أسرة عراقية تفقد طفلتها في البحر بعد الرفض في السويد وفرارهم من الترحيل لبريطانيا
مأساة اللجوء في أوروبا ، قد تتحول آمال اللاجئين لأكفان وعزاء لهم ولأطفالهم ـ فبعد قضاء عائلة عراقية سنوات في أوروبا بين السويد وفرنسا، تم إبلاغهم أنه سيتم ترحيلهم إلى العراق. خوف الأب على مستقبل أبنائه جعله يتخذ قرار محاولة العبور لبريطانيا لتقديم طلب لجوء جديد له ولعائلته، فتوجه نحو جنوب مدينة كاليه الفرنسية للعبور بحراً إلى بريطانيا . ولكن ماتت ابنته الصغرى أثناء الرحلة التي فشلت .
الأب والأم وأطفالهم الثلاثة هذه قصتهم ، ركب أحمد الهاشمي البالغ من العمر 41 عاما، قارباً متجها من فرنسا نحو بريطانيا، ولم يعلم أن الرحلة ستنتزع منه أصغر أطفاله، سارة البالغة من العمر قيد حياتها 7 سنوات فقط.
لقد كان أحمد يبكي بحرقة ويصرخ على الشاطئ، كان يضرب صدره بغضب، ويستسلم للحزن والشعور بالذنب. ولم تكن ابنته الصغرى سارة الضحية الوحيدة، بل واحدة من خمسة ضحايا لقوا حتفهم في الحادث الذي وقع نهاية شهر إبريل. وكانت هذه هي المحاولة الرابعة لأسرته لعبور القناة منذ وصولهم إلى منطقة باس دو كاليه قبل شهرين.
ويقول الاب أحمد الهاشمي، إنه غادر بلده العراق قبل 14 عاماً بعد تعرضه للتهديد على يد الميليشيات، وأن ابنته سارة ولدت في بلجيكا وعاشت في السويد، لكن كل طلبات اللجوء التي قدمها باسم أسرته في مختلف دول الاتحاد الأوروبي تم رفضها.
وأضاف “لو كنت أعلم أن هناك فرصة بنسبة 1% لأتمكن من إبقاء أطفالي في بلجيكا أو فرنسا أو السويد أو فنلندا، لما حاولت المغادرة بهذه الطريقة. كل ما أردته هو أن يذهب أطفالي إلى المدرسة، أريد أي مساعدة. أنا وزوجتي نستطيع العمل، أردت فقط أن أحمي كرامتهم”.
وألقت الشرطة القبض على الأسرة خلال محاولاتها السابقة، لكن أحمد قال إن المهربين أكدوا له أنه مقابل 1500 يورو (1280 جنيهًا إسترلينيًا) لكل شخص بالغ، ونصف لكل طفل، سيوصلونهم نحو الضفة الأخرى من القناة رفقة 40 شخصًا آخر معظمهم من العراق، على متن قارب.
يحكي أحمد أن سارة كانت هادئة في البداية، وكانت تمسك بيده أثناء سيرهما من محطة القطار في ويميرو إلى غاية وصولها إلى الشاطئ. قبل الساعة السادسة صباحًا بدقائق، قامت المجموعة بنفخ الزورق المطاطي، وأمرهم المهربون بحمله إلى المياه والانطلاق.
بمجرد صعوده على متن القارب، أبقى الهاشمي ابنته الصغرى سارة على كتفيه، لكنه أنزلها بعد ذلك لمساعدة ابنته الأخرى رهف للصعود على متن القارب. فجأة، انفجرت قنبلة غاز مسيل للدموع بالقرب منهم وبدأت سارة بالصراخ.
توسل أحمد إلى من حوله، ومن بينهم شاب سوداني كان من بين الذين انضموا إلى القارب في اللحظة الأخيرة، أن يتنحوا جانباً للسماح له بالوصول إلى طفلته الصغرى. رغم محاولاته الوصول إلى ابنته، لكن الشاب تجاهله تماماً.
ولم يتمكن الهاشمي من الوصول إلى جثة ابنته بسرعة بعدما لفظت أنفاسها وهي تحت أقدام المهاجرين. بعدما وصل رجال الإنقاذ الفرنسيين إلى القارب وأنزلوا بعضاً من ركابه البالغ عددهم 112 شخصاً، رأى أحمد جثة طفلته الصغيرة. قال “رأيت رأسها في زاوية المركب، كانت زرقاء بالكامل، كانت ميتة عندما أخرجناها، لم تكن تتنفس”.
رفضت طلبات لجوء كثيرة للأسرة، آخرها طلب قدمه الأب في السويد بدعوى أن مدينة البصرة التي ينحدر منها آمنة. يقول “ما حدث كان رغماً عني، لقد نفدت الخيارات. يلومني الناس للمخاطرة ببناتي؟ ولكني قضيت 14 عاماً في أوروبا وحتى الآن أتلقى رفضا على طلبات لجوئي”.
خلال الأيام التي تلت الحادث، قامت السلطات الفرنسية بتقديم الرعاية للأسرة، في انتظار دفن جثة سارة.
وداع سارة في السويد!
في التفاتة إنسانية، بعثت معلمة سارة في أوديفالا بالسويد، إيفا جونسون، رسالة لقناة BBC، نعت فيها الطفلة الصغيرة بحزن عميق ووصفتها بأنها كانت “لطيفة وطيبة. وقالت أيضا في تسجيل الفيديو “كان لدى سارة الكثير من الأصدقاء في المدرسة، وكانوا يلعبون معاً طوال الوقت”.
وأضافت المتحدثة قائلة “في فبراير/شباط، سمعنا أنه سيتم ترحيلها وأن ذلك سيحدث بسرعة، لقد تلقينا إشعاراً بذلك قبل يومين”. وأكدت المعلمة أنه بعد علمهم بوفاتها، تجمع الطلاب في المدرسة ووقفوا دقيقة صمت حزنا على وفاتها.
وقالت المعلمة “من المؤسف للغاية أن يحدث هذا لعائلة لطيفة كهذه وقد صدمت حقًا بشأن قرار ترحيلهم”. وأنهت المعلمة رسالتها بالقول “لا تزال صورة سارة أمامنا في القسم، وسوف نحتفظ بها هنا طالما يريد الأطفال ذلك”.