تقارير

السلطات المصرية تشدد الخناق على إقامة الوافدين مع تدفق للنازحين ومنهم عرب السويد

مصر، البلد المستضيف لملايين الوافدين من الدول العربية والإفريقية، تشهد اليوم ضغوطًا متزايدة على بنيتها الاقتصادية والخدمية نتيجة لتدفق عدد كبير من اللاجئين والنازحين. وتشير الإحصائيات إلى أن عدد الوافدين  العرب والأجانب، بمن فيهم اللاجئين، في مصر أكثر من 10 ملايين، ما يزيد من الضغط على الموارد والخدمات العامة مثل الكهرباء والرعاية الصحية والتعليم. في هذا السياق، بدأت السلطات المصرية في تشديد إجراءات الإقامة للأجانب والعرب، وفرض قيود إضافية على إدخال أبناء الوافدين إلى المدارس، في وقت تتزايد فيه التكاليف المعيشية وأسعار السلع والخدمات الأساسية.




ضغوطات سكانية واقتصادية متزايدة
تشير التقارير إلى أن اللاجئين السودانيين يشكلون شريحة كبيرة من الوافدين الجدد إلى مصر والذين سببوا نوع من الضغط على المجتمع المصري ، إلى جانب السوريين واليمنيين والأفارقة والعراقيين والفلسطينيين، الذين يفرون من النزاعات والظروف الصعبة في بلدانهم. ومع استمرار الأزمة الاقتصادية العالمية، وتأثر الاقتصاد المصري بشكل مباشر، ارتفعت تكاليف المعيشة في مصر، بما في ذلك أسعار الإيجارات، والنقل، والكهرباء، وحتى الخدمات الصحية وهو ما سبب صدمة للمواطن المصري وكذلك للوافدين العرب.




وفقًا لبعض التقديرات، يشكل اللاجئون والمهاجرون الأفارقة ما يقارب 2 مليون شخص في مصر، بينما يقدر عدد السوريين في مصر بنحو نصف مليون، إضافة إلى ما يقدر بمئات الآلاف من اليمنيين والعراقيين والفلسطنيين والليبيين وجنسيات أخرى مثل إثيوبيا وجنوب السودان.




شهدت مصر في السنوات الأخيرة تحولًا واضحًا في بعض الأحياء السكنية، حيث أصبحت أشبه بدول مصغرة لجاليات عربية، ما جعل هذه المناطق تبدو وكأنها امتداد ثقافي لدول أخرى. ففي مدينة السادس من أكتوبر ومدينة نصر وعين شمس، تشكلت تجمعات للسوريين حول مطاعمهم ومتاجرهم، حيث تنتشر محلات تبيع البضائع والملابس السورية التقليدية وتخدم بشكل كبير الجالية السورية المقيمة. كما شهد شارع فيصل في الجيزة تواجدًا ملحوظًا لليمنيين، حيث تنتشر المطاعم والمتاجر اليمنية التي تحمل أسماء تقليدية، وترى العائلات اليمنية تملأ المقاهي وتظهر بالزي اليمني الرسمي في الشارع، ما يضفي طابعًا يمنيًا على المنطقة.




السودانيون أيضًا لهم حضور واسع في مناطق مثل مصر الجديدة ومدينة نصر ووسط البلد، حيث ازدادت الكثافة السكانية للجالية السودانية، وظهرت متاجر ومطاعم تعكس ثقافتهم. وفي “مدينتي” بالقاهرة الجديدة، يمكنك أن ترى خليطًا من الجنسيات العربية، ما يعطي إحساسًا بأنك في حي عربي خارج حدود مصر، إذ يتعايش المصريون مع مختلف الجنسيات العربية في بيئة متكاملة ثقافيًا واجتماعيًا، مع توافر الخدمات والمحال التي تلبي احتياجات الجاليات بشكل خاص.





تشديد إجراءات الإقامة والتعليم
استجابة لهذه الأعباء، اتخذت السلطات المصرية إجراءات أكثر صرامة فيما يتعلق بمنح تصاريح الإقامة، حيث باتت تتطلب إجراءات أكثر تعقيدًا وتدقيق، وتجديدها أصبح أكثر صعوبة مقارنة بالسنوات السابقة. واصبحت الإقامات تصدر 6 شهور إقامة سياحية يجب تجديدها بما بقارب 150 دولار أمريكي للشخص كل 6 شهور مع إجراءات طويلة  تحتاج وقت طويل من المتابعة الحكومية ، كما تم تشديد إجراءات قبول الأطفال الوافدين في المدارس الحكومية والخاصة، وفرض شروط وإجراءات يراها البعض معقدة ، ما يمثل تحديًا كبيرًا للأسر الوافدة لمصر التي تسعى لضمان تعليم جيد لأبنائها.




علاوة على ذلك، أصبحت هناك قيود مشددة تتعلق بالمعاملات الحكومية، ما يزيد من صعوبة الاستثمار “الفردي” أو العمل بالنسبة للوافدين. هذه الإجراءات تجعل الأجانب والعرب الأفراد القادمين لمصر في إطار الهجرة الفردية والنزوح واللجوء الجماعي يشعرون بصعوبة الاستقرار في مصر، خاصة أولئك أصحاب الوضع المالي الضعيف الذين اختاروا مصر كوجهة بديلة للعيش، بما فيهم العرب القادمون من دول أوروبا مثل السويد، الذين انتقلوا إلى مصر للهجرة العكسية بعد استقرارهم في أوروبا.




الأسباب الكامنة وراء تشديد الإجراءات في مصر
تتأثر قرارات السلطات المصرية إلى حد كبير بالوضع الاقتصادي العام والضغط المجتمعي. فمصر تعاني من نقص في النقد الأجنبي وتواجه تحديات تمويلية كبيرة، إلى جانب التضخم المرتفع الذي أثر على القدرة الشرائية للمواطنين المصريين وسبب استياءً ملحوظًا لدى بعض المصريين من الوضع الاقتصادي.





وكذلك من تدفق الوافدين وما ينعكس من ضغط على خدمات مثل السكن والمواصلات، خصوصًا في ظل التنافس على الخدمات العامة، وارتفاع أسعار الإيجارات التي وصلت إلى مستويات قياسية. بجانب الصراع في الشرق الأوسط الذي تحملت مصر جزء من تكاليفه بخسائر عائدات قناة السويس وتراجع ملحوظ في السياحة.




تأثير الإجراءات على الوافدين العرب والأجانب
وجدت مجموعات من الوافدين، بمن فيهم السويديون من أصول عربية، أنفسهم يواجهون تحديات جديدة، رغم نواياهم للاستقرار في مصر. هؤلاء الوافدون يواجهون صعوبات في إجراءات الإقامة والتعليم والعمل مع تعامل قد يعتبره البعض “مشدد” من السلطات، مما يجعلهم يشعرون بضغط جديد على الرغم من كونهم قادمين من دول ذات مستوى معيشة مختلف مثل السوريين القادمين من السويد. ولكن بشكل عام فإن السلطات المصرية ربما بدأت تطبق القوانين لضبط تدفق الهجرة إليها ووقف التساهل في دخول وإقامة الوافدين.





تقول بعض الأسر التي اختارت الهجرة العكسية إلى مصر  قادمين من السويد إن الظروف قد أصبحت أصعب بكثير، خصوصًا فيما يتعلق بالوضع المالي وصعوبة العمل أو إيجاد دخل مستقر في مصر ومع تعامل السلطات المشدد التي أصدرت قرارات ترحيل للبعض منهم بسبب مخالفة تجديد الإقامة ، حيث لم تعد السلطات المصرية تتسامح مع أي مخالفات ، بجانب ارتفاع الإيجارات وعدم توفر فرص عمل أو استثمار فردي مضمون وصعوبة إلحاق أبنائهم بالمدارس.




 الحاجة إلى حلول مستدامة
ورغم هذه التحديات، لا تزال مصر وجهة للكثير من اللاجئين والوافدين الباحثين عن الأمان والاستقرار بعيدًا عن أوطانهم المضطربة. حيث أن السلطات المصرية لا زالت ترحب بالقادمين الوافدين للسياحة والعلاج والزيارات العائلية وفقاً للقوانين المعمول بها في البلاد مع محاول الحزم مع المخالفين لإجراءات الإقامة المشددة أو جعل مصر بوابة للنزوح الجماعي من الجاليات القادمة من دول صراعات فالاقتصاد والمجتمع المصري لا يستطيع تحمل أعباء اللاجئين والنازحين، في وقت أغلقت فيها معظم الدول العربية والغربية أبوابها في وجه اللاجئين النازحين من بلادهم خصوصا دول الخليج التي لديها قدرات مالية هائلة مقارنتاً بمصر .





ولمواجهة هذا الوضع المعقد  تحدث مسؤولين مصريين حول ترحيب مصر الدائم بالوافدين العرب ، مع الإشارة لضرورة  توفر سياسات متوازنة تتناول احتياجات المصريين والوافدين على حد سواء، مع تحسين الخدمات الأساسية والتخفيف من الضغوط الاقتصادية، وتقديم برامج دعم دولية لمساعدة مصر على استيعاب هذه الأعداد الكبيرة من الوافدين بطريقة لا تضر بالاقتصاد والمجتمع المصري، وتضمن حياة كريمة للوافدين في الوقت ذاته.



مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى