يوم عاشوراء بين السنة والشيعة. يوم اختلاف وليس يوم اتفاق؟
عاشوراء عند الشيعة؟
في يوم عاشوراء -العاشر من محرم- سنة 61هـ، قُتل حفيد الرسول ﷺ الحسين بن علي بن أبي طالب في أرض كربلاء بالعراق، على يد الجيش الموالي لبني أمية بعد أن خذله أهل العراق. أصبحت هذه الحادثة الدامية واحدة من أهم الذكريات الأليمة في تاريخ الفكر الإسلامي بوجه عام، وتاريخ التشيع على وجه الخصوص.
عاشوراء عند السنة؟
في يوم عاشوراء -العاشر من محرم، توجد ذكرى أخرى لا تقل أهمية، وهي تلك التي يفرح فيها أهل السنة والجماعة بنجاة النبي موسى وبني إسرائيل من ملاحقة فرعون وجيشه.
وما بين حزن الشيعة بمقتل سيد شباب أهل الجنة الحسين، وفرحة السنة بنجاة كليم الله موسى، اعتادت المجتمعات الإسلامية أن تشهد مجموعة من المشاعر المتضاربة في عاشوراء من كل عام. فهو يوم اختلاف وليس يوم اتفاق تاريخ العالم الإسلامي
تروي بعض المصادر السنية أن الحزن على الحسين وما حدث لآل بيت الرسول ﷺ أمر مفجع، والسنة تناصر وتمجد الحسين وآل بيت الرسول ، ولكن لا تلتفت لذكرى مقتله ولا إحياء ذكراه، كون إحياء الذكرى يدخل في باب “البدع” وفقاً لمذاهب أهل السنة ،وهو فعل لم يحدث في زمن الرسول، كما أن السنة لا تقوم بإحياء مقتل عمر بن الخطاب ولا عثمان بن عفان ولا إحياء ذكراهم.
على الجهة المقابلة، ترفض المصادر الشيعية تلك الروايات، وتؤكد أن يوم عاشوراء لم يتمتع بأي مكانة خاصة إلا في العام الحادي والستين من الهجرة، عندما خرج الحسين بن علي بن أبي طالب إلى العراق، متوجهًا إلى أنصاره في الكوفة. فلما وصل إلى منطقة كربلاء، قطع الجيش الأموي عليه الطريق وحاربه، وقتله مع مجموعة من أنصاره.
وبما أن السنة من المسلمين الذين تبلغ نسبتهم 85 بالمائة من تعداد المسلمين حول العالم، يعتبرون عاشوراء يوم يتم الصيام فيه، لما نُسب إلى النبي من قوله إن صيام يوم عاشوراء يكفر ذنوب السنة السابقة: “إن يوم عاشوراء يوم عيد، فمن صامه فقد كان يصام، ومن تركه فلا حرج”. ويقصد بيوم عيد، يوم نجاة موسى عليه السلام من فرعون مصر. ولكن بشكل عام، فإن يوم عاشوراء عند السنة لا يكون فيه أي مظاهر خاصة، لا احتفال ولا إحياء لذكرى نجاة موسى، وربما لا يشعر به أحد.
في هذا الإطار، هل هناك اختلاف وانتقاد من الطرفين؟ نعم، يوجد، حيث تنظر السنة إلى احتفال الشيعة بعاشوراء الذي يرمز لمقتل الحسين عليه السلام بأنه احتفال يحمل الكثير من البدع ومظاهر لا علاقة لها بالإسلام أو الدين، بينما ينظر الشيعة إلى السنة بأنهم لا يُجلّون الحسين ولا يحزنون لحزن آل البيت وما وقع لهم من أهوال وظلم ، ويميلون لبني أمية.
ويرفض السنة طبعًا هذه التأويلات، حيث أنهم يؤكدون على مكانة الحسين ولكن لا يكفرون بني أمية ولا يعادونهم بالمطلق ، كما أن السنة تؤكد على انتشار البدع في مظاهر الاحتفال بمقتل الحسين في عاشوراء من قبل الشيعة وما يحدث من إساء لبعض الصحابة.
في العصر الحديث، تحتفل العراق وإيران وبعض من أفغانستان وأذربيجان واليمن ولبنان والبحرين وشرق السعودية بذكرى عاشوراء على الطريقة الشيعية، بينما ظلت مظاهر يوم عاشوراء عند أهل السنة كيوم نجاة موسى من فرعون ظاهرة في البلدان المغاربية وأرياف مصر.
وبين مفاهيم عاشوراء يظل هذا اليوم له رمزية مهمة في أسس المذهب الشيعي وفي منهج مذهبهم كجزء من الإيمان، بينما لا يعتبره أهل السنة إلا يوم نجاة موسى، وغير ذلك من البدع التي دخلت في الدين الإسلامي، وبين الطرفين يظل عاشوراء علامة فارقة في الاختلاف بين الفريقين السنة والشيعة وليس نقطة التقاء.
المصطلحات التي وردت بالمحتوى مقتبسة من أدبيات إسلامية تتلاءم مع معتقدات المتابعين –