا جاء إشعال النار في هذا اليوم 30 إبريل ثم انتقل للسويد وفنلندا .
فالبورغ بنسخته السويدية
رغم جذور الاحتفال القادمة من ألمانيا والتي وصلت إلى السويد في وقت ما قرابة العام 1400 ميلادياً،حيث تحولت السويد للمسيحية ، ورغم إنه دخول الاحتفال إلى السويد بنفس الفكرة الدينية مسيحية المخلوطة بعادة وثنية ، إلا أن السويديون كان لهم قصة أخرى خاصة بهم عند الاحتفال بيوم ” فالبورغ ” بنسخته السويدية ـ و التي تشبه إلى حد كبير ـ النسخة الفنلندية أيضا ، فهذا اليوم في السويد ” فالبوريغ ” يرمز إلى إشعال النار لإحراق الماضي، وافساح المجال أمام المستقبل الجديد.
ومن ضمن المعتقدات السويدية الوثنية القديمة ، أن هذا اليوم هو الحدود الفاصلة بين الأحياء والأموات وتكون هذه الحدود في أضعف حالاتها في هذه الليلة، فيمكن على سبيل المثال أن يلتقي الأحياء بطيف الأحبة ممن رحلوا عن عالمنا إن حالفهم الحظ.
كما إن في السويد تطلق في هذا اليوم الحيوانات القروية التي تم حبسها خلال الشتاء الثلجي في الحظائر إلى المراعي لتناول الطعام بحرية ورؤية الشمس وممارسة النشاط والحياة ، فكان الفلاحون في السويد قديما يشعلون النيران في هذا اليوم أيضاً لإخافة وإبعاد الحيوانات المفترسة عن حيوانات المزرعة، ومازال تقليد إطلاق الماشية في هذا اليوم سارياً في مختلف أنحاء السويد، وعلامة فارقة على حلول فصل الربيع.
مناسبتان في نفس اليوم
الحقيقة أن مناسبة فالبورغ في 30 إبريل/نيسان تتوافق مع مناسبة سويدية أخرى ذات طابع وطني، هي الاحتفال بعيد ميلاد الملك كارل السادس عشر غوستاف. وعلى الرغم من ذلك، إلا أنه ليس عطلةً رسمية، مع الأخذ بعين الاعتبار أن معظم نشاطاته المسائية التي قد تستمر في بعض الأحيان إلى ساعات متأخرة من الليل تأتي عشية الاحتفال بعيد العمال في اليوم التالي الأول من مايو/أيار، الذي هو يوم عطلة رسمية.
إن احتفال فالبورغ بطابعه الشعبي العام، عادة ما يجري في أماكن مفتوحة يجري تحديدها سلفاً كمواقع للتجمع، وتأخذ طابعاً جماهيراً بمشاركة العشرات والمئات في القرى و الآلاف في المدن الكبرى .
ومع تجمع أهالي البلديات في الأماكن المخصصة يتم تجميع كومة كبيرة من أغصان الأشجار والأخشاب، وغالباً ما يبدأ الاحتفال في ساعات المساء بإنشاد أغاني الربيع، وإحراق كومة الأغصان والأخشاب لينتهي الاحتفال مؤقتاً، ومع حلول ساعات الليل تبدأ دفعة جديدة من الاحتفال بإطلاق الألعاب النارية.