ماذا تعرف عن موارد سوريا؟ كميات هائلة من النفط والغاز والفوسفات بمئات المليارات
يشكل موقع سوريا الجغرافي عقدة ربط مهمة لطرق التجارة الدولية بين الشرق والغرب، ونقطة عبور مشروعات محتملة للنفط والغاز من الجنوب إلى أوروبا، مرورا بتركيا، التي تجاورها بشريط حدودي يمتد طوله نحو 800 كيلومتر.
وعلاوة على أهميتها الجيوسياسية، التي سال لها لعاب الغرب عقب انهيار الدولة العثمانية، وتحول بلاد الشام لمناطق نفوذ تقاسمتها بريطانيا وفرنسا مطلع القرن العشرين، تمتلك سوريا موارد طبيعية متنوعة، كالنفط والغاز والفوسفات والزراعة، إلى جانب موارد أخرى لا تقل أهمية، مثل السياحة والآثار والمدن القديمة وصناعات ناشئة مثل النسيج والملابس والمواد الغذائية المعبأة.
أهم موارد سوريا
تُعد سوريا، وفق خبراء في الاقتصاد، من أغنى دول المنطقة بمواردها الطبيعية، فهي تملك النفط والغاز والفوسفات، وتنتج القمح والقطن والزيوت ولحوم المواشي بكميات وفيرة، كما تنتج مصانعها المنسوجات والمواد الغذائية.
ويمتلك اقتصادها المتنوع عوامل قوة وموارد مادية وبشرية متأصلة، إضافة إلى خبرات متراكمة في ميادين الصناعة والتجارة والزراعة، لطالما حققت حضورا إقليميا وعربيا ودوليا.
1- النفط
ويتربع النفط في مقدمة الثروات الطبيعية التي تمتلكها سوريا، ويعد قطاعا رئيسيا في اقتصاد البلاد، ويحتل احتياطيه المرتبة 31 على المستوى العالمي. وتتركز أغلب آباره في محافظتي الحسكة ودير الزور والرقة شمالي وشرقي البلاد.
ويقدّر موقع “أويل برايسز” الأميركي، المتخصص في شؤون الطاقة، في تقرير نشره عام 2019 مجمل احتياطي سوريا من النفط بنحو 2.7 مليار برميل بقيمة سوقية تصل 250 مليار دولار بمتوسط أسعار النفط في ديسمبر 2024. يمثل 0.2% من إجمالي الاحتياطيات العالمية البالغة نحو 1.6 تريليون برميل، وهي نسبة تقارب احتياطي المملكة المتحدة البالغ 2.8 مليار برميل.
غير أن إنتاج النفط هبط حسب موقع بريتش بتروليوم من 400 ألف برميل يوميا في عام 2011، العام الذي بدأت فيه الاحتجاجات ضد نظام بشار الأسد، ووصل إلى 15 ألف برميل في سنوات الصراع حتى وصل تراجعه ما بين 15 إلى 80 ألف برميل يوميا في 2023. والمفترض أن سوريا تنتج حاليا بين 700 إلى 750 ألف برميل يومياً بعائد يومي يصل إلى 60 مليون دولار يومياً.
الغاز
أما بالنسبة للغاز، فقد بلغت الاحتياطيات المؤكدة من الغاز الطبيعي في سوريا نحو 9 تريليونات قدم مكعبة، في نهاية عام 2010 تمثل 0.1% من إجمالي الاحتياطيات العالمية. بعوائد تقدر بـ 900 مليار دولار تعتبر ثروة مستقبلية لسوريا.
وفي هذا السياق، توقعت الهيئة الجيولوجية الأميركية وجود احتياطات طبيعية أخرى في البحر، لم تُكتشف تقدر بنحو 700 مليار متر مكعب. ويتركز إنتاج الغاز في منطقتي الحسكة ودير الزور شمالي شرق البلاد. وكان إجمالي إنتاج سوريا من الغاز تراجع من 30 مليون متر مكعب في اليوم عام 2011 إلى 10 ملايين متر مكعب يوميا عام 2023. بقيمة 30 مليون دولار يومياً يستخدم أكثر من نصفها للإنتاج المحلي.
الفوسفات
تقدر المؤسسة العامة للجيولوجيا والثروة المعدنية (حكومية سورية) حجم احتياطي سوريا من الفوسفات بنحو ملياري طن تقريبا. تنتج سنويا 2.5 مليون طن، بينما تصدر مليوني طن، ويُستهلك الباقي داخل البلاد. وبالتالي فإن عائدات سوريا السنوية من تصدير الفوسفات تصل إلى 400 مليون دولار سنويا.
وتتوزع مكامن الفوسفات في خنيفيس بمنطقة تدمر وسط بادية الشام، وفي منطقة الحفة في جبال الساحل السوري إلى الشرق من مدينة اللاذقية. ويعتبر الفوسفات السوري، حسب المصدر، من أجود أنواع الفوسفات في العالم.
السياحة
على صعيد السياحة، تشير الإحصائيات الرسمية، إلى أن عدد زوار سوريا بلغ في عام 2010 قبل الصراع الأهلي وبدء الثورة نحو 8.5 ملايين سائح، وبلغت عائدات القطاع في العام نفسه 30.8 مليار ليرة سورية (8.4 مليارات دولار) وفق سعر الصرف آنذاك، مما يشكل نسبة 14% من الاقتصاد. وإذا عاد مستوى السياحة في سوريا لنفس المستوى السابق فإن العائدات قد تصل 12 مليار دولار سنويا ، بجانب تحويلات السوريين في الخارج حيث يوجد مابين 2 مليون سوري في دول الخليج وأوروبا قادرين على تحويل مايقارب 6 مليارات دولار سنويا لسوريا كعملة أجنبية مهمة,
في حين انعدمت حركة السياحة بين عامي 2011 و2019 واقتصرت على زيارات السوريين لبلادهم والزيارات للمزارات الشيعية في دمشق.
نظام الأسد وهدر الموارد
يرى خبراء الاقتصاد الدوليين، أن إنتاج القطاعات الثلاثة (النفط والغاز والفوسفات) خضع لانكماش وفق الأرقام التي توفرها الحكومة، حتى في مرحلة ما قبل الحرب، وكثيرا ما تعمد النظام السابق تجنب الحديث عن أي أرقام فعلية دقيقة تتعلق بالوضع الاقتصادي بشكل عام.
وأوضح أن سياسة الغموض التي كان يتبعها، خصوصا فيما يتعلق بالموارد الطبيعية التي يجري استثمارها، واحتياطيه من العملات الأجنبية، تواصلت حتى فترة متقدمة، وخضع المكتب المركزي للإحصاء، مصدر المعلومات الرئيسي، لها لتجميد منصته الإلكترونية لسنوات، وعندما فعّلها خلت الأرقام المتاحة من أي تحديث.
المقدرات الزراعية في سوريا
ويشكل قطاع الزراعة – إلى جانب النفط – ركيزة أساسية للاقتصاد السوري وفق دراسات البنك الدولي.
وتبلغ مساحة الأراضي الصالحة للزراعة نحو 32% من مساحة سوريا، في حين يسهم قطاع الزراعة بنسبة 28% من الناتج المحلي الإجمالي. وتفيد تقارير شبه رسمية بأن سوريسا يمكن أن تحقق اكتفاء ذاتي كامل من المنتجات الزراعية وانتاج اللحوم والتصدير للخارج ، ولكن الزراعة التي كان يُنظر إليها كركيزة أساسية للتنمية، وموردا متجددا لمنتجات الاستهلاك، أو التصنيع أو التصدير، جرى إهمالها على صعيد التطوير والتحديث، وتعرض القطاع لهزة كبيرة مع بداية الانفتاح عام 2005 بسبب انتقال عماله إلى القطاع الحكومي الوظيفي براتب مقطوع، على إثر موجة الجفاف التي ضربت مناطق زراعية عديدة داخل البلاد.
إلى جانب القمح، اشتهرت سوريا بزراعة القطن، الذي يعتبر نوعه من أجود أصناف القطن في العالم، وتفضله أوروبا على غيره، لإنتاج منسوجات عالية الجودة. حيث كانت حلب ومدن سورية مركز لصناعات النسيج والملابس والمواد الغذائية، ولكن كل ذلك تم تدميره وتجاهل نظام الأسد بناء أو تطوير هذه القواعد الصناعية التي هرب الكثير من أصحابها إلى تركيا ومصر ولبنان لإعادة فتح النشاط لتخسر سوريا قواعدها الصناعية الناشئة. وينتظر الآن معرفة البوصلة الاقتصادية لسوريا وهل سيتم حصر هذه الموارد واستثمارها لوضع سوريا ومواطنيها في موقع مالي واقتصادي مميز يعكس ثراء بلادهم!